سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
« الرمز الكبير» جعل الرياضة قيمة اجتماية مشروعة الممارسة بعد أن كانت ممارسة مكروهة ! كتاب جديد للدكتور أمين ساعاتي بعنوان: (عبد الرحمن بن سعيد.. تاريخ وعطاء) خص (الجزيرة ) بأبرز ملامحه التاريخية
- يضع الدكتور أمين ساعاتي كبير مؤرخي الحركة الرياضية في المملكة اللمسات الأخيرة على كتابه الجديد عن الرمز المرحوم عبد الرحمن بن سعيد؛ ويحمل الكتاب اسم (عبد الرحمن بن سعيد.. تاريخ وعطاء) كأول إصدار تاريخي يتناول سيرة ومسيرة رائد الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى ومؤسس الشباب والهلال. مدعما بالوثائق والحقائق الدامغة والصور التاريخية النادرة. ويأتي هذا الكتاب بعد أن انتهى الدكتور أمين ساعاتي من إصدار موسوعة تاريخ الحركة الرياضية في المملكة العربية السعودية بعد تحديثها وتزويدها بآخر المستجدات في جميع الألعاب؛ وصدرت الموسوعة على اسطوانة DVD في ثمانية مجلدات أكبر من الطباعة الورقية التي صدرت في ست مجلدات.. - ويقول الدكتور أمين ساعاتي في تصريح خص به (الجزيرة).. مسلطا الضوء على أبرز ملامح هذا الكتاب التاريخي: ان عبد الرحمن بن سعيد صرف على الرياضة من صحته وماله الشيء الكثير؛ وكان هدفه ليس دعم الأندية وتأسيسها في منطقة الرياض فحسب؛ بل أيضا في منطقة مكةالمكرمة؛ فقد أنشأ العديد من الأندية في مدينة جدة كالاتفاق في عام 1376ه؛ كما ترأس النادي الأهلي بجدة حينما كان اسمه الثغر, وكاد الثغر أن يلغى لولا أن أنقذه؛ كما تحمل -رحمه الله - مسؤولية تأسيس نادي الشباب والهلال في العاصمة الرياض؛ وكان يدعم النجمة والنصر والأهلي؛ وعددا آخر من الأندية الرياضية في منطقة الرياض؛ كما أنه كان لاعبا وكان عضوا في اللجان الرياضية التي شكلت أثناء إشراف وزارة المعارف في عام 1380ه؛ ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية في عام 1382ه؛ بمعنى انه إلى جانب نزعة التأسيس والبناء كان ابومساعد لاعبا بارزا في الشباب ثم في الهلال؛ وحينما هبط مستواه لم يفرض نفسه ولم يشترك في مباراة بطولة الدوري العام بين الهلال والوحدة على كأس جلالة الملك المعظم في عام 1380ه،. وكان ابن سعيد عضوا في بعض الاتحادات الرياضية وعضوا في اللجنة الأولمبية السعودية؛ ومن المفارقات العجيبة أن الرمز الكبير ولد في عام 1347ه؛ وأن الرقم (7) قاسم مشترك أعظم مع أهم إنجازاتنا الرياضية؛ فلقد تأسس نادي الاتحاد بجدة في عام 1347ه؛ وتأسس النادي الأهلي في عام 1357ه؛ وتأسس نادي الشباب في عام 1367ه؛ وتأسس نادي الهلال في عام 1377ه؛ وتأسس الدوري العام على كأس الملك ودوري الكأس على كأس سموولي العهد في عام 1377ه؛ وفي عام 1377ه صدرت جريدة الرياض أكبر الصحف السعودية؛ وجريدة اليوم وفتحت الصحيفتان الكثير من الصفحات لتغطية أخبار نشاطنا الرياضي. ويضيف المؤلف قائلا.. بأن كتاب (عبد الرحمن بن سعيد تاريخ وعطاء) ينقسم إلى عدة أبواب وفصول يبدأ الباب الأول بقصة ولادة ابن سعيد والحارة التي نشأ فيها وكيف أحب الكرة ثم بدأ يمارسها شابا يافعا؛ وبعد ذلك هيأته (كريزما) القيادة إلى تأسيس الأندية ثم السعي وراء انضمام أندية الرياض لإشراف إدارة الشؤون الرياضية بوزارة الداخلية؛ وحينما صدر قرار مجلس الوزراء بنقل مسؤولية الإشراف على الرياضة الأهلية من وزارة الداخلية إلى وزارة المعارف.. نجح عبد