الفتى المراهق، الذي يشب عن طبيعة، ومكونات خاصة، تجعله يأبى الجلوس في المنزل، ويتمرد على توجيهات والديه، ولا يستكين لرغبات أمه في أن يقضي وقته بعد المدرسة، وقبل النوم في ابتكار أي نشاط خاص به تحت سقف المنزل، وإن خضع لهذا فبصعوبة بالغة، تستنزف جهد الأم، وحزم الأب،.. إن وجد الأب غير المنشغل بأموره الخاصة.. هذا الفتى الذي يمر بمرحلة متغيّرات نمو، يجد نفسه فجأة ليس الطفل الذي يمكنه أن ينضوي تحت جناح الأسرة في كل أنشطتها، وبرامجها، واجتماعاتها, وفسحها، كما أنه ليس الرجل الذي يمكنه الاستقلال بقراراته، فلا تُتاح له في المجتمع خارج أسوار البيت سوى الأسواق، والشوارع، والصحب، وهناك محاذير يضعها الوالدان له لا ترضيه.. ومن ثم يتحوّل جو المنزل لصراعات مهما حاولت الأمهات الهيمنة، وتناول أساليب من التعامل معه تختلف باختلاف ثقافة الأمهات، وخبراتهن إلا أنه تبقى هناك فجوة كبيرة بين ما يحتاجه هذا الفتى في مرحلة الخروج من الطفولة لصعود منزلة الرجولة من خطط, وبرامج استقطابية تضمن له نشأة صحيحة، ومساراً واضحاً، يعطيه دفعات من التكوين لشخصيته في غير ما يمس رغبات والديه من جهة، وضروراته هو الذاتية من جهة، بحيث يأمن التأثيرات السالبة فيما يتلقاه خارج المنزل حين تنطلق قدماه بعيداً عن هيمنة والديه, أو حين تحفه مخاوفهما.. في المدينة النابضة بمشاريع نهضة شاملة، تبقى فئة الفتيان في المراحل الحرجة، والتكوينية التي يمرون بها بكل خصائصهم غير الخفية عن المربين، والدارسين، والآباء, والأمهات.. بحاجة لمراكز استقطاب ذكية منتشرة تجذبهم للانخراط فيها, يمارسون هواياتهم، وأنشطتهم، ووسائل ترفيههم، والالتقاء بأصحابهم.. تُهيَّأ بشمول, وتنوّع، وتُقام بتخطيط، ومنهج، بحيث لا يجدون مناصاً من التوجه لها, يبلون عليها بقدرتها على فعل تأثير جاد، مدروس يمكن أن يعين الأسرة لحماية فتيان المجتمع بأساليب تغنيهم عن مغريات المرحلة، وعنفوان الطبيعة البشرية مع مؤثّرات المعطيات المختلفة التي يقعون تحت سطوتها.. فهناك في كل بيت قصة وقصص، ومواقف تستلهم الهمم، للتوجه لهذه الفئة من الفتيان رجال المستقبل. فاسألوا الأمهات، وربما الآباء حين لا يكونون بمعزل عنهم كثيراً..