مازالت المسؤولية الاجتماعية لم تأخذ حقها من التغطيات الإعلامية في مختلف وسائل الإعلام والاتصال، فهناك مؤسسات وشركات كبرى لديها برامج متميزة وإدارات متخصصة لخدمة المجتمع، وأبرمت عقودًا واتفاقات مع جهات خدمية وخيرية كبرى في المملكة تستهدف انعكاس برامجها على المجتمعات الموجودة بداخلها، فضلاً عن قيام جهات أخرى بتخصص مبالغ ضخمة لإنفاقها في هذا المجال وبصور متعددة، ولكن كل ذلك لم يشعر به المجتمع بصورة كافية تنعكس إيجابًا على الشركات والمؤسسات. وقد يعود التقصير الإعلامي في هذا المجال لعدة جوانب أهمها: عدم وجود إستراتيجية إعلامية لدى الشركة أو المؤسسة لإبراز نشاطها الاجتماعي والخدمي وفق الأسس الإعلامية والعلمية، التي تقوم على الخطط والإستراتيجيات، أو عدم إيمان القائمين على هذا النشاط المهم والحيوي بإبرازه إعلاميًا، علاوة على ذلك قد يكون هناك تقصيرٌ من قبل وسائل الإعلام في عدم اهتمامها بمثل هذه الأنشطة وعدم تخصيص أبواب أو نوافذ إعلامية لتوضيح المسؤولية الاجتماعية وانعكاساتها الإيجابية على المجتمع، بالإضافة إلى تشجيع جهات أخرى في السير على خطى المهتمين بأنشطة المسؤولية الاجتماعية بحيث تستفيد منها كافة القطاعات في البلاد سواء كانت العلمية أو التعليمية أو السكنية أو مساعدة الفقراء والمحتاجين في المجتمعات أو إقامة مراكز لتأهيل الشباب للحصول على فرص وظيفية مناسبة. ومن الجوانب الإيجابية التي لاحظتها وجود مجلس المسؤولية الاجتماعية في منطقة الرياض برئاسة شرفية لسمو أمير المنطقة، وهذا التحرك وهذه الخطوة المتميزة أسهمت في ظهور كيان يضم بين طياته الشركات والمؤسسات المهتمة بالمسؤولية الاجتماعية، فضلاً عن مساهمة المجلس في تنظيم المعارض والندوات والمؤتمرات التي تسهم في تشجيع الآخرين على تفعيل هذا النشاط، والأهم من ذلك كلّه بدأنا نشهد اهتمام وسائل الإعلام والاتصال في المملكة ببرامج المسؤولية الاجتماعية، لينعكس ذلك إيجابًا على المجتمع ويسهم في قيام شركات أخرى بتفعيل هذا النشاط لديها بحيث يكون جزءًا من اهتماماتها. إن المسؤولية الاجتماعية في بلد مهم مثل المملكة العربية السعودية يحتاج إلى خريطة طريق مدروسة بشكل علمي تحوّل هذا النشاط إلى جزء من تركيبة المجتمع، بحيث تسهم في تغيير بعض السلبيات الموجودة في المجتمعات وتحولها إلى أنشطة فاعلة وإيجابية، تعمل على إيجاد نوع من التفاعل والتعاون فيما بين الشركة والمجتمع الذي تخدمه، فضلاً عن تغيير الصورة الذهنية السلبية التي ترسم لدى الكثيرين عن الشركات بأن اهتماماتها تقف عند جمع الأموال وتحقيق الأرباح دون الاهتمام بالمجتمع وأبنائه. إن الشركات الكبرى لا بد أن تضع لنفسها إستراتيجية واضحة المعالم تسهم في إبراز دورها الاجتماعي بشكل فاعل بعيدًا عن التقليدية والعشوائية، وأن تسير وفق خطط وبرامج طموحة تسهم في إحداث تغيير حقيقي داخل المجتمع يكون واقعًا ملموسًا يتحدث عنه الجميع ويتحول إلى نموذج يحتذى به.