اختتم أصحاب السمو والمعالي وزراء الخارجية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مساء أمس أعمال اجتماع الدورة 123 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد بقصر المؤتمرات بجدة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري بمشاركة أصحاب السمو والمعالي وزراء خارجية الدول الأعضاء ومعالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني. واستعرض المجلس الوزاري مستجدات العمل المشترك مؤكداً على تحقيق المزيد من التقدم والتنمية لدول المجلس ودعم وتعزيز الأمن والاستقرار، كما بحث المجلس تطورات عدد من القضايا السياسية دوليا وإقليمياً. وناقش المجلس الأوضاع السياسية بالمنطقة التي كان أبرزها الأزمة السورية. وأكد المجلس أن الوقت حان لكي ينتقل الروس من تأييد النظام السوري إلى وقف القتال وانتقال السلطة سلمياً في حين جدد المجلس الوزاري التأكيد على مواقفه الثابتة والرافضة لاستمرار احتلال جمهورية إيران الإسلامية للجزر الثلاث «طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى» التابعة للإمارات العربية المتحدة. كما أكد المجلس الوزاري رفضه واستنكاره الشديدين لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية لدول المجلس في انتهاك لسيادتها واستقلالها. وطالب المجلس إيران بالتوقف الفوري عن هذه الممارسات التي لا تسهم في خدمة وتطوير العلاقات معها، داعياً إلى التزامها التام بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية لدول المجلس والاحترام المتبادل والأعراف والقوانين والمواثيق الدولية وحل الخلافات بالطرق السلمية والحوار المباشر وعدم استخدام القوة أو التهديد بها بما يكفل الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها. كما جدد المجلس التأكيد على أهمية التزام إيران بالتعاون التام والشفاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأدان المجلس الوزاري عدم التزام النظام السوري بتنفيذ خطة المبعوث الأممي العربي المشترك كوفي عنان، وشدد على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسئولياته باتخاذ إجراءات فعالة لوقف آلة القتل الوحشية والدمار والتهجير والعمل على حماية الشعب السوري ووضع حد لاستهانة النظام السوري بحياة الأبرياء، وعدم السماح له بأن يمارس أسلوب المماطلة والتسويف والتنصل من التزاماته. في الوقت نفسه أكد المجلس أهمية الحفاظ على أهمية أمن لبنان واستقراره وسيادته ووحدته، ودعا جميع الأطراف اللبنانية الفاعلة إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا طبقاً لاتفاقي الطائف والدوحة، وعدم الانجرار وراء الفتن الطائفية والمذهبية خدمة لأهداف ومصالح خارجية تهدد السلم الأهلي والتعايش بين مكونات الشعب اللبناني، وفي مؤتمر صحافي في ختام الاجتماع الوزاري أكد الأمير سعود الفيصل أهمية الاتحاد الخليجي، وأنه لا يوجد مكتسبات لدولة عن أخرى، وقال سموه إن هذا الاتحاد سيكون من مصلحة دول المجلس ولا يضر بأي من المصالح الخاصة، ولا يحتاج إلا إلى دراسة وتمحيص وتغيير ما يجب تغييره وتعديل ما يجب تعديله. ونفى سموه في المؤتمر الصحفي المشترك مع الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبد اللطيف الزياني وجود تحفظات على الاتحاد الخليجي، مفيداً بأنه يوجد اتحاد مغربي ومثله كثير من الاتحادات. كما أكد الدكتور الزياني بدوره أنه تم تشكيل هيئة الاتحاد الجمركي لدول المجلس وبدأت أعمالها من أول الشهر الحالي وتهدف إلى معالجة جميع المعوقات لاستكمال الاتحاد الجمركي وتحقيق الاتحاد الجمركي خلال العامين القادمين وسيرفع تقريرها النهائي إلى قادة دول المجلس في اجتماع القمة القادم -بإذن الله-. وفي الجانب السياسي أعرب الأمير سعود الفيصل عن الأمل في أن تغير روسيا سياستها تجاه سوريا. وقال سموه (نحترم روسيا كدولة مؤثرة في الساحة الدولية وهي دولة كبرى وعضو دائم في مجلس الأمن ومن ضمن الأسباب التي انزعجنا منها هو أننا نقدر السياسة الروسية ونتفاعل معها لذلك دخلنا معها في حوار إستراتيجي وأعتقد بأن هناك قاعدة من التعاطف مع روسيا في الساحة العربية نأمل ألا تفقدها روسيا ولا تسوء علاقتها بالعالم العربي؛ لأن الموقف الذي اتخذته في مجلس الأمن لا مبرر له ونأمل من روسيا أن يكون هناك إعادة تقييم لسياستها تجاه المنطقة وخاصة سوريا. وقال سموه إذا كانت روسيا حريصة على علاقتها مع سوريا أعتقد بأنها تخطئ في الوقوف أمام التيار الشعبي السوري الذي يتكبد ويضحي في سبيل الوصول إلى أهدافه، ولا بد أن يؤثر هذا على سياسة روسيا وإلا ستفقد الكثير من تأثيرها في الساحة الدولية. وحول خطة المبعوث الأممي كوفي عنان قال سموه: (بدأنا نفقد الأمل في إمكانية الوصول إلى حل في هذا الطريق ما لم يكن هناك قرار من مجلس الأمن على البند السابع ينص على تطبيق النقاط الست، ونحن نأمل أن يكون التقرير الذي سيقدمه عنان للأمم المتحدة خلال شهر واضحاً وصريحاً ولا يحول ما هو واقع في سوريا ولا يغطي على الفظائع التي رآها المواطنون في سوريا وهناك المراقبون في سوريا ومحاولة التأثير على عملهم نأمل أن يكون تقريره مؤدياً إلى حل الأزمة وليس تعطيلها وهذا لن يكون إلا إذا كان التقرير صريحاً وشفافاً). وأكد الأمير سعود الفيصل أن البرنامج النووي الإيراني صعد وتيرة التهديدات في المنطقة، وقال (بالتالي هو خطر إذا لم تراجع إيران قرارها وتعطي فسحة من الزمن لدول المنطقة أن تستقر وألا تدخل عناصر جديدة على ما هو الآن أزمة كبيرة في النفط بسبب ما قامت به من احتلال الجزر الإماراتية والتصعيد الإعلامي والتهديدات المتكررة على المنطقة). وأعرب سموه عن الأمل في أن تغير إيران سياستها في هذا الإطار، وقال سموه (لا أستطيع أن أتخيل أنها تكون سبباً في تدمير المنطقة لأن إيران ستكون من أول الخاسرين وأن تطمئن دول الخليج والمنطقة ألا خطر لإجراءاتها التي تتخذها).