الرحمن بن سعيد في أن تكون أندية الرياض وأندية المنطقة الشرقية في مقدمة الأندية التي ترعاها وتشرف عليها اللجنة الرياضية العليا بوزارة المعارف؛ ثم رعاية الشباب بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية. ومضى الدكتور أمين ساعاتي في حديثه عن مشروع كتابه الجديد (عبد الرحمن بن سعيد.. تاريخ وعطاء): ان الكتاب يستعرض الكثير من المنافسات بين ابن سعيد وغيره من رموز الحركة الرياضية في منطقة الرياض ابتداء من نجوم فريق الموظفين الذي كان يلعب فيه ابن سعيد ومحمد الصائغ ومحمد مكي وحمزة جعلي وصالح بن ظفران ويوسف عابد وعبد الله أخضر ومحمد عبد الله الصائغ.. حتى تأسيس نادي الشباب الذي أسسه وترأسه ابن سعيد وفقا لما قال عبد الحميد مشخص. وقال المؤرخ الكبير.. وهويستعرض مقتطفات من كتابه الجديد: ومن خلال مزاملتي للصديق العزيز تأكد لي أن هناك علاقة ذهبية بين ابن سعيد ومدينته الفاضلة الرياض، فعبقرية المدن تخرج شباباً عبقرياً يسهمون في بناء مرافقها وجواذبها، وعبقرية المكان جزء لايتجزأ من عبقرية الإنسان وابن سعيد ولد في مدينة الرياض في عام 1347ه وشرب من لبنها ومائها وعاش بين رمالها، وتدغدغ بحبها وحنانها، واستطاع أن يعطى هذه المدينة الباسلة صفة العراقة في الرياضة، هو مثل أعلى على نَضَارة ووجاهة الرياضي وسموه وشموخه، هو الذي قدم هذه الصورة الجميلة للرياضي وألغى كل الصور السلبية التي كانت شائعة عن الرياضيين، كان ابن سعيد يؤمن بأن العمل الرياضي يقع في قلب التنمية الشاملة، هوجزء من شموخ هذا الوطن، ولم تكن الرياضة سقطة لا يعمل فيها إلاّ الدونيون، (عبد الرحمن بن سعيد) مؤسس نادي الشباب ونادي الهلال ومؤسس قوى للحركة الرياضية في الرياض.. وشيخ الرياضيين في المنطقة الوسطى.. واستطرد الدكتور الساعاتي في حديثه قائلا: هذا الرجل عظيم في كل شيء، عظيم في رؤيته وعظيم في رأيه وعظيم في مساهماته وعظيم في قناعاته وإقناعه.. رجل جمع في نفسه مميزات لا تجدها إلا في مجموعة رجال مميزين.. كنت يومياً ألتقيه في نادي الهلال وكنت أحياناً أحضر معه تمارين الهلال، وكنت غالباً أتناول معه طعام الإفطار في بيته بحارة الظهيرة البيت الشامخ القريب من مقر نادي الهلال. كنت في تلك الأيام أمام رجل شامخ وأمام حارة شامخة وأمام شارع شامخ وأمام ناد شامخ هو الهلال. وهذا يعني إنني كنت أتلمس « الشموخ « في شخصية عبد الرحمن بن سعيد.. وصفة الشموخ انسحبت على مخرجات عبد الرحمن بن سعيد فأسس نادياً شامخاً هوالزعيم، في وسط حارة شامخة هي الظهيرة، وفي شارع شامخ هوشارع الظهيرة. إنها عملية التفاعل بين الجغرافيا والتاريخ، أوبين الزمان والمكان. ومضى الدكتور أمين ساعاتي يتحدث عن كتابه الجديد عن ابن سعيد فقال: يومها سألت نفسي ما هي العلاقة بين هذا المؤسس وهذه المدينة المشعة، وهذا الشارع، وهذه الحارة؛ وهذا النادي. إن العلاقة يمكن اختصارها في عبارة واحدة هي « الشموخ « فعبد الرحمن بن سعيد رجل يتصف بالشموخ فكان لابد أن تكون مخرجاته شامخة، ولذلك كي يبقى الهلال شامخاً يجب أن يولد في المكان الشامخ ويسكن الشارع الشامخ ويعيش في المدينة الشامخة.. وإذا كان المؤسس شامخاً والمكان شامخاً والشارع شامخاً والمدينة شامخة، فلابد أن ينعكس هذا الشموخ على الكيان، فكان هلال الشموخ زعيماً، وزعيماً يكتنز البطولات ويقف على منصات التتويج، ألم يقل أرسطوطاليس إن سكان