باتت أزمة الأراضي تشكل هاجسا للمواطن السعودي، سواء كان رب أسرة أو شاب على بداية الطريق نحو تشكيل أسرة، وذلك لما لها من انعكاس مباشر على حياته. من ناحية توفير السكن، حيث أصبح سعر المتر المربع أكبر بكثير من قيمة البناء عليه, « الجزيرة» حملت المشكلة إلى الخبراء والمختصين، الذين أكدوا بدورهم عمق وخطورة المشكلة على القطاع العقاري، وقال الدكتور عبدالله المغلوث: إن الأسباب متعددة ومتنوعة، أبرزها الموقع والمساحة والتصاميم، وانحصار بعض الأراضي داخل النطاق العمراني، إضافة إلى وجود بعض العادات الخاصة بمجتمعنا، وهي الرغبة في السكن بجوار الأهل والأقارب، فالمشتري على استعداد أن يدفع أكثر من التكلفة الحالية لمجرد السكن بجوار أقاربه، وزاد المغلوث بعض الأسباب الأخرى التي تقف وراء الأزمة ومنها: وجود بعض المواقع عالية السعر، لتميزها ببني تحتية متكاملة، ومرافق حكومية جاهزة، إضافة إلى أن قرب هذه الأراضي من مركز المدينة والأسواق جعل قيمتها أكثر من نظيراتها, وبالتالي تكون قيمة البناء أقل من قيمة الأرض، وطالب الدكتور المغلوث بضرورة إيجاد حلول، مقترحا التوسع في النطاق العمراني، واعتماد المخططات المعلقة في البلديات والأمانات، حتى يكثر المعروض في مواجهة الطلب، ومن ثم يكون هناك توازن يتيح السيطرة على هذه الارتفاعات. وقال: لا يمكن أيضا تجاهل الحلول التمويلية التي تشجع المواطن على البناء، ولا ننسى أن الخدمات والبنى التحتية مطلب أساسي في المخططات الجديدة، حتى يسعى الراغبين إلى البناء خارج المدن, حيث بلغت مساحات الأرض الفضاء في مدينة الرياض، والتي لم تستغل كبناء 70% من مساحة الرياض وهذا ما يثير التعجب والتساؤلات حيث يمكن الاستفادة من تلك المساحات في التنمية العمرانية. وبحسب إحصائية تطوير منطقة الرياض بلغ تعداد الوحدات السكنية 835 ألف، حتى1430ه، ويقول الدكتور المغلوث: هذه المساحات الشاسعة يمكن استغلالها لخدمة الشباب الذين يمثلون أكثر من 65% من إجمالي سكان المملكة. من جانبه يقول الخبير في التخطيط الإستراتيجي والمشاريع الدكتور سليمان العريني: في السنوات القليلة السابقة تضاعفت أسعار الأراضي في المملكة بأكثر من (800%) وخصوصاً في المدن الرئيسية، مما أثر بشكل كبيرعلى تكلفة البناء، وبالتالي استمرار أزمة السكن، وقال العريني: نسبة تملك السكن بين المواطنين تقل عن (20%) وهي نسبة لا تليق بإمكانيات ووضع واقتصاد ومكانة المملكة. وتابع: في الظروف الطبيعية والتي يكون فيها قانون العرض والطلب طبيعي وعادل، تمثل تكلفة الأرض إلى تكلفة البناء أقل من (20%) وتنقص كلما تعددت أدوار البناء لكن ما يعيشه القطاع العقاري عكس ذلك، حيث إن جزءا كبيرا من المساحات تصل إلى مئات الملايين من الأمتار، يفترض أن تكون ضمن الكميات المعروضة (وهي ضمن النطاق العمراني) إلا أنها غير متاحة للعرض الحقيقي، مما أدى إلى زيادة نسبة كلفة الأرض إلى تكلفة البناء حيث تزيد على (60%) وهي نسبة غير مقبولة حسب المعايير العالمية». وقال: يجب وضع حلول إستراتيجية تبدأ بتشخيص مشكلة السكن بشكل صحيح وليس بالتعامل مع الأعراض، ويلي ذلك وضع الحلول الصعبة مع تقبلها، وأضاف: الحل يبدأ بفرض وجباية الزكاة على جميع الأراضي التي تزيد مساحتها على (5000) متر مربع، وفي نفس الوقت فرض رسوم إضافية على جميع الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، التي لا يتم تطويرها خلال مدة زمينة (سنة مثلاً)، وهذا سوف يحرر ويحل المشكلة من جانب العرض بحيث يتم الوصول إلى تعادل سعري مقبول، ويتوقع إذا ما تم تطبيق هذا الحل أن تنخفض أسعار الأراضي الخام بأكثر من (60%) من الأسعار الحالية.