فوز سمو أمين منطقة الرياض الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف بجائزة الشرق الأوسط للتميز التاسعة للشخصيات التنفيذية الممنوحة من معهد جائزة الشرق الأوسط للتميز التابع لداتاماتكس، جاء استناداً إلى المعايير المعتمدة من قِبل المعهد في اختيار وتكريم الشخصيات التنفيذية التي قامت بدور متميز في الارتقاء بالمسيرة التنموية والاقتصاد المعرفي وتنافسية المنطقة، وتقديراً لما يقوم به سموه في مجال تطوير ثقافة القيادة والأداء المتميز. هذه الجائزة التي سبق أن فاز بها شخصيات عالمية مثل نائب الرئيس الأمريكي الأسبق آل جور، ونائب رئيس وزراء ماليزيا السابق أنور إبراهيم، ورئيس وزراء فرنسا السابق دومنيك دوفيلبان، لا تُمنح إلا بعد أن يقوم المعهد بالبحث والدراسة الميدانية في أروقة المؤسسات الحكومية والخاصة في منطقة الشرق الأوسط للتعرف على أفضل الممارسات الإدارية والتكنولوجية والإلكترونية والاقتصادية والمالية والفكر القيادي الاستراتيجي والإبداعي المتميز المبنية على علم الإدارة الحديث؛ للإسهام في الارتقاء بالمسيرة التنموية الاقتصادية للمنطقة. حديثي في هذه المقالة ليس عن الفوز المستحق للأمير الأمين، لكنه عن جانب آخر من هذا الفوز، هو تكريم الوطن من خلال الشخصيات المبدعة المنجزة؛ ففي حقيقة الأمر إن تكريم أي شخصية وطنية مبدعة منجزة يتجاوز المكرم إلى كل الوطن بمؤسساته وقياداته المختلفة, ويُعدّ من أكبر المحفزات على العطاء والإنجاز, فالتكريم مهما كان محلياً أو دولياً يدفع الجميع للسعي نحو التميز والارتقاء بالعطاء، لا من أجل الجائزة، ولكن من أجل المنافسة على الجودة التي تعكس بكل وضوح شخصية الإنسان الطموح، ونماذج ذلك كثيرة، لعل أبرزها خلال العقود الماضية رئيس وزراء ماليزيا الأسبق مهاتير محمد الذي حقق لوطنه قفزة هائلة بما يملكه من طموح وتحدٍّ فاق كل وصف، فنقلها خلال فترة وجيزة إلى مصاف الدول المتقدمة، كذلك جارتهم الدولة الصغيرة المتخلفة سنغافورة التي انتقلت بإصرار رجل واحد إلى دولة متحضرة متقدمة تشد لها الرحال, وكما في الشرق كذلك في الغرب نماذج مبهرة وجديرة بالاحترام. إننا عندما نرسخ في أذهاننا مبدأ التنافس من أجل الفوز بالمقاعد المتقدمة على خارطة العالم في مجالات الحياة المختلفة كافة فإننا سنخلق جيلاً مبدعاً منتجاً متطوراً ينقل الوطن من مرحلة إلى مرحلة أفضل وأكمل, لكننا عندما نعمل من أجل أن ننجز على أحسن الأحوال ما أوكل إلينا فقط فإننا لن نحقق لأنفسنا ولا لوطننا أي مجد يُذكر. الوطن لا يعني أن تعيش على ترابه وتؤدي ما أوكل إليك فقط, لكنه يعني السعي الدائم من أجل تحقيق أعلى درجات التميز والإنجاز مهما اعترضك من معوقات مادية أو بشرية؛ فالإنجاز الحقيقي أن تعمل أكثر مما هو مطلوب، وتحقق أعلى مما هو متوقع. في تاريخنا الإسلامي كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه مثلاً في القيادة الإدارية المتميزة، حتى أن عبقرياته في الإدارة ما زالت تدرَّس حتى الآن بوصفها نموذجاً من نماذج الإدارة المتقدمة، على الرغم من الزمن الطويل الذي يفصلنا عن ذلك الزمن، كما أن القائد العسكري الفذ خالد بن الوليد رضي الله عنه ما زالت خططه العسكرية تدرس لطلاب الكليات العسكرية، ليس على مستوى العالم الإسلامي بل على المستوى الغربي أيضاً، في اعتراف بهذه الشخصية القيادية العسكرية. وإذا نظرنا إلى الجانب الاقتصادي برز لنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه كقامة اقتصادية بارزة عدت أكبر شخصية اقتصادية في العاصمة الإسلامية المدينةالمنورة، وهو الذي أتاها - أي المدينة - قادماً من مكةالمكرمة حافياً، لا يملك قوت يومه، وكوّن خلال سنوات قليلة أكبر إمبراطورية اقتصادية؛ ما يعني تميزاً لديه في فكره الاقتصادي في زمن كانت التجارة لا يمكن أن تكون دون جهد مضاعف وتخطيط محكم ودقيق. لقد مرت على العالم نماذج كما أسلفنا تُعد مفخرة ومثالاً جميلاً في ضروب الحياة المختلفة، وحققت إنجازات رفعت من رصيدها الشخصي ومن شأن أوطانها، وصارت مرجعاً من مراجع التميز. إننا عندما نشيد بتميز فرد من أفراد مجتمعنا، كبرت مهمته أو صغرت، فإنما نريد من ذلك دفع البقية لمزيد من العطاء ومزيد من الإنجاز ومزيد من التميز؛ فالتقدم لا يمكن أن يكون إلا بالتميز، والقادة المتميزون هم من يكونون فريقاً متميزاً حولهم يكون عوناً لهم ومساعداً في تحقيق طموحاتهم وطموحات من يعول عليهم. مناسبة جميلة هذا التكريم لقائد إداري مميز، فتحت أمامي الباب للحديث عن هذا الموضوع الذي أرى أنه من الأهمية بمكان، وأرى أن الحديث عنه مرات ومرات يجب أن يكون من أجل خلق جيل يتطلع كما أسلفت إلى التميز في أدائه لا إلى أداء مهمته فحسب. والله المستعان. [email protected] تويتر: @almajed118