بعد يوم من الخطب الرنانة وتبادل العناق عقد حامد قرضاي رئيس الحكومة الأفغانية المؤقتة أول اجتماع للإدارة الجديدة أمس الاحد وتركزت المناقشات على الأمن. وقال قرضاي للصحفيين خارج القاعة بالقصر الرئاسي التي عقد فيها اجتماع لمدة ساعتين «القضية الاساسية هي الأمن في أفغانستان». واجاب ردا على سؤال عن الأجواء التي سار عليها الاجتماع «رائعة رائعة مثالية للغاية»، ولابد ان الحكومة الجديدة متلهفة على بدء العمل لزراعة أرض عصف بها الجفاف طوال ثلاثة أعوام وإصلاح أوضاع بلاد النساء فيها بلا وظائف والأطفال يتلقون بالكاد بعض التعليم و 16 من كل مئة وليد يموتون عند الولادة ومتوسط العمر 43 عاما فقط. إلا أن إحدى المهام الأولى لقرضاي هي على الأرجح متابعة الحرب التي مازالت تدور رحاها في بلاده مع احتمال ان تكون ضمن مهامه الأولى معالجة الخطأ الذي تردد ان القوات الأمريكية ارتكبته عندما قصفت ضيوفا كانوا في طريقهم إلى حفل تنصيبه. وما زال هناك الكثير من جيوب المقاومة ومخابئ رجال طالبان وتنظيم القاعدة فيما تخضع كابول التي يقوم بدوريات الحراسة فيها رجال التحالف الشمالي وقوات أمن أجنبية لسيطرة قرضاي. ومازالت الطائرات الأمريكية تشغل سماء أفغانستان رغم انها تجد القليل من الأهداف لتقصفه، إلا أنه وقعت غارة في الاسبوع الماضي بطريق الخطأ. وقد تحدى أفغان صحة ما ردده المسؤولون الأمريكيون من تأكيدات جاء فيها ان المقاتلات الأمريكية قصفت قافلة من قادة تنظيم القاعدة وقالوا لرويترز في موقع الغارة يوم السبت إن عشرات القتلى كانوا قرويين أبرياء وشيوخ قبائل. وقال سكان اسماني كيلاي في اقليم باكتيا الشرقي إن الغارات التي استمرت سبع ساعات من مساء الخميس إلى يوم الجمعة قتلت من 50 إلى 60 شخصا ودمرت 15 شاحنة من قافلة لشيوخ قبائل كانت متجهة لكابول لحضور حفل تنصيب قرضاي. وقال قرويون لفريق من تلفزيون رويترز في أول تقدير مستقل للغارة ان من بين القتلى العديد من السكان. وقال القروي خوداي نور «الناس الذين تعرضوا للقصف كانوا متوجهين لتهنئة قرضاي بتولي السلطة». «لم يكن أعضاء من القاعدة وأنصار ابن لادن هنا». وقال قرويون إن 15 آخرين أصيبوا بجراح ونقلوا إلى مستشفى على مسافة ست ساعات بالسيارة قرب الحدود مع باكستان. وقال أطباء في مستشفى ببلدة باراتشينار الباكستانية إنهم عالجوا رجلين باصابات لحقت بهما من جراء الغارة. وقالت الولاياتالمتحدة إنها أجرت تحقيقا بشأن الهجوم وتوصلت مبدئيا إلى ان القتلى كانوا من عناصر طالبان أو مقاتلي القاعدة. وقال الجنرال الأمريكي تومي فرانكس في كابول بعد أداء قرضاي اليمين الدستورية بكابول «أبلغكم بناء على اتصالات مع القيادة انه فيما يتعلق بهذا الشأن فإننا نعتقد انه كان صيدا جيدا». وقال دبلوماسي أمريكي في كابول إن القافلة كان فيها أعضاء في القاعدة وانهم فتحوا النار على الطائرات. وقال قرضاي في مؤتمر صحفي قبل دحض القرويين لتأكيدات الأمريكيين في هذا الشأن انه سيتحرى الأمر. وقالت وكالة الأنباء الإسلامية الأفغانية إن عبدالله جان المتحدث باسم مجلس شورى قبيلة نيايازيان في خوست قرب موقع الهجوم حث قرضاي على إصدار أوامره ببدء تحقيق. ونقلت الوكالة عنه قوله إن من بين الضحايا مولاي ميان جان الذي كان يسافر إلى كابول بدعوة من قرضاي نفسه. وتعهد قرضاي الارستقراطي عذب الحديث بالبدء سريعا في مهمة إعادة بعث أفغانستان من الركام. وتعهد في حفل أداء اليمين أمس بالحكم في ضوء مبادئ الإسلام وبارساء احترام حقوق المرأة. ويتطلع سكان أفغانستان البالغ عددهم 25 مليون شخص منهم خمسة ملايين لاجئ إلى قرضاي من أجل تعزيز السلام بين زعماء الحرب بعد سنوات من الاقتتال ولإنهاء المجاعة مع بداية فصل الشتاء حيث الجفاف عصف بأراضي البلاد. وكشف قرضاي عن خطة من 13 بندا لإعادة بناء أفغانستان وأشاد بالمقاتلين الذين أطاحوا بطالبان. وناشد المجتمع الدولي تقديم مليارات الدولارات للمساعدة في إعادة بناء بلاده مشيرا إلى ان حفل تنصيبه التاريخي الذي هو أول انتقال سلمي يحظي بالقبول للسلطة منذ عقود لن تكون له قيمة لو فشلت حكومته. في الوقت نفسه تولت قوات مشاة البحرية الملكية البريطانية مواقعها استجابة لدعوة شعبية من أجل اضطلاع قوة أجنبية بمسؤولية الأمن لمنع الزعماء الأفغان من العودة للحرب . وظهر في الشوارع رجال التحالف الشمالي بقبعات بيضاء جديدة وقد كتب عليها «شرطة» باللغتين الإنجليزية والداري.