تعتبر الموارد البشرية الركيزة الأساسية لأي منظمة وأكثر عوامل الإنتاج أهمية وتأثيراً من حيث معدلات الأداء ومستويات الإنتاجية. وبالتالي فإن الموارد البشرية عامل مهم وفاعل في تحقيق الأهداف التنظيمية للمنظمات على اختلاف مستوياتها وتعدد نشاطاتها. فالفرد هو الذي يدير رأس المال ويتحكم بالتقنية ويتخذ القرار. ومن هذا المنطلق فإن وضع إستراتيجية لتخطيط وتنمية الموارد البشرية يعتبر مطلبا ملحا من أجل تطوير مهارات العاملين وتسجيل معدلات نمو مرتفعة للمنظمة تضمن لها البقاء والمنافسة. وقد بدأ الاهتمام بإدارة الموارد البشرية منذ زمن ليس بالقصير حيث ظهرت لأول مرة في مجال الإدارة في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. ويرجع السبب في ذلك إلى الثورة الصناعية والتطور التقني وبروز النقابات والتنظيمات العمالية في تلك الفترة. وقد ساعد على تطورها أيضا ما شهده العالم من حربين عالميتين مدمرتين في النصف الأول من القرن العشرين حيث كانت هناك حاجة ماسة إلى الأيدي العاملة المؤهلة لإعادة ما دمرته تلك الحربين في وقت قصير وكلفة أقل. ولا شك أن ظهور حركة الإدارة العلمية في القرن العشرين بزعامة العالم الأمريكي تايلور التي دعت إلى التخلي عن الطريقة التجريبية في الإدارة التي تعتمد على الخطأ والصواب إلى الإدارة العلمية التي تعتمد على الأسس المنطقية والملاحظة الدقيقة وتقسيم العمل إلى نشاطات متجانسة وتبسيط واختصار الأعمال المطلوب تنفيذها. كما دعت الإدارة العلمية إلى أهمية تنمية الموارد البشرية عن طريق اختيار العاملين الأكثر كفاءة وتدريبهم على المهام الموكلة لهم والتعاون الوثيق بين العاملين وإدارة الموارد البشرية. وهناك تعريفات عديدة لإدارة الموارد البشرية - وإن تباينت تلك التعريفات نتيجة لعوامل مختلفة سواء كانت شخصية أو زمنية - إلا أنها تتفق على أهمية تنمية الموارد البشرية للمنظمة حيث إنها تعتبر من أهم العوامل التي تساعد المنظمة على تحقيق أهدافها المرسومة. ومن أهم التعريفات في هذا المجال تعريف فرنش الذي يرى أنها: «عملية اختيار واستخدام وتنمية وتعويض الموارد البشرية بالمنظمة». أما سايكولا فيرى أنها: «استخدام القوى العاملة بالمنشأة ويشتمل ذلك على: عمليات التعيين وتقيم الأداء والتنمية والتعويض والمرتبات وتقديم الخدمات الاجتماعية والصحية للعاملين وبحوث الأفراد». وتهدف إدارة الموارد البشرية إلى استقطاب الكوادر المدربة والمؤهلة، وتعريف جميع الموظفين في المنظمة بسياسات الموارد البشرية، وإدارة عملية التغيير والتطوير، والمساهمة في تحقيق أهداف المنظمة وغيرها. ومن مهام إدارة الموارد البشرية: تحليل وتوصيف الوظائف ويقصد بهذا معرفة مدى الحاجة إلى العاملين والشروط المطلوبة في المتقدمين وعمليات اختيار العاملين وتقويم أدائهم وتحديد الاحتياجات التدريبية لهم ودراسة المشكلات التي تحدث بين العاملين والمنظمة. كما أن لإدارة الموارد البشرية دورا مهما يتمثل في تحديد الصلاحيات والمسؤوليات وتحديث الهياكل التنظيمية للمنظمات. ومن أبرز التحديات التي تواجه تخطيط الموارد البشرية في منظمات الأعمال في الوقت الحاضر: سرعة التقدم التكنولوجي، وحرية حركة تنقل القوى البشرية في ظل نظام العولمة، والمنافسة الشديدة بين المؤسسات في سوق العمل، ومطالبة القوى العاملة بمزيد من المزايا والامتيازات، وضعف مستويات الأداء والجودة، وغياب مستوى التنسيق بين قطاعات الأعمال، وعجز منظمات الأعمال مواجهة التكتلات الاقتصادية العالمية الكبيرة، وضعف الأساس العلمي والبحثي لمنظمات الأعمال, وغياب الإستراتيجيات الواضحة والدقيقة لتخطيط الموارد البشرية، وعجز منظمات الأعمال تطبيق الاتفاقيات المتعلقة بالتجارة الدولية. وبالنظر إلى الدور المهم الذي تلعبه إدارة الموارد البشرية في المنظمات إلا أنه من الملاحظ أن هذا الدور يختلف حجمه من منظمة إلى أخرى لأسباب مختلفة منها: الثقافة التنظيمية وحجم المنظمة ونوع القيادة الإدارية ومستوى الأهداف التنظيمية وغير ذلك. ولو ألقينا نظرة على أهداف ومهام إدارة الموارد البشرية لوجدنا أنها تماثل مهام إدارات شؤون الموظفين أو إدارات الأفراد أو إدارات التخطيط والتطوير أو إدارات التدريب أو إدارات العلاقات العامة في الوقت الراهن. وبالتالي فإن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: لماذا لا يتم تبني هذا المصطلح في المنظمات ودمج تلك الإدارات أو بعضها لتوحيد الجهود وتلافي تداخل المهام أو الازدواجية إن وجدت؟. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. [email protected] عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة