عندما اشتعلت الانتفاضة الفلسطينية الأولى قبل 14 عاما كان عماد الفالوجي اسلاميا نشطا يثير الجماهير للخروج الى الشوارع ومحاولة طرد قوات الاحتلال الاسرائيلية. والآن بعد 15 شهرا من قيام الانتفاضة الثانية باتت خطوط القتال مطموسة يتمتع الفلسطينيون الآن بالحكم الذاتي ويعمل الفالوجي «40 سنة» وزيرا للاتصالات في السلطة الفلسطينية. قال:الآن يجب أن أتكلم عن اتفاقات ووقف اطلاق النار وفرص استمرار المفاوضات مسألة معقدة. ورغم أن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات دعا هذا الشهر الى وقف المعارك المسلحة ضد اسرائيل فإنه تعمد عدم انهاء النضال غير المسلح لقيام دولة فلسطينية مستقلة. لكن ما اذا كان الفلسطينيون المتشددون سيستجيبون لنداء عرفات أم لا فإن النضال لقيام دولة مستقلة سيستمر طالما استمر الاحتلال الاسرائيلي. ويعتقد فلسطينيون كثيرون ان الاحتلال يختبىء خلف قناع أن الفلسطينيين يتمتعون الآن بحكم ذاتي في مناطق محدودة بالضفة الغربية وقطاع غزة. يقول محللون فلسطينيون ان اتفاقات أوسلو المؤقتة الموقعة في 1993 والتي انهت الانتفاضة الأولى قد تضعف تأييد العالم لنضالهم الحالي. قال أستاذ العلوم السياسية علي جرباوي: النقطة الاساسية ان الاحتلال يختفي خلف معاهدات بين اسرائيل والفلسطينيين تحت ما يسمى عملية السلام وسلطة على الارض. والآن حتى اذا كانت انتفاضة شعبية فإنها غير مقبولة دوليا لوجود سلطة فلسطينية على الارض. وبالنسبة للاسرائيليين فإن وجود حكم ذاتي غير المعادلة جذريا. يقولون انه تم منح السلطة الفلسطينية حكم شعبها ولكنها فشلت في تنفيذ الجانب الاخر من الصفقة بعدم اتخاذ خطوات كافية لكبح الجماعات المتشددة الذين نقلوا العنف الى اسرائيل بشن هجمات انتحارية تفجيرية. قال المحلل الاسرائيلي باري روبين: الاختلاف الواضح عن الانتفاضة الأولى أنهم يحكمون شعبهم الآن.. وهناك اختلاف آخر انهم مثلما فعلوا في الانتفاضة الأولى يحاولون القيام بتعبئة شعبية ولكنهم لم يوفقوا.. انها الحرب هذه المرة. وما اذا كان الصراع الحالي يمكن أن ينضوي تحت التوصيف العالمي للحرب فإن الجانبين يتفقان أن سفك الدماء هذه المرة أكثر بكثير مما حدث من قبل. في الانتفاضة الأولى كان العنف اشتباكات بين رماة الحجارة الفلسطينيين وقوات اسرائيلية تستخدم قنابل الغاز المسيل للدموع وأسلحة خفيفة وكانت تتركز حول نقاط اسرائيلية في وسط مدن وبلدان في الضفة الغربية وقطاع غزة. حاليا سلم الاسرائيليون بعض هذه المواقع للشرطة الفلسطينية ولكن الاشتباكات أكثر ضراوة. ويحارب الفلسطينيون الآن ببنادق هجومية وقذائف مورتر وهجمات انتحارية. ويرد الاسرائيليون بالدبابات والهليكوبتر الحربية وطائرات أف 16. قال المحلل الاسرائيلي جوزيف ألفر: كانت الانتفاضة الأولى على مستوى أقل جدا من العنف.. بينما الانتفاضة الحالية عنيفة من أولها ويستخدم الجانبان أسلحة اثقل. وسقط في الانتفاضة الحالية التي اشتعلت في سبتمبر أيلول من العام الماضي 1000 قتيل أغلبيتهم العظمى من الفلسطينيين. وبالنسبة للفلسطينيين فإن حقيقة وجود السلطة الفلسطينية أدى الى انقسام حول كيفية اشعال انتفاضتهم. قال أستاذ العلوم السياسية زياد أبو عمرو: الانقسام قائم طبعا واسرائيل لا تجعل المهمة سهلة أمام الشعب ليختار... انهم يميلون بالطبع الى العمليات الثأرية والانتقامية. والناس انهكهم صراع محتدم منذ 15 شهرا وحصارات اسرائيلية خنقت الاقتصاد الفلسطيني. ويطالب فلسطينيون السلطة الفلسطينية ببذل مزيد من الجهود لتحسين معيشتهم. يقول الفالوجي انه يحاول إقامة معبر لهذا الخلاف وأنه في وضع يمكنه من تحقيق ذلك. في الانتفاضة الأولى كان الفالوجي وإسلاميون متشددون آخرون يحثون الفلسطينيين على مواصلة الانتفاضة التي انطلقت شرارتها في 1987 من مخيم جباليا للاجئين في ديسمبر 1987. في ذلك الوقت ساعد الفالوجي ونشطاء اسلاميون اخرون في انشاء حركة المقاومة الاسلامية ( حماس). وخرج منها في وقت لاحق وقال انه يجب اعطاء فرصة لاتفاقات السلام. والآن يحاول كبح جماح الحركة التي نفذت هجمات انتحارية تفجيرية داخل اسرائيل. قال يجب الآن اعطاء هذه الوسيلة جهود السلام فرصة وأن تنتظر حماس وتعطى السلطة الفلسطينية فرصة لمواصلة طريقها. دوري في السلطة الفلسطينية يتركز على كيفية وقف أي صراع داخلي. وأعتقد انني يجب أن أواصل هذا الدور حتى النهاية. ولكن رغم اختلاف الانتفاضتين فإن الرسالة لم تتغير. قال الفالوجي: رسالة الانتفاضة واضحة جدا. لا يمكن تحقيق السلام والأمن في ظل الاحتلال.