لم يكن مفاجئاً الأمر الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولياً للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للداخلية؛ فالفقرة (أ) من المادة السابعة من نظام هيئة البيعة تمنح الملك الحق بعد التشاور مع أعضاء الهيئة في اختيار من يراه لولاية العهد وفقاً لما تنص عليه الفقرة (ب) من المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم، التي تشترط أن تتم مبايعة الأصلح للحكم من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء. أقول لم يكن مفاجئاً لأن الأمور أصبحت تدار - ولله الحمد - وفقاً لدستور معلن. هذا من جانب، ومن جانب آخر لأن الأمير نايف يمتلك من الصفات الشخصية والإنجازات العملية والحكمة القيادية ما تجعله الأصلح، وهو الشخصية التي كانت جميع الأوساط السياسية والإعلامية والنخبوية، سواء داخل المملكة أو خارجها، تتنبأ بولايته للعهد. واختيار خادم الحرمين الأمير نايف يدل على حكمته - حفظه الله - وهي حكمة طالما تجلت بها قيادتنا الرشيدة في المواقف الحاسمة. فسمو الأمير نايف يتمتع بالهدوء ورباطة الجأش والحكمة والروية وبُعد النظر والشمولية في المعالجة والقدرة على فهم أدق تفاصيل الأمور، وهو قيادي حازم متخذ للقرارات حاسم في ساعات الحسم. أقول هذا من خلال خبرتي لأكثر من عشرين عاماً في العمل بوزارة الداخلية؛ حيث تأتي توجيهاته دائماً - حفظه الله - قطعية الدلالة والوضوح، تجده ليناً من غير ضعف في مواقع اللين قوياً من غير شدة في مواقع القوة، يغضب في حالة التعدي أو التطاول على قيم ومبادئ الدين والأخلاق، له معرفة لا تضاهى بالرجال، يمنح من يكلفه الفرصة الكافية قبل أن يعفيه مما كلفه به. خبرته الطويلة في مجال الأمن بشكل عام والسياسة وإشرافه على مهام كبيرة كمهمة الحج، التي أجزم بأنه لا تدانيها مهمة على مستوى العالم، وذلك من خلال ترؤس سموه لجنة الحج العليا، وكذلك إشرافه على ملفات شائكة مثل ملف مكافحة الإرهاب والأمن الفكري، تجعل سموه متفرداً في خبرةٍ تمكن حاملها لأن يكون الأصلح للاختيار. والخطط والإجراءات والتنظيمات التي أعدتها المملكة، ممثلة بوزارة الداخلية تحت توجيهات سموه، في إدارة الحج والجهود المبذولة في برنامج تأهيل الموقوفين بقضايا إرهابية، الذي انقسم إلى قسمين: الأول المناصحة قبل المحاكمة، والثاني رعايتهم بعد قضاء المحكومية، أشادت بها هيئات ومنظمات دولية، وعلى سبيل المثال طلبت عدد من الدول الاطلاع على خبرات المملكة في إدارة الحشود، كما ثمن مجلس الأمن الدولي الجهود السعودية في تأهيل ومناصحة الموقوفين، ودعا إلى تعميمها عالميًا والاستفادة منها؛ حيث نجحت تلك الجهود في إعادة الكثير من المغرر بهم إلى جادة الصواب. كما حصلت المملكة، ممثلة بسموه، على العديد من الأوسمة والجوائز في عدد من المجالات؛ وذلك تقديراً للدور الإنساني الذي يقوم به سموه، كدوره المتميز في الإشراف على اللجان والحملات الإغاثية للمعوزين واللاجئين بالعالم، وبالأخص الشعوب الإسلامية. بلا شك إن هذا الرصيد من الخبرة والتاريخ الحافل بالإنجازات والصفات الشخصية المتفردة، التي من أبرزها الحكمة لسمو الأمير نايف بن عبد العزيز، سهلت على قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين اختيار عضده الأيمن وولي عهده الأمين، كما حفزت ودفعت أعضاء هيئة البيعة وهم يبحثون عن الأصلح إلى التأييد والمبايعة لسموه. اللهم ارحم فقيدنا سلطان الخير، واحفظ قائد مسيرتنا وولي عهده الأمين وحكومتنا الرشيدة وشعبنا الوفي، ووفقنا لما تحبه وترضاه. د. فيحان بن دعيج العتيبي