لن أبحث عن الإحصائيات التي تثبت أن آلية «ساهر» التي طبقها المرور في بعض الأماكن قد أسهمت في تخفيض عدد الحوادث المرورية في تلك الأماكن، فهذه الإحصائيات سبق نشرها مراراً في وسائل الإعلام، وهي تثبت بالأرقام الفائدة الكبرى التي تحققت من تطبيق «ساهر». من ناحية أخرى، لا يخفى على أحد أن آلية «ساهر» لا تخلو من السلبيات. وبعض هذه السلبيات مزعجة ومرهقة حقاً.. وهي التي أدت إلى امتعاض بعض الناس ممن يتحلون بالشعور بالمسؤولية والجدية ولكنهم غير راضين عن بعض التفاصيل في تطبيق «ساهر». وهناك، بالطبع، من لا يريد «ساهر» بالكامل لأنه لا يحب أساساً الالتزام بأي قواعد مرورية، وهؤلاء يخالفون كل يوم جميع أنظمة المرور بما في ذلك قطع الإشارات والسير عكس الاتجاه.. وغير ذلك من المخالفات الشنيعة. هؤلاء خارج المعادلة وخارج الحديث وهم، ببساطة، خارجون على القانون والنظام، ولا يُتوقع منهم إنصاف «ساهر». إنني أقف مع الفريق الذي يرى أن «ساهر» كان إضافة حضارية رغم كل عيوبه.. وأنا أكتب بمناسبة دفعي مبلغاً كبيراً مؤخراً بسبب حماقات سائقي التي لم أكتشفها إلا عندما رغبتُ في إنهاء معاملة حكومية فتعطلتْ المعاملة بسبب عدم دفع الغرامات المتراكمة. سأبالغ إذا قلت إنني استمتعت بدفع تلك الغرامات المتراكمة، لكنني سأقول إنني تقبلتُ برضا وطيبة خاطر تكبُّد هذه الغرامات طالما أن ذلك يصب في النهاية في صالح هذا المجتمع الذي أنا فرد منه، وهذه ليست مثالية خيالية فأنا مثل كثيرين ممن اكتووا بفقد الأحبة بسبب حوادث المرور.. كما أن هذه الغرامات نبهتني إلى ضرورة متابعة وتوعية سائقي بأهمية احترام قواعد المرور، وأن عدم احترامها سيكون له ثمن متصاعد متراكم. إنني أشد على يد منسوبي المرور، وبالذات الإدارة المسؤولة عن «ساهر»، وأقول لهم إنكم لا تسهمون فقط في تقليل الحوادث المرورية ولكنكم أيضاً تسهمون في ضبط وترقية سلوك الناس.. ومع الوقت سيصبح احترام قواعد المرور عادة متأصلة في النفوس لا تحتاج إلى رقابة. ومع ذلك فإنني أتمنى من نفس هذه الجهات المسؤولة عن «ساهر» المسارعة في القضاء على سلبياته التي أوجدت الكثير من الخصوم لهذه الآلية الراقية. لابد أن مسؤولي «ساهر» يواجهون يومياً في كل مجلس سيولاً من النقد، وهذا ما نلمسه نحن المواطنين من خلال ارتياد المجالس. ولابد أن مسؤولي «ساهر» يدركون من خلال احتكاكهم بالناس أن الكثير من منتقدي «ساهر» لا ينتقدون الفكرة بحد ذاتها ولكنهم ينتقدون السلبيات التي تصاحب التطبيق.. وقد مرَّت تجربة «ساهر» بفترة كافية من تسجيل الملاحظات وتصحيحها.. فهل يسارع المسؤولون عن «ساهر» إلى التخلص من السلبيات الواضحة؟!