الشمال أذكى من سكان الجنوب بفعل تأثير المكان!. لقد ترددت على العاصمة الرياض كثيراً وأنا أكتب تاريخها الرياضي مرات عديدات، ولعبت مع نادي الشباب وكتبت بحثاً عن الفرسان الثلاثة (عبد الرحمن بن سعيد، محمد الصائغ، عبد الله بن أحمد)، ولم أعرف أن المقالة قد سكنت في قلوب الفرسان الثلاثة حتى أصبحت لوحة خالدة يحفظها الثلاثة عن ظهر قلب. - ويمضي الدكتور ساعاتي قائلا: حينما سكنت العاصمة الرياض مبتعثاً إلى معهد الإدارة كنت التقى يومياً الأخ الصديق عبد الرحمن بن سعيد والمرحوم عبد الله بن أحمد والصديق صاحب السموالملكي الأمير عبد الرحمن بن سعود - رحمه الله -، والأستاذ عبد العزيز الغامدي والمرحوم محمد عبد الله الصائغ أحد مؤسسي النادي الأهلي الجداوي وأحد مؤسسي الحركة الرياضية في الرياض وأحد أصحاب ملعب الصائغ الشهير الذي سمي باسمه. ومن خلال وجودي بجوار شيخ الرياضيين الرائد عبد الرحمن بن سعيد تعرفت على إنجازات وتجارب نادرة وجوهرية، ولولا وجودي في الرياض بجوار عبد الرحمن بن سعيد وزملائه لما عرفت ما عرفت وتوصلت إلى ما توصلت وكتبت ما كتبت.. وأقول حقيقة أن عبد الرحمن بن سعيد كان يحب الرياضة ويعشق الرياض ويبذل من أجلها الغالي والنفيس، والرجل كان يصرف الأموال ويدفع الرواتب ويتحمل التكاليف لوحده وكان المال بالنسبة لبناء الأندية رخيصاً عند عبد الرحمن بن سعيد، يدفع ولا يسأل، يصرف ولا يتكلم، يبذل ولا يتحدث، يعطي ولا يكل يغدق ولا يشحْ. ولعبد الرحمن بن سعيد الذي حفل تاريخه بتجارب رائعة في تأسيس الأندية المتفوقة فلسفة واضحة في تحقيق التفوق تتلخص في أن بناء النادي يجب أن يقوم على أبنائه، وإن التفوق الرياضي لايبنى إلاّ على المواهب، المواهب في اللاعبين، والمواهب في الإداريين، والمواهب في الإعلاميين والمواهب في البيروقراطيين الحكوميين الذين يجب أن يصدروا الأنظمة بعبقرية التفوق. وعبد الرحمن بن سعيد لم يكن هلالياً فقط بل كان صاحب بصمات رياضية على كثير من أندية الرياض ابتداء من الشباب والهلال والنجمة والنصر وغير ذلك من أندية الوسطى الغابرة والباقية. كان يدعم كل الأندية ويبحث عن حركة رياضية شاملة حتى أندية المنطقة الغربية استفادت من خبرات عبد الرحمن بن سعيد ومن أموال عبد الرحمن بن سعيد، وأخص بالذات النادي الأهلي الذي كان اسمه نادي الثغر وتولى عبد الرحمن بن سعيد رئاسته.. كما أسس ابومساعد نادي الاتفاق بجدة وترأس القلعة الخضراء الأهلي بجدة، بل خدم نادي الوحدة وقدم له عدداً من نجوم الكرة آنذاك كالطيب حربي والشقيقين يوسف وعبد الوهاب مندبة وأعاد إسماعيل فلمبان إلى الوحدة، ولذلك عرضت عليه العضوية الشرفية في نادي الوحدة، أي أن عبد الرحمن بن سعيد كان عضوشرف في نادي الوحدة. وقبل ذلك أسس نادي الشباب بالرياض وأسس نادي الهلال الزعيم وكان لاعبا فيهما، وشارك في دعم الكثير من أندية العاصمة الرياض، وأسهم في وضع أسس الحركة الرياضية في مدينة الرياض منذ التباشير الأولى؛ سيظل تاريخ ابن سعيد يمثل حقوقه الدائمة المشروعة في التاريخ الرياضي لهذا الوطن الغالي.. طلبت من الأستاذ عبد الرحمن بن سعيد أن يكتب سيرة حياته بخط يده فكتبها وأرسلها لي، إن قصة الرمز الراحل مع تاريخ كرة القدم بدأت حينما كان واحداً من أهم الذين أسهموا في إدخال لعبة كرة القدم إلى المنطقة الوسطى وكان أحد الأعضاء في فريق الموظفين أول فريق نشأ في الرياض.. وكان