الظروف التي تعيشها المنطقة العربية مضطربة على الصعد كافة لم تشهدها المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وكأن المنطقة موضوعة على صفيح ساخن، فما يدعى بالربيع العربي في طريقه للتحول لخريف جاف من حيث تطلعات الشعوب للحرية والديمقراطية، حيث لم يؤت أوكله المأمولة، والأحقاد الطائفية أصبحت تطل برأسها على الساحة، وتجاوزت مرحلة التقية للكشف عن وجهها البغيض، هذا إلى جانب أن شعوب المنطقة والتي يمثل الشباب أغلبها أصبح لهم مجتمعات افتراضية تتجاوز حدود مجتمعاتهم الحقيقية، الأمر الذي زاد حالة الاضطراب الفكري والنفسي لدى شريحة منهم. كل هذا يضاف لما تعانيه المنطقة من أعمال إرهابية من خلايا تنام وتستيقظ أحياناً. هذه الحالة المضطربة تفرض متطلبات مرحلية استثنائية لصفات ولي العهد ومسئول الملف الأمني للمملكة العربية السعودية لكي تواصل المملكة مخرها بأمان - إن شاء الله - في هذا الخضم المضطرب والتي أثبتت الأحداث الأخيرة أن الدول العربية الملكية أكثر استقراراً فيه من جميع التركيبات السياسية العربية الأخرى، هذه الشمائل والصفات - في تقديري - إن من أهمها الحكمة والحزم. قدرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - أيده الله بتوفيقه - على الاستقراء الدقيق لمتغيرات المرحلة ومعرفته برجاله جعلته يصيب الحكمة في اختيار الأمير سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع وسمو الأمير أحمد بن عبد العزيز وزيراً للداخلية. وهو اختيار يلبي المتطلبات المرحلية وينسجم مع إجماع الأوساط السياسية والإعلامية والنخبوية سواء داخل المملكة أو خارجها. تنص الفقرة (ب) من المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم على أن يتم مبايعة الأصلح للحكم من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء، والفقرة (أ) من المادة السابعة من نظام هيئة البيعة تمنح الملك الحق بعد التشاور مع أعضاء الهيئة في اختيار من يراه لولاية العهد. الأمر الملكي الذي صدر بتعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز تضمن إشارة لمقتضى هذه الفقرات. الأمير سلمان يمتلك من الصفات الشخصية والحكمة القيادية والحزم ما يجعل الجميع ينظر إليه على أنه الأصلح لولاية العهد، وهي صفات يتقاطع سمو الأمير أحمد بن عبد العزيز معه في كثير منها، ولعل من أهم الميزات التي تجمعهما صفحة الحزم، وهي صفة تتطلبها المرحلة، ولا غرو في ذلك فكلاهما نهل من معين مدرسة المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - لذلك لم تكن هذه التعيينات مفاجئة بل كانت متوقعة وبنسبة عالية. وكلا الأميرين يتكئ على رصيد من الخبرة السياسية التي تجعله مؤهلاً لتسنم مراكز القيادة والحكم في البلاد. فسمو الأمير سلمان تفوق خبرته نصف قرن في مجال الحكم المحلي والإدارة، بصفته أمير عاصمة المملكة، إذ له قدرة عجيبة في معرفة خفايا الأمور، كما أن لدية إمكانية فائقة في التقدير والحدس. أما الأمير أحمد فلدية قدرة وحس أمني يمكنه من معرفة التفاصيل الدقيقة بدرجة تستوقف من يتحدث معه. أقول هذا من منطلق معايشتي لمواضيع تمت معالجتها بتوجيهاتهما. اللهم ارحم فقيدنا نايف الأمن والحكمة، واحفظ قائد مسيرتنا وولي عهده الأمين ووزير أمننا وحكومتنا الرشيدة وشعبنا الوفي، ووفقنا لما تحبه وترضاه. - وزارة الداخلية [email protected]