السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: يقول د. جاسر الحربش في العدد (14258) من الجزيرة إن المناهج صيغتها دينية، وإن التغيير في الغلاف والشكل. وأقول إن ما أشار إليه د. جاسر يحتاج إلى شيء من الإنصاف والموضوعية والتشخيص الدقيق؛ هل يخفى على أحد أن مناهجنا التعليمية جزء من هوية ورسالة وطننا (المملكة العربية السعودية)؟ مشروع التطوير نال مناهج العلوم الشرعية واللغة العربية فهي تكسب القيم، وتعلَّم بطرائق ووسائل متنوعة، تبعث على مهارات التفكير والاستنباط والتحليل، وتستثمر التقنية، وتراعي خصائص النمو، وتربي على الإنتاجية والإيجابية، والطالب من خلالها فاعل ومحاور ومشارك، وتسهم في تحقيق كفايات الطلاب، وتعزز التنشئة الاجتماعية في مكافحة الانحراف الفكري بكل طرفيه المتشدد والمتحرر، كل ذلك بطرح وسطي. لقد وُفِّقت وزارة التربية والتعليم في خدمة الميدان التربوي ضمن المشروع الشامل لتطوير المناهج في إعداد ثلاثة كتب لكل مادة (دليل المعلم، كتاب النشاط، كتاب الطالب)، وكذا دليل معلم العلوم الشرعية والوثيقة الشاملة، المناهج محل ثناء وتوجيه وإقرار من ولاة أمرنا. يقول سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز - حفظه الله -: «المناهج لدينا ليست إلا مناهج تربية، وتربية إسلامية». ويقول سموه أيضاً: «الجهات التعليمية لدينا تطور مناهجها حسب احتياجات الحياة، لكن تركز على أمور لا يمكن أن تتغير، هذا لا بد أن يُفهم؛ لأننا شعب مسلم وأمة مسلمة، وعقيدتنا الإسلام، وأخلاقنا هي أخلاق المسلم، وهذا أمر متمسكون به على أي حال من الأحوال، ونرفض من يقرن التقدم بمعاكسة الإسلام؛ لأنه غير صحيح، وتقدمنا بحمد الله وسنتقدم أكثر، وسنكون سعداء ومتشرفين بأننا تقدمنا بفضل الشريعة الإسلامية، ونحن لا نتلقى توجيهات ولا تعليمات من الخارج، وليس الذي يحكم علينا هم الخارج، لكن أي قول صائب ويتفق مع الحقيقة نحن نتقبله، وإنما هذه جهات قد يكون لها أهداف، ونحن واثقون من أنفسنا، ونسير في الطريق الصحيح، وعلى الآخرين أن يفهمونا على حقيقتنا، ويتعاملوا معنا على أساس واقعنا؛ حتى نكون متفقين لما فيه خير للإنسانية». ومناهجنا التعليمية يتولى تأليفها والإشراف عليها كوكبة من بيوت الخبرة من العلماء وأساتذة الجامعات ورجال التربية والاجتماع وعلم النفس، وتمر بلجان متعددة تربوية ووطنية. هذه الأطروحات المشككة في المناهج ومؤلفيها تغييب للحقيقة، وهل جاءت هذه الأطروحات نتاج زيارة ميدانية، أو دراسة بحثية؟ والحقيقة الناصعة أن تلك المناهج سليمة التوجه والمنهج بحمد الله؛ فهي أساس كيان بلادنا، ومنطلق رسالتها، وعنوان شخصيتها التي قامت عليه. لقد صاح المنصفون من غير أهل الإسلام «قدمنا لكم الاختراعات والتقنية فقدموا لنا ما لديكم من نور الإيمان والتربية». اليوم العالمي لغسل اليدين، الذي احتُفل به في 7-11-1431ه، يهدف إلى تربية الصغار على غسل اليدين، وتشير الدراسات إلى أن 50% من الأوروبيين الكبار لا يحسنون غسل أيديهم بالطريقة التي تقيهم من الأمراض. في مناهجنا التعليمية في المراحل الأولية نصوص شرعية وممارسات عملية من خلال البرامج والمناشط للتعريف بالطهارة والنظافة، وبهذا تتكامل المدرسة والأسرة في تعزيز الجانب الوقائي ونشر ثقافة الصحة. المناهج التعليمية في بلادنا لها دلائل، وأشير إلى وقفات، من ذلك: الوقفة الأولى: المناهج تعزز ثوابت المملكة العربية السعودية المنطلقة من الكتاب والسنة. الوقفة الثانية: المناهج تدعو إلى التصور الإسلامي للكون والحياة، وأن الوجود كله خاضع لما سنه الله جل في علاه؛ ليقوم كل مخلوق بوظيفته ورسالته دون خلل أو اضطراب. الوقفة الثالثة: المناهج تعرِّف المتعلم بحقوقه وواجباته ومسؤوليته تجاه دينه ووطنه وولاة أمره، وخدمة مجتمعه وأمته، والتعايش مع من حوله بتوسط واعتدال. الوقفة الرابعة: المناهج تعزز الاستقرار والترابط بين أفراد المجتمع. إذاً، مناهجنا التعليمية من عقول وطنية مؤمنة تبني عقولاً وطنية مؤمنة. بعض وسائل الإعلام لم تنصف المناهج التعليمية؛ فالعدل والحق والحقيقة مطالب شرعية ووطنية. سعود بن صالح السيف - الزلفي