إن أردت أن تتأكد من صواب ما أَنت مُقدمٌ عليه، عليك أن تعرف رد فعل عدوك، فإن تطرف في رفضه وتمادى في أفعاله المعادية والمعاكسة لما تريد تحقيقه، تأكد أنك مقدم على فعلٍ يحقق الخير لك ويحدُ من شرور أعدائك. وهذا بالضبط ما نفهمه من الموقف المتشنج لنظام ملالي طهران تجاه توجه دول الخليج العربي من الانتقال من مرحلة «التعاون» إلى مرحلة «الاتحاد». ولنكن واضحين وصادقين مع أنفسنا، ومع أهلنا في جميع دول الخليج العربية، ومع كل العرب في كل بقعة من الوطن العربي، فحكام إيران من الفُرس العنصريين والصفويين الطائفيين يريدون ابتلاع الخليج العربي تمهيداً لضم المنطقة العربية بأكملها لإمبراطورية فارس الصفوية التي يسعى لإقامتها ملالي طهران. هؤلاء العنصريون الطائفيون ثارت ثائرتهم وتخلوا عن المنطق والسلوك القويم، ودون خجل نصبوا أنفسهم قيمين على أهل الخليج العربي برفضهم لرغبة الخليجيين جميعاً في الانصهار في اتحاد لمواجهة أطماع الأعداء وهم في مقدمتهم. إن التوحد والمحافظة على المكتسبات التنموية وتحصين دول الخليج العربية مقصد ورغبة خليجية ليست وليدة اليوم، فقبل رحيل المستعمر البريطاني في منتصف القرن الماضي وأهل الخليج العربي يسعون للوحدة والانصهار في دولة واحدة، ففي نهاية الستينيات من القرن الميلادي الماضي قاد المغفور لهما -بإذن الله- الملك فيصل بن عبدالعزيز والشيخ جابر الأحمد الصباح جهوداً حثيثة من أجل تحقيق دولة الوحدة الخليجية، وقام الأمير نواف بن عبدالعزيز مستشار الملك فيصل في ذلك الوقت، والشيخ صباح الأحمد الصباح وزير الخارجية الكويتي آنذاك بجولات ولقاءات مع شيوخ إمارات الخليج العربي وكاد أن يتحقق اتحادٌ لتلك الإمارات يضم الإمارات الست بالإضافة إلى قطر والبحرين، إلا أن قطر والبحرين أعلنا استقلالهما مبكراً لينجح الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في تحقيق اتحاد إمارات الخليج المتصالحة وتظهر دولة «الإمارات العربية المتحدة» التي ستكون إحدى لبنات مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع شقيقاتها المملكة العربية السعودية والبحرين وقطر والكويت وسلطنة عمان. تلك مرحلة أنجزت أهدافها بتعزيز الاستقلال وتحقيق التنمية وبناء قاعدة وبنية أساسية لإقامة اتحاد لجميع دول الخليج العربي ترجمة لرغبة وطموحات كل أهل الخليج، ومنذ أكثر من أربعين عاماً، منذ بدايات التحرك لإنشاء اتحاد الخليج العربي بدءاً من إقامة دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وإيران ورغم اختلاف الحكام من الشاه إلى الملالي، والموقف العدائي للعنصريين والطائفيين في إيران لم يتغير، بل ازداد عداءً لرغبة وسعي أهل الخليج العربي، وهذا وحده كاف لصواب توجهنا للوحدة مصنفين كل من يعرقل هذا التوجه وهذه الرغبة الملحة لأهل الخليج العربي، في خانة أعداء الخليج العربي وطموحاتهم الملحة في هذه المرحلة التي تتطلب رص الصفوف والتفاهم وليس الفرقة والخلاف.