أكدت دراسة سياسية حول العلاقات السعودية المصرية أن هناك ثوابت تحكم العلاقات بين المملكة العربية السعودية ومصر منذ بداية نظام الدولة في المملكة, وأن إلحاق الضرر أو إسقاط هذه الثوابت يضر بالمستقبل العربي كله، باعتبار أن المملكة ومصر هما الدولتان الأهم والأكثر تأثيراًَ في السياسات العربية على مدى الستين عاماً الماضية دون إغفال لبقية أدوار أخرى تتميز من حيث تأثيرها بالموسمية، حيث تظهر في فترات وتكاد تختفي في فترات أخرى، بل إن واحدا منها يكاد ينعدم حاليا في الظروف الراهنة وهو الدور العراقي. وأوضح صاحب الدراسة المحلل السياسي والخبير في الشئون العربية عبد الحليم المحجوب الدورين السعودي والمصري يستندان إلى مقومات جغرافية، عكس الأدوار العربية الأخرى، وتؤهل هذه المقومات كل منهما لممارسة تأثير فعال في مناطق ومواقع بالغة الحساسية من الزاوية الإستراتيجية، فضلاً عن خلفيات تاريخية تدعم امتلاكهما لقدرة المبادرة والفعل على الصعيدين العربي والإسلامي وليس فقط انتظار رد الفعل، حيث تمتلك كل من المملكة ومصر من الثروات الطبيعية والبشرية ما يؤهلهما لتحمل أعباء الأدوار والمسئوليات المفروضة على كل دولة على حدة أو عليهما معا. ولفت المحجوب في دراسته إلى أنه يدعم ذلك توفر ثقافة الحركة والانتشار المتاحة لكل من المملكة ومصر بدرجات متفاوتة، وبما يحول دون تقوقع أي منهما داخل حدوده الجغرافية. وأكدت الدراسة أن البيئة الإقليمية والإستراتيجيات الدولية في المنطقة تحولان دون أن ينكب أي من الدولتين، على همومه الخاصة المحلية حتى لو اختار ولاة الأمر هذا الطريق. وأكد محجوب أن العلاقات بين البلدين, في ضوء تداعيات المتغيرات الراهنة، تكتسب أهمية خاصة، ليس فقط في إطارها الثنائي، وإنما في ضوء تداعياتها المحتملة على الصعيدين العربي والإقليمي عامة. وأوضح المحجوب، أنه من الضروري تأكيد أن بحث تطوير العلاقات بين الرياضوالقاهرة لا يستهدف معالجة اللحظة الراهنة في مصر، وإنما الأمر يستهدف التصدي لفترة ما بعد المرحلة الانتقالية، خصوصاً بعد تبلور معالم جديدة للأوضاع السياسية في مصر مغايرة تماما لما كان عليه الوضع قبل 25 يناير 2011. وتحدثت الدراسة عن الأسس الإستراتيجية للعلاقات بين البلدين فأشارت إلى مجموعة من الافتراضات المؤثرة على مسار هذه العلاقات والوضع العربي العام، ومنها التأكيد على الأهمية الإستراتيجية للبلدين باعتبار أن توافقهما حول سياسات مشتركة يمثل عامل استقرار جوهري في المنطقة العربية، وأن المطلوب الآن هو بحث آليات هذا التوافق، أما الدخول في مواجهات صراع بينهما فيمكن أن يحدث اضطرابا عاما في النظام العربي كله وأشار المحجوب في دراسته إلى أنه لا يوجد ما يسمى بتصدير الثورة، حيث فشلت التجربة الإيرانية وتجارب أخرى عربية، مؤكداً أن التمكين في الداخل وامتلاك كل دولة لمقومات الاستقرار الحقيقي هو المحرك الرئيسي لانتهاج سياسات إقليمية ودولية نشطة ومثمرة في مواجهة كافة المشروعات والاستراتيجيات المناوئة للعرب والمسلمين. وأوضح أنه افتراضيا لا يوجد في الواقع تصادم إستراتيجي أو تضارب في المصالح بين المملكة ومصر وأن اختلاف المنهج السياسي يمكن معالجته في إطار احتياجات الأمن القومي كما تفرضها الأوضاع الجيوإستراتيجية. ونبهت الدراسة في الختام إلى أنه ينبغي الابتعاد عن الأساليب العشوائية والانفعال في معالجة أي أزمة قد تهز العلاقات، وأنه يجب أن تتم المعالجة بدقة وببحث عميق وشامل ولفتت الدراسة إلى أن المملكة هي التي تصدت لمحاولات بعض الدول العربية في عام 1979 لامتداد المقاطعة العربية لمصر بعد التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد لتشمل مصالح الشعب المصري في المنطقة ممثلة في العمالة المصرية التي تعمل في الدول العربية ووقف خطوط الطيران والملاحة البحرية وغيرها من المصالح المصرية الأخرى.