سعادة رئيس تحرير الجزيرة الأستاذ خالد بن حمد المالك -وفقه الله لكل خير-.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: لقد اطلعت على المقال المنشور في جريدتكم يوم الاثنين الموافق 21 رجب 1433ه العدد 14501 ص10 بعنوان (راقصة ليلاً محجبة نهاراً) للأستاذ فهد بن جليد إلا أنه قال في معرض مقاله (تقول العرب إذا لم تستح فاصنع ما شئت)؛ وهذا حديث رواه البخاري بسنده عن أبي مسعود قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ماشئت). قال في جامع العلوم والحكم: فقوله صلى الله عليه وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى يشير إلى أن هذا مأثور عن الأنبياء المتقدمين وأن الناس تداولوه بينهم وتوارثوه عنهم قرناً بعد قرن وهذا يدل على أن النبوات المتقدمة جاءت بهذا الكلام وأنه اشتهر بين الناس حتى وصل إلى أول هذه الأمة. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) في معناه قولان: أحدهما: أنه ليس بمعنى الأمر أن يصنع ما شاء ولكنه على معنى الذم والنهي عنه. وأهل هذه المقالة لهم طريقان.. أحدهما: أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد والمعنى: إذا لم يكن لك حياء فاعمل ما شئت فإن الله يجازيك عليه كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (سورة فصلت: 40) وقوله تعالى: فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِه (سورة الزمر: 15). والطريق الثاني: أنه أمر ومعناه الخبر والمعنى أن من لم يستح صَنَعَ ما شاء فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر وما يمتنع من مثله من له حياء على حد قوله صلى الله عليه وسلم: (من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) فإن لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر وأن من كذب عليه تبوأ مقعده من النار). وهذا اختيار أبي عبيد القاسم بن سلام -رحمه الله- وابن قتيبة ومحمد بن نصر المروزي وغيرهم وروى أبو داود عن الإمام أحمد ما يدل على مثل هذا القول. عبدالرحمن بن صالح الدغيشم - الرياض