شدد مختصون على ضرورة تنويع مصادر الدخل بالمملكة في ظل اعتماد الإيرادات المالية للدولة تعتمد على مداخيل البترول بنسبة تتجاوز ال 90%، وبرروا ذلك لتجنب المملكة تذبذب أسعار البترول والتأثر بالأزمات المالية والاقتصادية العالمية خصوصا أزمة منطقة اليورو. جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمتها غرفة الرياض أمس تحت عنوان « كفاءة الاقتصاد السعودي في تفادي الأزمات المالية العالمية « التي تناولت تأثيرات الأزمات المالية العالمية على قطاعات الاقتصاد الوطني، وقدرة هذه القطاعات على استيعاب تلك التأثيرات، ووسائل تعزيز كفاءة الاقتصاد الوطني في الخروج من هذه الأزمات بأقل الخسائر . وأكد الدكتور صالح السحيباني مدير إدارة البحوث بشركة الراجحي أن قوة الاقتصاد الوطني ومداخيله العالية من الموارد البترولية مكنته من امتصاص الأزمات العالمية الأخيرة، مشيراً إلى أن تماسك مستويات أسعار البترول خلال تلك الأزمات كان عنصراً مهماً في توفير موارد كبيرة للمملكة تعينها على التغلب على الآثار السلبية للأزمات ، وتجاوز انعكاساتها الضارة. وتناول الاقتصادي الدكتور محمد الجديد أن قطاع البتروكيماويات كان شديد التأثر خلال فترات الركود الاقتصادي وانحسار الطلب على المنتجات البتروكيماوية في الأسواق العالمية، وكان أهم مظاهر تأثر القطاع يتمثل في انخفاض مستويات الأسعار، مشيراً إلى أن المنتجين الصغار هم أكثر المتأثرين بتذبذب الأسعار. وحول قطاع الأسمنت قال الجديد: إنه قطاع آمن نظراً لأن معظم الإنتاج يستهلك في السوق المحلية، ولفت إلى أن القطاع سيشهد في العام الحالي دعماً قوياً نتيجة الميزانية العامة للدولة هذا العام والتي تمثل أكبر ميزانية في تاريخ المملكة، فضلاً عن أن توجيهات خادم الحرمين الشريفين بإيداع مبلغ 250 مليار ريال في مؤسسة النقد والمخصصة لإنشاء نصف مليون وحدة سكنية ستشكل دعماً قوياً لقطاع الأسمنت حيث سيكون مطالباً بتوفير الطلب المتزايد لإنشاء هذا المشروع الضخم، وفيما يتعلق بقطاع الاتصالات ذكر أنه قطاع قوي يحمل العديد من المزايا والقدرة على النمو والتوسع الكبير وخصوصاً في مجال الهواتف الذكية. ورأى الجديد أن النظرة المستقبلية للاقتصاد الوطني هي نظرة متفائلة، لكنه قال إن «التطورات العالمية وانعكاساتها على قطاع البترول سيكون لها تأثيراتها على الاقتصاد الوطني الذي ما زال يعتمد على إيراداته بنسبة تتجاز ال 90%» ، لافتاً إلى ما وصفه بتطورات الهلال الشيعي وما ستسفر عنه من نتائج ستؤثر بشكل كبير على سوق النفط ومعدلات الأسعار. وحول اتجاهات سوق الأوراق المالية، وانعكاسها على المستثمر السعودي، قال طلعت حافظ رئيس لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية أن الأسواق العالمية تعيش حالة من عدم اليقين فالجميع يترقب ما ستسفر عنه الأزمة التي تتسم بالتعقيد الشديد. ورأى أن الإنفاق الحكومي الكبير الذي رصدته الميزانية الجديدة سيحدث تأثيره الإيجابي على مختلف القطاعات الاقتصادية، كما سينعكس إيجابياً على سوق الأسهم، ولم يخف حافظ مخاوفه من أن أزمة منطقة اليورو على اعتبار انها لا تزال بعيدة عن الحسم، وأنها أكبر من قدرة دول اليورو عن مساعدة الدول الواقعة تحت تأثيرها وخصوصاً اليونان وإسبانيا والبرتغال على تجاوز آثارها، وقال إن «تخصيص 200 مليار يورو لا تكفي لمقابلة الخسائر الهائلة التي تواجهها دول الأزمة والتي تتعدى التريليون». واتفق رئيس لجنة الأوراق المالية بالغرفة خالد المقيرن مع ما ذهب إليه حافظ، وقال إن «الأمور بالفعلعقدة في أوربا، ووصفها بأنها خارج الاجتهادات»، ودعا المستثمرين السعوديين إلى عدم المضاربة في الشركات الضعيفة والمتردية، وعدم تعجل الربح، كما دعا إلى ضرورة الاهتمام بالتخطيط الاقتصادي الجيد، والاستفادة من الكفاءات الوطنية والاستعانة ببيوت الخبرة الأجنبية المشهود لها بالكفاءة. وطرح أحد الحاضرين تساؤلاً خلال الورشة حول جدوى ربط الريال بالدولار الأمريكي الذي يواجه أزمات كثيرة، وأجاب الدكتور الجديد بقوله إن سياسة سعر صرف الريال الثابت كانت له مثالبه، لكنه مع ذلك حقق الاستقرار في الأسواق المالية، وعمل بوتيرة جيدة خلال الفترة الماضية، لافتاً إلى ضرورة التفكير في البدائل المتاحة، كما دعا إلى ضرورة النظر بشكل جيد في خطوات الوحدة النقدية الخليجية.