إنّ مرور ست سنوات على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في البيعة الشرعية ذات المنهج الإسلامي، لتؤكد للجميع ما نحن فيه من نعم عظيمة، من اجتماع الكلمة، وتآلف القلوب، وتماسك البنيان، ورعاية المصالح وتحت قيادة حكيمة أثمرت مصالح متعدّدة، سارت على منهج الإسلام، وطريقة السلف الصالح في الحكم والتحاكم والعمل والتعامل. وخلال هذه المدة الماضية بارك الله في حياة خادم الحرمين الشريفين، قدم فيها للوطن إنجازات عظيمة في كل الميادين، فاقت كل تصوُّر، ونالت إعجاب كل مشاهد، من أعمال تشرح الصدور، وتبهج الخواطر، وترفع راية الإسلام، وتعلي من مكانة المسلمين في كل الأرض، وأما في المحافل الدولية فقد كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز فارسُها فيما يلقي من كلمات ويقرر من معانٍ ويقترح من آراء، فقد منحه الله في كل خطاباته رأياً سديداً وتدبيراً حكيما وهمة عالية. كما سما خادم الحرمين بأمة الإسلام إلى شرفات العلا، وربا بها إلى مراقي العز والمجد، وسار بها إلى منهج الوسط والاعتدال، المستقى من نور الوحيين الكتاب والسنّة، فجعل الله له القبول عند الناس في الأرض، وسعى إلى بث رسالة الإسلام بما فيها من الرحمة والإحسان، انطلاقاً من قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} ولا أدل على ذلك من الدعوة إلى الحوار الهادف والنقد البناء، المبني على أصوله الصحيحة، كما جاءت في القرآن والسنّة، وأصَّل معاني الحوار في الوصول إلى الحق ولزومه والسير على دربه في كل الوجوه. ووقف خادم الحرمين الشريفين في وجه الفساد والمفسدين وقطع دابرهم، ودفع شرهم عن العباد والبلاد، بما منحه الله من حكمة وحنكة، وعزيمة صادقة، وكفاية ظاهرة، في الذب عن الدين، والدفاع عن الوطن وأهله، فالإسلام ينبذ الاعتداء ويحارب الفساد بكل أنواعه وصوره ويقمع المفسدين من انتشار فسادهم. كان خادم الحرمين الشريفين يعيش حياته في هَمّ لإعزاز الدين، وبيان فضله وسماحته، ورفعة الوطن والاهتمام بالمواطن في كل ميادين الحياة ووسائل المعيشة، وكان (الوطن والمواطن) همّه الأكبر وشغله الشاغل، لأنه يدرك الأمانة التي تحمُّلها والمسؤولية التي تولاّها، فقدم لهذا الوطن الأغر الذي يُعَد بحق وطن الإسلام الأول، قدم له روحه ووقته وجهده وعمله، وصعد به إلى أعلى الكواكب على وجه الأرض، بأعظم نعمه وأتم منّه، وهي رسالة الإسلام، فهذه البلاد كانت وما زالت متمسكة بحبل الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وما زالت قائمة على غرس عقيدة التوحيد، ونشر رسالة الإسلام على منهج السلف الصالح بفضل الله ثم بجهود قادتها على مر العصور إلى هذا العصر الزاهر. وفي تلك السنوات الست التي مرت على شعب المملكة بالبيعة لخادم الحرمين الشريفين، إنما هي مراحل مضيئة، وسنوات مشرقة، حافلة بالخير والعطاء والازدهار والتنمية، والحراك السياسي والاقتصادي، وبناء قواعد مهمة في العلم والتعليم، وخاصة التعليم العالي الذي أولاه خادم الحرمين الشريفين العناية التامة والاهتمام البالغ، في كل مراحله وأدواره، حيث خطت مسيرة التعليم العالي في عهده الميمون خطوات متسارعة إلى الأمام وجهود مكثفة في سبيل تطوير التعليم الجامعي ليصل إلى أعلى المستويات في الكم والنوع والكيف، وبما يتلاءم مع الظروف والمستجدات المحلية والعالمية، وهذا سوف يحقق الأثر الكبير في مسيرة التنمية لوطننا العزيز، ومن هذا التصور تتضح لنا عظمة تلك الأعمال التي قام بها خادم الحرمين الشريفين في وسط هذا العالم اليوم المليء بالعجائب والغرائب والخلافات والصراعات والفتن والتقلُّبات، فحفظ الله بلادنا من تلك الشرور والبليّات. متّع الله خادم الحرمين بالصحة والعافية وبارك في حياته ومنحه التوفيق والسداد في أعماله. والله ولي التوفيق. (*) وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية