السلام عليكم ورحمة الله اطلعت على ما كتبه الأخ محمد آل الشيخ وذلك في مقاله الموسوم ب(المرأة وحقها في السفر للخارج) وأقول: أولاً : قلت يا أخي محمد أن المرأة السعودية نالت جزءًا من حقوقها.. والذي نفهمه من كلامه أن حقوقها مسلوبة ومبخوية، أليست في السعودية لها الاحترام والإكرام وقُبْلة الرأس إن كانت جدّة أو والدة، وقبلة في مكان آخر إن كانت غير ذلك، أليست معززة مكرمة لا تكلف نفسها بالأعمال الشاقة بل الرجال قوامون على النساء {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}، أليست تحظى بمهر يناهز ال100 ألف عند زواجها؟ أليست تحظى بالوظيفة إن كانت مؤهلة بمكان لا يخدِشُ حياءها؟ أليست الزوجة السعودية هي التي لا تكلف بقيادة السيارة بل يقود بها زوجها مهما علت رتبته؟ أليست هي الزوجة التي تحصل على حقها في الميراث، أليست هي أكثر نساء العالم منعاً لزوجها من معاشرة غيرها، وبقوة الشرع والنظام؟ أليست الزوجة السعودية يحج بها وتعالج يسافر بها، وتمنح السائق والخادمة والهدايا مما هو ليس واجباً على الزوج وجوبا، بل بحسن العشرة وكرم المروءة، أما أن نقول إن هذا كله مقابل تمكينها من نفسها، فهذا حق وطري فطري للطرفين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك». ثانياً: قلت «لتنال ما تبقى لها من حقوق ما تزال مغيبة لتكون لها شخصية مستقلة كما أرادها الإسلام»، فهذه يا أخي محمد كلمة تحتاج إلى إعادة نظر، {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ..}، {لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ}، لأن الإسلام يسمي الزوجة ويصفها (بالعوان) أي الأسير عند زوجها كما قال صلى الله عليه وسلم في الصحيح (استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوانٌ عندكم)، فهل الأسير يعتبر ذات شخصية مستقلة؟ أرجو مراجعة كتب شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب والذي أجزم يقينا أنك تزهو فخراً بالانتساب إليه، بل حتى الأديان السابقة تسمي الزوجة أسيرة عند سيدها كما قال تعالى عن (عزيز مصر) زمن يوسف: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} وقال عمر رضي الله عنه: (انظروا إلى من تسترقون بناتم) فيا أخي محمد أوصيك ونفسي بألا تقتحم عُباب لجةِ بحرٍ لا ساحل له، وأن تعطي القوس باريها، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ...}. ثالثاً : قلت (...المرأة تعامل في بعض حقوقها كإنسان ناقص الأهلية لابد لاكتمال أهليتها من وجود عنصر الرجل).. نعم المرأة ناقصة عقل ودين كما قال ذلك صلى الله عليه وسلم.. ولأنها ناقصة الأهلية حماها الإسلام حفظا لكرامتها وتعزيزاً لشرفها فحرم عليها السفر لوحدها دون محرم لأنها لا تقاوم ضراوة مكر الفجار وكيد الفساق قال تعالى: {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ}، وقال تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى}، وقال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ....} فهم يسار بهم لا أن يسيروا لوحدهم، فلا تغلط فتخلط، وتذكر أمسك قبل رَمْسِك {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ}. رابعاً : كل نظام سنّه ولي الأمر يجب أن نشيد به ونثني عليه إذا كان يحمي جناب المرأة من الذئاب البشرية (ويكرم الذيب بل هم كلاب مسعورة)، لا أن نصور الحسنة على أنها سيئة {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} فنكون كالذين يخربون بيوتهم بأيدهم وأيدي المؤمنين. خامساً : قلت (إن بعض الفقهاء يرون سفر المرأة لوحدها إذا أمنت الفتنة) وهذا إن كان كما قلت فهو خاص بظروف معينة، وحالات خاصة لا أن يفتح الباب فيها على مصراعيه، بل الحكم المطلق فيها هو الذي قاله أرحم إنسان عرفته البشرية بالنساء حيث يقول: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ثلاثة أيام بدون محرم). سادساً: انتقدت يا أخ محمد انتقال ولايتها لزوجها بعد زواجها، وهذا حكم الله ورسوله بأنها تحت ملكه، وتصرفه لكن تحت مظلة {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} و(استوصوا بالنساء خيراً) و(خيركم خيركم لأهله) و(إن النساء رياحين خلقنا نسألك اللهم شم الرياحينا) أما قولك عن فتاة كانت على خلاف مع زوجها وأنها ترغب السفر خارج المملكة ولم تستطع ذلك فهذه قضية عين خاصة، وحالة شاذة طارئة تقدر بقدرها.. أما تتبع الحالات الشاذة فهو قصور في النظر كما يقولون (وحاشاك ذاك..). سابعاً : قلت: (مفترض أن الجوازات تسمح للفتاة أو للزوجة بالخروج ما لم يكن لديها منع مسبق من الولي) أقول إن رجال الجوازات بحمد الله على جانب كبير من الحمية والغيرة والدين، وقد أقسموا على ذلك أيمانًا مغلظة أمام ولي الأمر.. {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} ومع ذلك لا أحد يعلو على النقد. ثامناً : قلت: (إن هذا تضييق على المرأة ما أنزل الله به من سلطان) وهذه شطحة تحتاج لتوبة واستغفار فالله هو خالق المرأة {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} فهو أعلم بقدراتها وإمكانياتها قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} وأنت ممن يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا تتقدم بين يدي الله ورسوله برأيك.. وأحمد الله الذي بسط يدك في هذه الجريدة.. فأنت رجل لديك إمكانيات نقدية صارخة تلهب بها بعض الجهات المقصرة أحيانا، أسأل الله أن يستعملنا وإياك في الحق، أخي محمد أسألك بالله هل تعتقد ما تقول؟! أم هذه فذلكة تناكف بها من تسميهم الإسلاميين؟ وفي الختام أسأل الله أن يجعلك صارماً مسلولاً للحق، ذاباً عن حياض الأمة، مدافعاً عن بيضة الإسلام في عصر كشرت فيه الطائفية عن وجهها الكالح.. والسلام عليكم. د. علي الحماد محافظة رياض الخبراء