في عالم السياسة، ليس هناك صديق دائم ولا عدو دائم كما هو معروف، ولنا عبرة في مواقف الساسة من كثير من القضايا، والتي يكاد يكون فيها الموقف لا أخلاقياً، كما حصل أيام ضرب العراق في 2003، وغزة في 2008، ومع ذلك فإن هناك حدوداً وخطوطاً حمراء يفترض أن لا يتجاوزها السياسي بأي حال. منذ حوالي العام، والنظام السوري يقتل شعبه بلا رحمة ولا هوادة، ونتيجة لذلك فقد تخلت عنه كثير من القوى العالمية، والتي كانت حليفة له أو تقف على الحياد، ولم يتبق معه إلا أنظمة روسيا والصين وإيران وكلها أنظمة شمولية وقمعية، تجد في دعمها لطاغية دمشق دعماً لذاتها وحماية لأنظمتها القمعية. حركة حماس، كان لها دور اجتماعي كبير أيام الشيخ الشهيد أحمد ياسين، وكان ذلك قبل أن تتوغل في أوحال السياسة، وقد تخلت بعد وفاته عن هذا الدور الريادي وأصبحت أداة تتلاعب بها القوى الإقليمية بما يتلاءم مع مصالح تلك القوى، وكل ذلك على حساب قضية المسلمين الأولى. كانت البداية عندما نكثت بمبادرة خادم الحرمين الشريفين، والتي تمت في بيت الله الحرام بمكةالمكرمة، ثم تلا ذلك ارتماؤها في أحضان النظام الإيراني بترتيب من نظام دمشق، والذي استغل استضافته لقادة الحركة في القيام بذلك. المدافعون عن حماس يقولون إنها فعلت ذلك لأن العرب تخلوا عنها، وهذا غير صحيح بالمطلق، فقد بُذلت جهود كبيرة، ومن ضمنها مؤتمر مكة الآنف الذكر. كان المتوقع أن تكون حماس أول من يقف مع الشعب السوري، لأن الفلسطينيين يمرون بتجربة مماثلة من قبل إسرائيل، ولكن المفاجأة كانت أن حماس وقفت مع نظام البعث!، لدرجة أن الأخ خالد مشعل حرص على أن يكون إعلان إطلاق السجناء الفلسطينيين من سجون إسرائيل من قلب دمشق، وفي توقيت كان العالم كله يمارس ضغوطاً على نظام دمشق، وكان واضحاً أن الهدف هو تخفيف الضغط على نظام البعث!. إسماعيل هنية ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، فهو الآن في طهران ليشكرهم على الجهود التي يقومون بها في سبيل القضية، ولا ندري كيف سمحت لأخينا هنية نفسه أن يتجاذب الحديث، ويأكل من مائدة واحدة مع من يعلنون آناء الليل وأطراف النهار وقوفهم مع الأسد، ودعمهم له بالمال والسلاح الذي يدك به بلغراد الشرق «حمص» وغيرها من المدن السورية المنكوبة، ولكنها السياسة ودهاليزها.. وأخيراً، نتمنى أن لا تكون «حماس»، مثل كثير من حركات الإسلام السياسي التي تستخدم الإسلام لمصالحها بدلاً من أن تسير على هديه، وهذا مؤلم. وختاماً، إننا على يقين أن زيارة هنية لإيران، وفي هذه الظروف بالذات تعتبر طعنة في خاصرة كل عربي ومسلم، وكل حر حول العالم، وستكون عواقبها وخيمة على القضية الفلسطينية في المستقبل، وإن غداً لناظره قريب. فاصلة: «إذا أراد السياسي أن يكسب ثقة الناس فعليه أن يكون متحدثاً باسمهم».. السياسي والمفكر توماس جيفرسون.