سعادة الأستاذ خالد المالك- رئيس تحرير جريدة الجزيرة - وفقه الله لقد اطلعت على مقال أخي الكريم حمود بن عبدالعزيز المزيني والمنشور في جريدة الجزيرة عدد الأربعاء الموافق 7-4-1433ه، وإنني إذ أشكر لأخي غيرته وحرصه على التبثت دون أن أتوقف عند بعض العبارات التي ربما لم يسعفه التعبير في اختيارها - يغفر الله له - إلا أنني فهمت من مقاله ضرورة إيضاح ملابسات تلك القصة التي أوردتها برنامج على قناة فور شباب الفضائية. القصة أخي الكريم باختصار جاءتني من عدة طرق، فقد روى لي كل من معالي الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري في حياته - رحمه الله - ورواها لي أيضاً معالي الأستاذ خالد التويجري رئيس الديوان الملكي في لقاء جمعني به في 30 يناير 2012 وروى لي شقيقي الأخ علي الذي يعمل في مراقبة الصرف في رئاسة الحرس الوطني، حيث كان يعمل معه الشيخ محمد بن عامر الغرير الذي توفي قبل 5 سنوات - رحمه الله - والجميع ذكروا أنه (في عهد إمارة إبراهيم بن عرفج أمير المجمعة من قبل الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه- وجد في المجمعة درويش (وهو وصف يطلق على حجاج العجم المترجلين للحج إذا أقاموا في بعض المدن والقرى في طريقهم) وكان يحمل معه بوصلة لتحديد الاتجاه وأوراقا فيها كتابة لا يمكن قراءتها تبين فيما بعد أنها أذكار مكتوبة بلغة الأردو، فاستقر لدى أصحاب الرأي انه ساحر يحمل طلاسم ويحمل شيئاً لا يتغير اتجاهه (البوصلة)، فعرض على القضاء وحكم بقتله على أنه ساحر) ويذكر أخي علي (بأن محمد بن عامر بن غرير أكد له انه بصفته كان مرافقاً لابن عرفج فقد شارك في تنفيذ الحكم على الساحر بعد أن أخذوه إلى (جرف شعيب فقتل هناك وهدم عليه) ا.ه. هذا ما وصلني من رواية الله تعالى أعلم بصحتها من عدمه لكني أسندت هذا الخبر إلى قامات من نفس المدينة، حيث ينسب الحدث ولا يستطيع الأخ حمود ولا غيره تجاهلهم ولقد أثلج صدري انه أورد اسم الشيخ عبدالعزيز التويجري في مقاله فكانت تزكية منه للراوي بالتالي فنسبة الخبر إليه أيضاً ستكون في مكانها عند الكاتب وعند أهلنا في المجمعة، فإذا علمنا وجب علينا أن نقول (وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين) فكيف إذا سمعنا فقط والله المستعان، وعلى كل حال هذا الخبر مجرد قصة عابرة من قصص تحدث في كل مكان لا يترتب عليها ولاء ولا براء ولا مدح ولا قدح وسأتجاوزها إلى بعض ما هو أهم منا فأقول: أولاً: تمنيت على أخي الكريم لو أنه كان أقل تشنجاً وغضباً، فالموضوع خبر عادي لا يرقى إلى أن يتشنج منه أخ عزيز ولا أهل بلد فإن صح فهو ليس غريباً على جميع بلادنا حينه وإذا لم يصح فلا نحتاج أكثر من اعتذار لكل من يرى أن القصة قد سببت له حرجاً إن كان ثمة حاجة للاعتذار إلى ذوي الحاجة لذلك. ثانياً: وحدة الوطن تعني انه لا ينبغي حصر الغيرة على جزء من ترابنا وكأن الباقي خارج التغطية الوطنية، بل كله أرضنا وبلادنا على السواء حرسها الله بعنايته وما حدث من حوادث وقصص هنا أو هناك لا تعني بحال تميز أو تخلف مدينة عن سواها من المدن والقرى فكلها بلادي. ثالثاً: من باب الطمأنينة للكاتب الكريم: حدثنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله - وهو من هو في العلم والفضل - عن حكم قضائي أصدره في حق من اقتنى راديو في الدلم وكان الشيخ مبتسماً وهو يرويه لنا تأكيداً على تراجعه على ذلك الحكم انتقاداً لاجتهادات السابقين بما قد لا يتفق معهم عليهم اللاحقون حتى وان كان السابق واللاحق هو نفس الشخص كما هو الحال في ابن باز، ولقد كنت رابع أربعة على مائدة عشاء في التسعينيات الهجرية وفيها الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - وكنا نتحدث عن (أخطار التلفاز) فقال (لا ولعلمكم طلع شيء أخبث منه يقال له الفديو) وكنا جميعاً حينها نجهل الفيديو فتصورناه شيئاً آخر في منتهى القبح. رابعاً: أحب أن أطمئن الأخ حمود بأن المجمعة عمرها الله وبقية بلادنا وبلاد المسلمين بالإسلام ليست المدينة الوحيدة التي حدث فيها شيء مما ذكر فلو فتشنا عن قصص أخرى في تلك الحقبة لوجدنا في غير المجمعة ما هو أشد وطأ وأقوم قيلا ولقد أوردت وأورد غيري في سياقات إعلامية مسموعة ومقروءة ومنظورة قصصا عن منطقة القصيم تحديداً والتي فيها من العجائب ما لا يصل إليه أهلنا في المجمعة فتقبل الأمر برحابة صدر من الجميع ولم تك ثمة غضبة مضرية من أحد والأمر طبيعي فكلنا مجتمع يتطور ولا ننكر ولا نتنكر لماضينا فقد نزلنا من ظهور الجمال وركبنا الطائرات بحمد الله وليس هناك أحد فوق أحد ولا أحد دون أحد والأمر من قبل ومن بعد الله الواحد الأحد. وختاماً: أنتهزها فرصة أن نتواصى بالحق ونتواصى بالحد من كل ظاهرة تتعارض مع وحدتنا الوطنية وتجانسنا الاجتماعي وانسجامنا الفكري وبلادنا المترامية الأطراف قارة تاريخية وجغرافية لا فرق بين شمالها وجنوبها وشرقها وغربها وكلها تبقى لبنة أساسية في النسيج الإسلامي العالمي القائم على هذه القاعدة {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات13)، وتقبلوا تحياتي. محسن حسين العواجي