في الوقت الذي انشغلت باريس وواشنطن بهموم الانتخابات الرئاسية، وتخلت موسكو وبكين وطهران من العواطف الإنسانية وحتى القيم الأخلاقية بحثاً عن تعزيز مصالحها وتنفيذ مخططات باتت معروفة للهيمنة على المنطقة العربية، لم يبق للشعب السوري الذي لا يتعرض فقط لمجازر نظام بشار الأسد، بل تراخي المجتمع الدولي وضخه أوقات إضافية للنظام الذي يجيد المراوغة والتلاعب في الوقت فيما تستمر آلته الحربية في حصد أرواح السوريين، لم يبق لهم سند إلا الله. الأزمة السورية عرّت كل المواقف وأوضحت من يقف مع الشعب السوري محاولاً مساعدته في تخلصه من نظام جائر، ومن يدعمون هذا النظام بالمال والسلاح والمناورات السياسية، ومن هم الذين يحاولون التكسب سياسياً على حساب آلام الشعب السوري، الذين يشاركون في جرائم نظام بشار الأسد، وأفعالهم تكشف هذه المشاركة فنظام ملالي طهران وتابعوهم في العراق وحتى لبنان مشاركون حتى العظم في جرائم نظام بشار، وبعدهم يأتي الروس والصينيون. والذين يعطلون حسم الأمر بانتظار انتهاء انشغالاتهم الانتخابية، وإنهاء صفقاتهم السياسية والأمنية والاقتصادية فعلى رأسهم أمريكا وباريس وإسرائيل، أما الذين يتكلمون كثيراً ويطلقون التصريحات التي يصل بعضها إلى نزع الشرعية عن نظام بشار الأسد، فلا يتجاوز مواقفهم إطلاق التصريحات، تظل المواقف المساندة عملاً وقولاً للشعب السوري محصورة في ثلاث دول وهي المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر، وفي اليومين الأخيرين شهدت الرياض مباحثات بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ورئيس وزراء تركيا رجب طيب أوردغان، المباحثات تركزت على معالجة الوضع المأساوي في سورية وبحث سبل مساعدة الشعب السوري. مباحثات الرياض جرت بعد ظهور مؤشرات على عدم التزام وعدم أمانة تنفيذ بشار الأسد بنود مبادرة عنان الست، واستعداد مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار بتشكيل قوة مراقبة دولية، وبعد اعتداءات جيش النظام السوري للأراضي السورية. ماذا ستسفر عنه مباحثات الرياض؟ الأتراك يؤكدون بأنهم يعدون السعودية أخلص شريك وصديق وأنهم ينسقون مع الرياض لمواجهة عدوان نظام بشار الأسد وجرائمه ضد الشعب السوري، وأن هذا التنسيق سينعكس إيجابياً لمساعدة السوريين على الأرض لتجاوز الانتهاكات التي يواصل نظام بشار المتكررة وميوعة المواقف الدولية.