دعا اقتصاديون تزامنًا مع التصنيف الائتماني الجديد للمملكة إلى ضرورة إعادة النظر في الإستراتيجية الاقتصادية للمملكة على المدى البعيد وبناء منتجات اقتصادية جديدة. وقال الاقتصادي ناصر القرعاوي: إن تصنيف (AA-) الأخير يمثل اعترافًا بمتانة الاقتصاد في ظل الاضطرابات والتقلبات العالمية خلال الخمس سنوات الأخيرة. وأضاف: الأمان الاقتصادي والملاءة المالية وثقة الاقتصاد يجب أن تواكب بإعادة النظر في الإستراتيجية الاقتصادية للمملكة على المدى البعيد وذلك للحفاظ على المكتسبات القائمة للأجيال لأننا مطالبون بالتخطيط المثالي من خلال تنويع قنوات الاستثمار سواء للأفراد أو للدولة في الداخل. مشيرًا إلى أهمية بناء منتجات جديدة تخدم الاقتصاد في الداخل خصوصًا في مجال البحوث والدراسات والتقنية وأيضًا الاقتصاد المعرفي وقطاع التعدين من خلال دعم إنشاء الحاضنات في مختلف القطاعات لفتح فرص استثمارية جيدة قائمة على التخطيط الصحيح. ورأى القرعاوي أن المملكة تُعدُّ أكبر المانحين للمؤسسات الدولية، حيث تُعدُّ في المركز الأول عالميًا من حيث نسبة الإعانة للجهات الخارجية وفي الوقت نفسه تتمتع بملاءة مالية كبيرة ظهرت جليًا في المشاريع العملاقة. وأشار القرعاوي ل»الجزيرة» إلى أن التاريخ يشهد أن المملكة لم تقم على مرّ الأزمان بالتسبب في ظهور أزمة عالمية خصوصًا في ناحية الأسعار، بل على العكس تحرص دائمًا وأبدًا على المساعدة في الحد والقضاء على بوادر أي أزمة عالمية ومن ذلك الدور الكبير الذي تلعبه في مجال النفط والطاقة مما أدى إلى حصولها على ثقة كبيرة من الناحية الدولية، الأمر الذي عزز من النظرة الإيجابية للمملكة وخلق ثقة وتطمينات داخلية للسوق وظهر ذلك جليًا في عودة رأس المال المهاجر وضخه داخل السوق وتحديدًا سوق المال الذي بدأ ينتعش. منوهًا إلى أن هذه المعطيات أسهمت في فرض تصنيف «فيتش» الجديد. ويرى الاقتصادي محمد الضحيان أن حصول المملكة على تصنيف (AA-) هو مؤشر واضح إلى ما يتمتع به الاقتصاد من قوة في ظل أزمات الأسواق العالمية. فالتصنيف لا يقف تأثيره الإيجابي على الدولة وإنما يتجاوز ذلك إلى تداعيات إيجابية على المؤسسات المالية والشركات الكبيرة. وشدد الضحيان على أن المملكة تحظى بميزة كبيرة وهي امتلاكها لحجم أصول سائلة كبيرة تمثل أضعاف أحجام القروض التي قد تطلبها الدولة مستقبلاً. منوهًا إلى أن الإدارة المثالية التي انتهجتها المصارف في توجيه السيولة للداخل أدى إلى تجنبها الدخول في أزمات وتحديدًا الديون وهو الوضع الذي عانت منه المؤسسات المالية في أغلب دول العالم مؤخرًا. من جهته أكَّد مدير هيئة المحاسبة والمراجعة الخليجية الدكتور محمد آل عباس أن الحصول على تصنيف AA- هو أمرٌ ممتازٌ للغاية وقال: الحصول على أعلى تصنيف وهو (AAA) لم يمنح إلا للولايات المتحدةالأمريكية لقدرتها على طباعة الدولار وتسديد الدين فورًا لأن التصنيف يُعني به القدرة الائتمانية للدولة أو المؤسسات المالية على سداد الديون والحصول على التصنيف المرتفع يعطي دلالة واضحة بأن ديون الدول المقترضة خالية من المخاطر وبالتالي تكون الفوائد أو العوائد على هذه الديون منخفضة والعكس صحيح ومن هذا التصنيف نجد أن المملكة سيكون لها القدرة على أخذ قروض بفوائد قريبة من فوائد سندات الدين الأمريكي أي أنها منخفضة. وذكر آل عباس أن حصول المملكة على هذا التصنيف يعطيها ميزة إضافية للحصول على قروض وهو أمرٌ مستبعدٌ حاليًا في ظل الانتعاش الاقتصادي، مبينًا أن أبرز آثار هذا التصنيف هو طمأنة رأس المال الأجنبي بالدخول في السوق السعودي الأمر الذي سيُحدث نقلة اقتصادية جديدة في الداخل بسبب قنوات الاستثمار المتاحة في سوق المال أو شراء السندات والمشاريع المباشرة برؤوس أموال أجنبية أو المشاريع المشتركة والثقة التي ستبث في نفوس المتعاملين في شتّى قنوات الاستثمار داخل المملكة. يُذكر أن المملكة وبالرغم من الأزمة العالمية واضطراب اقتصاديات الدول حافظت على تصنيفها الائتماني السيادي عند (AA-) لمديونية العملة المحلية والأجنبية طويلة المدى ونظرة مستقبلية مستقرة.