تعد زراعة القوقعة الإلكترونية من أهم الأمور التي قدمها الطب الحديث لمساعدة الصم على السمع وتسهيل اندماجهم في المجتمع وإنهاء معاناة المصابين الصحية والنفسية من خلال تطوير قدراتهم ومهاراتهم السمعية واللغوية ليلتحقوا بأقرانهم السامعين في حياتهم العلمية والعملية. وعملية زراعة القوقعة الإلكترونية هي عبارة عن تركيب جهاز إلكتروني صغير يتم زراعته في مكان القوقعة التالفة في أذن المصاب، لمساعدة العصب السمعي بتجاوز الخلل الحاصل في القوقعة ونقل الموجات مباشرة للمخ للإحساس بالصوت. فهي من الطرق الفعالة جداً في علاج الصمم الكلي للمرضى المصابين بفقدان السمع الكلي في الأذنين نتيجة تدمير شعيرات القوقعة، ولم ينفع معهم استعمال سماعات الأذن، وبذلك تعد العلاج الأفضل للحالات التي لا تتمكن من السماع حتى مع لبس السماعات. وتتكون القوقعة الإلكترونية من جزءين هما: الجزء الأول داخلي ويزرع تحت الجلد إلى داخل قوقعة الأذن ويحتوي على مجموعة من الإلكترودات. فيما يعد الجزء الثاني عبارة عن جهاز خارجي يحتوي على مغناطيس وميكرفون وجهاز معالجة الكلام. وتعمل القوقعة الإلكترونية على التقاط الأصوات عن طريق الميكرفون الموجود بالجزء الخارجي من القوقعة، ويقوم معالج الكلام بتحليل الأصوات إلى نماذج خاصة من المعلومات الرقمية، ويتم إرسال هذه المعلومات عبر الجلد إلى الجزء الداخلي من القوقعة، ليقوم الجزء الداخلي بترجمة الرموز وإرسال موجات كهربائية إلى الإلكترودات الموجودة بقوقعة الأذن التي تقوم بدورها بإرسال إشارات إلى مركز السمع في المخ فيتعرف المخ على هذه الإشارات كصوت مسموع. وعندما ننظر إلى زراعة القوقعة وبدايتها في العالم، نجدها أنها بدأت بصورة فعلية منذ عام 1950م عندما قام العالم الفرنسي (Djourno) بتطوير جهاز (electrical auditory prosthesis) لاستحثاث العصب السمعي, وفي عام 1957م قام طبيب الأنف والأذن والحنجرة (Charles Eyries) بأول عملية زراعة لهذا الجهاز لشخص يعاني من ضعف سمعي عميق. ومنذ ذلك الوقت أخذت الأبحاث مجراها لتطوير أفضل الأجهزة والأقطاب الإلكترونية ليتم زراعتها للأشخاص الصم, حتى وصل عدد مستخدمي القوقعة الإلكترونية على مستوى العالم إلى أكثر من 100.000 شخص. ولقد ساهمت هذه العمليات في معالجة واحدة من أهم حواس الإنسان، وهي حاسة السمع التي لا تنام طوال حياة الإنسان، وتعد أول حاسة يكتمل نموها عند الجنين داخل رحم أمه، فهو يسمع صوت والدته ودقات قلبها وعند الشهر السابع يبدأ بسماع الأصوات الأخرى المحيطة بوالدته، وعند الولادة فإن السمع أول حاسة تباشر عملها بشكل كامل. ولهذا أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالأذان في أذن المولود لتكون أول معلومة تدخل كيانه هي الكلمات الطيبات من التكبير والشهادتين والدعاء إلى الصلاة والفلاح.