لم أكتب تحت هذا العنوان قبل اليوم، وكنت على مدى سنين في التعليم للمرحلتين المتوسطة والثانوية أسجل بعض المواقف والعبارات النادرة التي أسمعها أو أعيشها مع الطلاب أو مع بعض المديرين والمدرسين، أسجل ذلك في دفاتر أو أوراق عامة بلا عنوان، وقد ضاع أكثرها، أو نسيت موضعه في مكتبتي. واليوم أمسكت القلم لألمَّ شتات ما وجدت؛ عسى أن يكون فيه نفع للقارئ والسامع أو عبرة لمعتبر. وتاج هذه الذكريات والمواقف بيت شعر جميل كنت وما زلت أردِّده لأحد الشعراء، ما أحوجنا إليه آباء ومعلمين وطلاباً ومسؤولين: إذا هبَّت رياحك فاغتنمها فما تدري السكون متى يكون ومعناه: إذا وجدت فرصة لطلب علم، أو بر بوالدين، أو غيرهما، أو صفقة رابحة، أو سفر جميل، فاغتنم ذلك؛ فلربما ندمت على عدم اغتنام تلك الفرص الثمينة! حكمة: لكي تبني عالياً يجب أن تحفر عميقاً! طرفة نحوية: لما طلبت من أحد الطلاب أن يعرب كلمة (تَزَوَّجْ)، وهو فعل أمر، قال: التاء تاء التأنيث، وزوج: فعل مضارع! طرفة فقهية: قال أحد الطلاب: إن الناس لا يثقون إلا في الرجل الصالح، ولا يحبُّون إلا هو، فهم (لا يزوجون عزوبي)! طالب مُتّميِّز: حينما سألت أحد الطلاب لم درجته في الامتحان (صفر)؟ قال: (سمعنا أنك بتصعب الأسئلة فلم نذاكر)! والطريف أن اسم الطالب: ممدوح! أما الآخر فكان جوابه (الحكيم المسكت) فهو: البلاغة سخيفة وما لها فائدة! وفي تعبير لا تنقصه الصراحة قال طالب مشاغب أُخذ عليه التَّعهُّد مرات: إنّ الأستاذ سيئ الأدب مع الطلاب! أمَّا تأثير وسائل الإعلام ولغة الشارع فهو ظاهر في لغة الطلاب وثقافتهم، وخذ على ذلك مثالاً: ففي درس الإنشاء كان طالب في الثالثة الثانوية يكتب موضوعاً إنشائياً، ووردت هذه العبارة (شرشح الله عدوين المسلمين)! وهنا أترك هذه النوادر والطرائف بلا تعليق راجياً أن يجد القارئ تعليقاً مناسباً عليها. تلك الأخطاء تذكِّرني بكلمات انتشر استعمالها عند الطلاب في مراحل التعليم جميعها، من الابتدائي حتى ما فوق الجامعة، وهي مصطلحات وأخطاء شائعة لم تُعرف عند العرب بالمعاني التي تستعمل لها الآن، ومن تلك الألفاظ، وقد رأيتها كثيراً: المظاهرة: بمعنى: إبداء الرأي أو إعلان عاطفة في صورة جماعية. الإعدام: بمعنى: الحكم بالموت وتنفيذه بأي وسيلة. التأميم: بمعنى: تحويل ملكية شيء معين إلى مالك آخر. صَحفي: بمعنى: مَن يُمارس أو يشتغل في الصحف تحريراً وتحقيقاً. ومعاني تلك الكلمات في اللغة العربية الفصحى: المظاهرة عند العرب: حماية الإنسان من ظهره! ولفظ أُعْدم الرجل: افتقر! ولفظ أمَّ الرجل المكان قصده! أما (صَحَفيّ) فمعناه: من يخطئ في قراءة الصحيفة! ويلحق بتلك الأخطاء: ما يقال في جمع (مجلة) مجلات؛ وقد ورد في معناها في كتب اللغة: صحيفة يكتب فيها شيء من الحكمة - وانظر هنا كلمة: الحكمة - وجمعها مَجَال، وليست: مجلات! وتمتلئ بما هو بعيد عن الحكمة! وعكس ذلك يقولون: مشاكل في جمع مشكلة، والصحيح: مشكلات. هذه كلمات من أوراقي، وبقي كثير منها، لعلي ألمّ شتاته في مؤلف أو شبهه؛ لتعم به الفائدة. وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت. - عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية