يروى أن رجلاً جاء إلى إبراهيم بن أدهم فقال له: يا أبا إسحاق، إني مسرف على نفسي فاعرض عليّ ما يكون لها زاجراً ومستنقذاً لقلبي. قال: إن قبلت خمس خصال وقدرت عليها لم تضرك معصية، ولم توبقك لذة. قال: ها يا أبا إسحاق. قال: أما الأولى، فإذا أردت أن تعصي الله عزَّ وجلَّ فلا تأكل رزقه. قال: فمن أين آكل وكل ما في الأرض من رزقه؟ قال له: يا هذا، أفيحسن أن تأكل رزقه وتعصيه؟ قال: لا، هات الثانية. قال: وإذا أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئاً من بلاده. قال الرجل: هذه أعظم من الأولى. يا هذا إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له فأين أسكن؟ قال: يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه؟ قال: لا، هات الثالثة. قال: إذا أردت أن تعصيه وأنت تحت رزقه وفي بلاده فانظر موضعاً لا يراك فيه مبارزاً له فاعصه فيه. قال: يا ابن ادهم، كيف هذا وهو مطلع على ما في السرائر؟ قال: يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه وهو يراك ويرى ما تجاهره به؟ قال: لا، هات الرابعة. قال: إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك قل له أخرني حتى أتوب توبة نصوحاً واعمل لله عملاً صالحاً. قال: لا يقبل مني. قال: يا هذا فأنت إذا لم تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب وتعلم أنه إذا جاء لم يكن له تأخير، فكيف ترجو وجه الخلاص؟ قال: هات الخامسة. قال: إذا جاءتك الزبانية يوم القيامة ليأخذونك إلى النار فلا تذهب معهم. قال: لا يدعونني ولا يقبلون مني. قال: كيف ترجو النجاة. فإذا بالرجل يردد الاستغفار، ولزم ابن ادهم في العبادة حتى فرق الموت بينهما. ها نحن في إجازة طويلة ممتدة تنقل بفيها الأوقات ويظهر الفراغ بدرجة كبيرة تجعله هذه الأيام ظاهرة يومية في البيوت وتعاني منه كثير من الأسر، فقد غاب عن حياتها برنامج يومي كان يأخذ اهتمامها ويفرض نظاماً مرتبطاً بالدراسة للأبناء والكل يتكيف مع هذا البرنامج طوال شهور الدراسة. ولكن في الإجازة وهي فترة راحة والتقاط أنفاس وتجديد نشاط بعد إرهاق للجميع. ولكن المشكلة أن الإجازة تتحول إلى فراغ يغير النظام اليومي فيصبح النوم لساعات طويلة من النهار، أما الليل فهو سهر خاصة للأبناء فتجدهم أقل نشاطاً إلا من لهو لا طائل منه، ومن الأبناء من يصيبهم «الطفش» والملل، وعلى ضوء هذا الواقع لا بد من خطط تسهم فيها الجهات المسؤولة عن أنشطة لشباب مثل مراكز أنشطة رياضية كأندية مصغرة في الأحياء، وقد رأيت بعضها مصادفة، ونتمنى لو درست مراكز الأحياء والبلديات بالتنسيق مع الرئاسة العامة للشباب للتوسع في مراكز للأنشطة الرياضية، وفيها رياضيات تشبع هوايات الشباب، وإذا ما تم ذلك سنجدها تستقبل العشرات والمئات في كل حي، وهي بالتأكيد تستحق الاهتمام وتستحق أن يتجاوب معها القادرون بالتبرع إذا ما وجدت خطة وجهات مسؤولة مثل مراكز الأحياء والمجالس البلدية التي نتمنى لو أنها تنظر أيضاً صوب أحيائها من هذا الجانب المتعلق بالشباب. ففي صيف كل عام نجد مراكز صيفية في مواقع عدة، ولكنها بعيدة وليس كل الشباب يقصدونها، وهناك من يبحث عن أنشطة تلبي هواياته، ويمكن أن تنظم محاضرات في مثل هذه المراكز حتى تمنحهم جرعات تغذي نفوسهم بتعاليم الإسلام وقيمنا وتقام الصلاة جماعة فيها، وبهذا يستفيد الشباب بدنياً ونفسياً. إن السهر يأخذ من أوقات أبنائنا الكثير من الليل ولا نسأل عن أوقاتهم فيما يمضونها، والقليل من يستيقظ أو يوقظ أهله لصلاة الفجر، وبذلك تضيع الإجازة في السهر ويحرموا الكثير من الخير خاصة صلاة الفجر التي هي نور للقلوب وسكينة وطمأنينة وهدى وطاعة. والجانب الثاني هو جهود توظيف الشباب في الصيف، وقد بادرت العديد من الجهات في هذه الخطوة، وليتنا نوسع أيضاً هذه الجهود، وأبناؤنا اليوم يتكلون على وظائف كهذه يساعدون بها أنفسهم ويخففون عن أهلهم ولو شهور قليلة، لكنها مهمة لأنها تغرس حب العمل وعدم الأنفة من الأعمال، ونحبب إليهم السعي وطلب الرزق وليتنا نستغل الإجازة فرصة لكل هذا الخير ولا نحرم منه أبناءنا. اللهم نسألك الرشد والسداد للجميع. حكمة: إذا فرغ الفؤاد ذهب الرقاد.