عند وفاة الملك فيصل - رحمه الله- كنا في لندن كوفد حسن النوايا إلى بريطانيا برئاسة معالي الدكتور غازي القصيبي وعضوية معالي الدكتور عبد الله نصيف وسعادة الأستاذ عبد الله علي رضا ومشاركتي، وكان هدف الوفد الذي أرسله المرحوم الملك فيصل شرح أسباب ارتفاع أسعار البترول والتنمية في المملكة، عندما دلفنا إلى قاعة سوق لندن للأسهم أبلغنا أحد الإخوان أن الملك فيصل - رحمه الله- تعرّض لمحاولة اغتيال وأنه تم إلغاء اجتماعنا مع كبرى الشركات والمستثمرين تقديراً لمشاعرنا. اتجهنا للسفارة السعودية وقابلنا معالي السفير آنذاك الحليسي وكنا جميعاً في حالة يُرثى لها من الحزن والارتباك، في خضم الحديث مع معالي السفير تبرعت بالإشارة إلى أنه خلال دقائق سيحلّق حول مبنى السفارة عدد من الصحفيين وشركات التلفزة، وكان يجب أن يكون لدينا ما نقوله، اعتذر السفير بدبلوماسية عن عدم إمكانية المقابلة وقلت لأبي سهيل وساندني الإخوان أنت لها وهذا جزء من مهمتنا. خرجنا من مبنى السفارة وواجهنا سيلاً من المراسلين وعلى رأسهم مراسل البي بي سي بيتر سنو وبادر جميعنا بالسؤال عن المملكة. أبلغهم الدكتور غازي القصيبي أن الأمور في المملكة منظمة وسلسلة ومتفق عليها وأنه لا خوف أبداً على الأوضاع، حيث يبايع الملك خالد - رحمه الله- ملكاً وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد الأمير آنذاك ولياً للعهد وأن انتقال الحكم سيكون سلساً وسهلاً وفق المنظور الخاص بالمصلحة الوطنية واستناداً لخبرات متراكمة في انتقال الولاية من سيد إلى سيد طيلة مسار الدولة السعودية. أدخل بهذه المقدمة الطويلة إلى أن اختيار صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع يأتي انطلاقاً من اختيار الكوادر المدربة والخبرات المتراكمة وتعزيزاً للمسيرة الوطنية للمحافظة على الإنجازات والبناء عليها. ولنا في مهنية وسلاسة انتقال كرسي ولاية العهد خلال الستين سنة الماضية إلى كل من جلالة الملك خالد والملك فهد والأمير سلطان والأمير نايف خير شاهد. إن تعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان وبإجماع كبير من كافة المواطنين باعتبار سموه أحد الأعمدة الأساسية لأساس الدولة الحاكمة ومن كبار العاملين في حقل التنمية والبناء ويحمل سموه رصيداً كبيراً من الخبرات والمهنية والاتصالات محلياً ودولياً، فقد استقبل على أعلى درجات الاستقبال وبما يليق برؤساء الدول في السويد وإسبانيا وروسيا والهند، وأينما حلَّ ورحل، ويجد فيه كافة أبناء المملكة ركناً أساسياً في سلالة الحكم ورصد المواقف. ويحمل معه سموه إلى طاولة مجلس الوزراء ولجانه المختلفة ووزارة الدفاع كماً هائلاً وناجحاً من التجارب العملية والاتجاهات المتتالية سواء في تنمية مدينة الرياض أو في التواصل مع مختلف أبناء المملكة ومعرفته لأسرها وقراها ومدنها ويتمتع سموه بذاكرة عجيبة في حفظ الأسماء والألقاب والأسر، بل إنه يستدل بالشبه أحياناً على بعض مراجعيه. وقد اختص سموه خلال سنوات عملية الطويلة في إمارة الرياض بالحضور المبكر إلى مكتبه في ساعات الصباح الأولى وقضاء سحابة يومه في حل كافة المشاكل ومتابعة أمور البناء والتنمية، وكذلك يحفل نشاطه الأسبوعي باستقبال المواطنين والزوار في منزله وكذلك زيارة المرضى في المستشفيات ومواساة المواطنين في أتراحهم ومشاركتهم في أفراحهم، ولا أنسى وهو في قمة حزنه وألمه على وفاة صاحب السمو الملكيالأمير سلطان بن عبد العزيز أن ساهم في تقديم واجب العزاء لبعض أسر الرياض التي فقدت أحباءها في نفس الفترة. كما أن إشرافه المباشر على دارة الملك عبد العزيز والمكتبة الوطنية وأعمال البر وتحفيظ القرآن والهيئات الدعوية ومجموعة إنسان ومركز الأمير سلمان لأمراض الكلى وكثير من النشاطات والملفات الداخلية إلى جانب الملفات الخارجية والمهمات التي أوكلت إليه خلال السنوات الماضية. وقد كان سبّاقاً في إنجازات التنمية والبناء والتطور وتحويل مدينة الرياض إلى عاصمة عربية رائدة في تخطيطها ونموها السكاني. إن الحديث عن الأمير سلمان بن عبد العزيز وإنجازاته وخبراته واهتماماته يطول وإن المجال في هذه المناسبة لا يتسع لتعداد مناقب ومؤهلات وخبرات وصلاة سموه، فله منا الدعاء بالتوفيق والنجاح. والله ولي التوفيق [email protected]