يسافر بين الفينة والفينة إلى المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية.. ويمارس هذه اللعبة مع الفرق التي كانت منتشرة في مدينة جدة، ثم يعود إلى الرياض حاملاً الدعوة بإنشاء فريق الشباب، ولقد تعرض ابن سعيد لكثير من الضغوط حتى يعدل عن تطلعاته بإنشاء الفرق الرياضية في العاصمة الرياض إلا أن مواهبه كانت أقوى من الضغوط.. حتى تمكن من إنشاء نادي الشباب في عام 1367ه (1947م) وكان معه حمزة جعلي ومحمد مكي وصالح ظفران وعبد الله أخضر. ولقد دار خلاف حول المؤسس الحقيقي لفريق الشباب بالرياض هل هوعبد الرحمن بن سعيد أم هومحمد مكي، ولكن المرجح أن ابن سعيد بما كان له من مال ونفوذ ولعب كان أقوى المساهمين في إنشاء الشباب، بيد أنه في البداية كان يستبعد اسمه عن الأضواء حتى لا يكون مكان نقمة عائلته المتدينة، وأستطيع أن أؤكد أن ابن سعيد هوالمؤسس الأول لنادي الشباب، وزكّى هذا الرأي عبد الحميد مشخص أمام الأستاذ حمزة فتيحي عند زيارتهما لي في بيتى بحي الروضة بمدينة جدة الوسيمة؛ (وأنا الآن أسكن في شارع التحلية قريبا من الكورنيش)، ولقد استمرت مساهمات ابن سعيد في تأسيس الأندية ونشر الرياضة في المنطقة الوسطى إلى أبعد من تأسيس الشباب.. إلى استغلال الانقسام الذي نشب بين إدارة الشباب في عام 1377ه (1957م) فأسس من الشباب فريق «الأوليمبي» الذي تغير اسمه بأمر من الملك سعود -رحمه الله- إلى الهلال.. وهوالآن الزعيم.. الزعيم النادي الأكبر الذي حصد بطولات متعددة محلية وخليجية وعربية وقارية حتى أصبح ناديا بعيداً عن دوائر المقارنة. ولقد ترأس عبد الرحمن بن سعيد مجالس إدارات نادي الهلال لفترات طويلة، وبالإضافة إلى تأسيس الأندية شارك ابن سعيد في اللجان والإدارات الرياضية.. فكان عضواً في اللجنة الرياضية منذ انتقال الشؤون الرياضية إلى وزارة المعارف في عام 1380ه (1960م) وهذه اللجان كانت بمثابة اتحادات فرعية لكرة القدم.. ثم شغل منصباً رفيعاً في الإدارة العامة لرعاية الشباب، ثم موظفاً كبيراً في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ثم أصبح ابن سعيد المؤسس وعضوشرف نادي الهلال.. ويضاف إلى هذا فإن ابن سعيد له مساهمات تاريخية واسعة في الصفحات الرياضية ولديه قدرات جيدة في تسجيل ورصد الأحداث الرياضية أولاً بأول.. إن شخصية ابن سعيد لا يغطيها كتاب واحد، وإنما تحتاج إلى دراسات علمية عميقة تجيب عن سؤال حائر وهو: لماذا عشق الرياضة، ولماذا اختار مشروع نشر الرياضة من باب تأسيس الأندية في مجتمع يؤمن بأن الرياضة ممارسة غير محمودة، السؤال بسيط ولكن الإجابة تحمل معها نظرية اجتماعية ذات أبعاد رياضية تتمحور حولها البطولات الإنسانية !! واختتم الدكتور أمين ساعاتي حديثه عن كتاب (عبد الرحمن بن سعيد تاريخ وعطاء) الذي خص بمقتطفات منه (الجزيرة) قائلا: عبد الرحمن بن سعيد كان يحارب في مجتمع يعتبر الرياضة شيطانا أخرس، وكان المجتمع التقليدي يعتبر الكرة رجسا من عمل الشيطان، وأن لاعبها ومزاولها ومديرها يستحقون أشد أنواع العقاب، ولكن مع ذلك لم يستسلم عبد الرحمن بن سعيد، بل ظل يصارع حتى حقق النصر وأصبحت الأندية في مدينة الرياض وما حولها من المناطق والمدن ملء السمع والبصر، حتى أصبحت الرياضة واجهة مشرفة للوطن وكل أبناء الوطن.. مشيرا إن الرمز الراحل عبد الرحمن بن سعيد.. سبيكة ذهبية نادرة يجب أن تدرس وتقدر حق قدرها.