بات تقليد المواكب الجنائزية احدى العاب الاطفال في غزة مما يثير قلق العائلات الفلسطينية التي تراقب نمو جيل جديد يزداد عنفا ويأسا. وتقول ندى طفلة السبعة أعوام لرفاقها لنلعب لعبة الشهيد فيروحون يبحثون عن غطاء قديم يفرشونه أرضا قبل ان يتنازعوا حول من منهم سيمثل شخصية الشهيد. ويقول الطفل فايز ذو الاعوام الستة لرفيقه انت كنت الشهيد امس اليوم جاء دوري أنا الاصغر سنا انا من سيموت قبل ان يتمدد فوق الغطاء. وتروح ندى تلعب دور أم الشهيد وتلطم وتصرخ بينما يحمل الاولاد فايز ملفوفا بنعشه. ويروح الاطفال يصرخون الله اكبر افتحوا الطريق للشهيد رافعين العاب كلاشنيكوف بلاستيكية في محاكاة لمواكب التشييع التي يشهدونها كل يوم. ودفنت غزة سبعة فتيان خلال 48 ساعة الاسبوع الماضي تتراوح اعمارهم بين 14 و16 عاما ويضاف هؤلاء الفتيان الذين قتلوا في مواجهات بين الشرطة الفلسطينية واسلاميين إلى حصيلة 852 فلسطينيا قتلوا منذ ايلول/سبتمبر 2000 في مواجهات مع الجيش الاسرائيلي. وتثير اعمال العنف اليومية هذه مخاوف الاطباء النفسيين الذين يخشون نمو جيل جديد يزداد عنفا ويأسا. ويقول اياد زقوت الطبيب النفسي ومنسق مشروع التدخل في الازمات في برنامج غزة للصحة النفسية «منظمة غير حكومية» الطفل الذي يتعرض بيته يوميا للقصف ويرى هذه الجنازات تصبح نظرته للمستقبل سوداء وينعدم الدافع للذهاب إلى المدرسة الطفل الذي كان يحلم ان يكبر ويصبح طبيبا يبدأ بالتساؤل هل سأعيش حتى اصبح طبيبا؟. ويضيف عندما يدمر البيت رمز الحماية والملاذ من الخطر يفقد الطفل الشعور بالامان وأخطر مثال محمد الدرة الذي مات بين يدي والده فالاب رمز الحماية والسلطة لم يكن قادرا على رد الموت عن ابنه إذاً لا شيء مقدساً في اشارة إلى مقتل الطفل محمد الدرة الذي هزت صوره العالم اجمع. ويقول: صورة الجنازات والشهداء تولد نوعا من الحقد وغريزة الانتقام لدى الطفل وهي خطيرة جدا لأن حياته كلها تصبح مكرسة لعملية الانتقام وينقلب من طفل هادئ إلى مخلوق عنيف. وبات العنف ينعكس في العاب الاطفال والخلافات اليومية كما في كلامهم ورسوماتهم. ويقول حسام النونو مسؤول العلاقات العامة في المؤسسة في مدارس غزة: الاطفال لا يرسمون ورودا أو اراجيح بل الشهيد والدبابة والأعلام الفلسطينية واشخاصا ملثمين. ويضيف من قبل كان الطفل عندما يعود من المدرسة يتفرج على الرسوم المتحركة واليوم بات يستمع إلى الاخبار على محطة الجزيرة الفضائية القطرية. وتروي زاهية واصف «27 عاما»: ابنتي عمرها 20 شهرا وعندما تسمع صفيق الباب تقول سائلة: قصف؟. ولتعليم الاهالي كيفية التعامل مع الاضطرابات التي يعيشها اطفالهم، خصص برنامج الصحة النفسية خطا هاتفيا مجانيا لتقديم النصيحة والمساعدة فضلا عن زيارة المنكوبين. وتشير الاحصائيات إلى ان الاشخاص الاكثر تعرضا للاضطرابات العاطفية هم اهالي المناطق الساخنة القريبة من الحدود أو المستوطنات الاسرائيلية. وفي منطقة خان يونس احصى البرنامج وجود 54 في المائة من الاطفال يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة وحوالي 13 في المائة من اضطرابات سلوكية مثل زيادة العدوانية بينما 10 في المائة من الامهات يعانين من امراض نفسية كالاكتئاب.