لم تكن زيارة الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي للمملكة العربية السعودية ومباحثاته مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز زيارة عادية كمثل كل الزيارات التي يتبادلها قادة الدول. الزيارة لا تكمن كونها أول خروج للرئيس المصري بعد انتخابه في زيارة رسمية، بل أيضاً لأنها تتم بين قيادتي بلدين يعول عليهما العرب والمسلمون الكثير في وقت تتكالب عليهم المشاكل، ولا تخفي كثير من القوى الدولية والاقليمية في السعي لمد نفوذهم وتنحية القرار العربي الإسلامي الصحيح بعد تغول الإسلام السياسي الطائفي، ولهذا فإن الزيارة تفرز مشروع الإسلام الوسطي السني الذي أكد الرئيس مرسي بأن مصر مع المملكة حاميتان وراعيتان لهذا المشروع الذي فيه منجى للإسلام والمسلمين وبلدانهم. والذي أكدته الزيارة التي حظيت بمتابعة دقيقة للعديد من الدوائر والقوى السياسية؛ فالسعوديون والمصريون كانوا حريصين على التقاط كل الاشارات والدلالات التي رافقت الزيارة وتخللتها ولاحظوا كما كانت حميمية اللقاء بين الرئيس المصري وخادم الحرمين الشريفين، إذ ظل الرئيس محمد مرسي معانقاً للملك عبدالله فترة وجيزة تجسد صفاء سريرة الرئيس وحبه الخالص لأحفاد الرعيل الأول من المسلمين الخالصين، وكان الرجل في أحاديثه يترجم تعلق المصريين بمهبط الوحي، ومثوى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. العلاقات المصرية السعودية ليست فقط استراتيجية ومتجذرة إلا أنها تؤكد أنهما بلد واحد يفصل بينهما بحر لسواحله وشائج محبة لا تتأثر بتغير نظام أو رئيس؛ فهناك من رابط المصاهرة والنسب ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما، ولهذا كانت الزيارة ناجحة ومترجمة لما يشعر به البلدان ومواطنيهما، والذي خرجت به دوائر الرصد الإقليمي والدولي وبعضها لا يريد لهذه العلاقة أن تكون متميزة، بأن زيارة الرئيس محمد مرسي رغم قصر زمنها والتي استمرت يومين، قوت العلاقة السابقة، وتنبأ بأن هناك مستقبلا زاهرا ينتظر هذه العلاقة، وسينعكس إيجابياً على مجمل العلاقات العربية والإسلامية؛ فبالنسبة للعلاقة الثنائية بين البلدين ستشهد العلاقات الاقتصادية وخاصة في مجال الاستثمارات دفعة قوية جداً مستندة على تبادل المصالح وتفعيل للمشاريع الإنتاجية مع تعزيز ورفع وتيرة التنسيق السياسي لخدمة المصالح العربية والإسلامية. المراقبون الإقليميون والدوليون والمفكرون من السعوديين والمصريين وحتى الناس العاديون وجدوا في الزيارة نقلة نوعية كبيرة للعلاقات السعودية المصرية، وأنها ستكون ذات تأثير إيجابي على مجمل القضايا العربية التي تأثرت نتيجة انشغال المصريين بالشأن الداخلي ومساندة الرياض للقاهرة في معالجة هذا الشأن سيكون لصالح العرب جميعاً، ولا تقتصر فوائده على المصريين والسعوديين فحسب. [email protected]