اطلعت على ما كتبه الأستاذ سعد بن عبدالقادر القويعي في جريدة الجزيرة عدد الأربعاء 5-5-1433ه تعقيباً على ردي عليه في موضوع الاعتماد على رؤية الهلال في دخول شهر رمضان وخروجه عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته».. محاولاً صرفنا عن العمل بهذا الحديث الشريف إلى العمل بالحساب الفلكي بدل الرؤية كما ينادي به من ينادي من الفلكيين ومن يأخذ بقولهم من بعض المعاصرين، معتبراً أن هذا من المسائل الخلافية الاجتهادية الذي تُحترم فيها الآراء. وقال: كما أن الحاسبين الفلكيين يُعتمد على قولهم في الخسوف والكسوف فيصلى عند ذلك. هذا حاصل ما أدلى به الكاتب المذكور. والجواب عن ذلك من وجهين: الوجه الأول: أنه لا اجتهاد مع النص، والنص في هذه المسألة واضح، لا يسع من بلغه القول بخلافه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ }، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}، وقد قال العلماء في ذلك: وليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلاف له حظ من النظر وقال ابن القيم رحمه الله: العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة هم أولو العرفان ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين النصوص وبين رأي فلان هذا في رأي الفقيه فكيف بنصب الخلاف بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم وقول فلكي غير فقيه؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء؛ أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر. واحترام المخالف ليس على حساب العمل بالنصوص الشرعية؛ فاحترام النصوص هو الواجب. وإنما يكون الاحترام حيث لا مخالفة للنصوص فيما يسوغ فيه الاجتهاد بين الفقهاء المعتبرين لا بين الفلكيين غير الفقهاء والنصوص النبوية. الوجه الثاني: في موضوع صلاة الكسوف فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بها عند رؤية الكسوف والخسوف بالعين حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «فإذا رأيتم منهما ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم». فلا تصلَّى صلاة الكسوف اعتماداً على قول الفلكيين إنه سيحصل الكسوف في وقت كذا قبل رؤيته بالعين. وهكذا جميع العبادات رُبطت مواقيتها بعلامات مرئية واضحة تعتمد بدايتها عليها، وهذا من رحمة الله بعباده، فالحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. عضو هيئة كبار العلماء