فجعنا يوم الجمعة الماضي وفي الساعة التاسعة مساءً بنبأ وقوع الحادث المروري المروع الذي تعرض له فضيلة المفتش القضائي بوزارة العدل الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن لعبون وزوجته وأولاده... وهم في طريقهم إلى مكةالمكرمة... لقد لقيت زوجته، وأم أولاده حتفها في الحال- رحمها الله- وأسكنها فسيح جناته وألهم الله أطفالها. ووالدتها. وإخوانها الصبر والسلوان. وتعرض الشيخ لإصابات بالغة، ونقل وهو في غيبوبة ليرقد في أحد المستشفيات في مدينة الطائف... وحالته حرجة... تتطلب رعاية طبية خاصة. تناقلت وسائل الإعلام ومواقع الانترنت الخبر ونشرته الصحافة.. بذل أفراد أسرته وأحبابه الجهود لمساعدته، منهم من أسرع إلى هناك. ومنهم من بقي في الرياض ليتقبل التعازي في الفقيدة، ومنهم من يتابع إجراءات نقله إلى الرياض. كان هناك تجاوب سريع وجهود مشهودة ومشكورة من كبار المسؤولين والأحباب في هذا البلد المبارك. خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - أمر بإخلاء طبي للشيخ... وأمر بالعلاج... وكذلك فعل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان وزير الدفاع رعاه الله... وكذلك أمر صاحب السمو الملكي الأمير سطام أمير منطقة الرياض جزاه الله خيرًا... وتابع الأمرمعالي وزير الصحة الربيعة... وشفع معالي وزير العدل العيسى... وشفع معالي الشيخ صالح بن حميد المستشار في الديوان الملكي... إضافة إلى شفاعة ومتابعة الكثيرين من المشايخ, والعلماء, والمسؤولين, والوجهاء, والأصدقاء, والأقرباء... الأمر طارئ ولا يحتمل التأخير, ولذلك كنا نتوقع أن الشيخ سيأتي به الإخلاء الطبي إلى إحدى مستشفيات العاصمة عاجلاً!! ولكن عذرًا شيخنا الفاضل... سأكون معك صريحًا، باءت جهودنا المضنية بالفشل، فإن الإخلاء تأخر... وسيتأخر!! نعلم أن والديك... في الرياض قلقان على وضعك الصحي الحرج... ونعلم أنك تعاني في غيبوبتك بعيدًا عنهما, وأنت الذي كنت على الدوام تذكر فضلهما وأفضالهما عليك في كل مناسبة ولقاء... ونعلم أنك تعاني لبعدك عن أبنائك... وأنك قلق على حالهم... أبناؤك افتقدوك... بعد أن اختطفت يد المنون والدتهم... عذرًا شيخنا الفاضل... نحن مثلك نعاني لمعاناتك... لم ندّخر جهداً... قمنا بكل ما نستطيع... وقام كل من حولنا بالواجب وأكثر... أمر المسؤولون بالإخلاء الطبي لنقلك... أمروا المستشفيات بقبولك وعلاجك فوراً... شيخنا العزيز... عذرًا لم نجد لك سريراً!! أين مواكبة خدماتنا الطبية؟؟ إننا نفتخر بنهضتنا التي شملت مختلف القطاعات, وتمثلت في التوسع العمراني, والتزايد السكاني, وإنشاء شبكات الطرق السريعة, وبناء المدن الصناعية وغير ذلك كثير. إننا نفتخر بنهضتنا العلمية, وبناء عشرات الجامعات, والكليات, وقبول وابتعاث مئات الألوف من الطلاب، وتخريج كثير من المتخصصين في مختلف العلوم والتخصصات. إننا نفتخر والإعلام يطالعنا بين الفينة والأخرى بأنباء وصول أفراد وجماعات يأتون من خارج بلادنا لعلاج حالات مستعصية في مستشفياتنا.. ونستبشر بذلك.. ونفتخر بما وصلنا إليه.. من مستوى طبي رفيع.. وأنه عالمي ورائد. نفتخر بأننا ما عدنا بحاجة للذهاب إلى الخارج للعلاج.. بينما أهل الخارج يأتون إلينا للعلاج.. عذرًا شيخنا العزيز عندما بحثنا لك عن سرير لمن نجده... اكتشفنا أيها الشيخ الحبيب عجز مستشفياتنا عن قبولك... وقبول كثيرين أمثالك... الذين هم في حالة تتطلب الاستجابة السريعة... بعيداً عن عوائق الإجراءات الإدارية, والبيروقراطية... كنا نتوقع أن ترقى خدماتنا الطبية لتواكب النهضة الشاملة التي تنعم بها بلادنا حفظها الله, خدمات طبية تلبي جميع احتياجاتنا, ببناء المزيد من المستشفيات, وتأمين اللازم من الأسرّة, ووحدات العناية المركزة, والتخصصات الدقيقة, وقبول المزيد من المرضى للعلاج والتأهيل... ولكن الواقع يقول غير ذلك... أين إدارة الأزمات؟! إذا كان هذا وضع مستشفياتنا الكبرى... في الرياض الكبرى... ونحن نعيش في بحبوحة من العيش في أمن... وأمان... واستقرار... وازدهار... لا مثيل لها... هل لدينا إدارة طبية للأزمات أو الكوارث...؟؟ هل يتابع الإداريون والمشرفون حقاً الأمور اليومية، وهل هم يعلمون عن نواحي النقص وما يعانيه المرضى في مستشفياتهم...؟ هل لدينا جهاز عام للتنسيق بين المستشفيات لاستقبال الحالات الطارئة...؟ هل لدينا جهاز عام لاستقبال الطارئ من حوادث السير والمصانع والكوارث الطبيعية...؟. إن كانت موجودة, فأين هي... ؟ وما دورها في خدمة المجتمع...؟ لماذا يدفع إداريو مؤسساتنا الطبية المرضى والمصابين إلى إشغال المسئولين الكبار في الدولة... لماذا يرهقون المرضى وذويهم عند طلبهم لأبسط حقوقهم الإنسانية والوطنية, وهو الحصول على الخدمات الطبية والعلاج...؟ لماذا لا تتولى تلك الأجهزة أو الإدارات جميع ما يتعلق بالمصابين حال وصولهم إلى طوارئ المستشفيات وحتى خروجهم منها...؟ عذرًا يا شيخنا العزيز.... اكتشفنا في مستشفياتنا وجود روتين ممل... ولكن لم نجد إمكانات !! ولم نجد أسرّة...!! ابق يا شيخنا هناك...حتى يجدوا لك سريراً... قبل أن أختتم: وأخيرًا خبر سار... وجدنا لك يا شيخنا والحمد لله... سريراً... ونبحث الآن عن طائرة إخلاء لنقلك... عذرًا قد يتأخر الإخلاء... وقد يذهب السرير... سأخبرك بتفاصيل هذه المعاناة لاحقًا... إن كان لعمري وعمرك بقية... إبق يا شيخنا هناك... فرحمة الله تحوطك... وهو الشافي والمعافي وهو بك... ومن هو بمثل حالتك أرحم... [email protected]