تابع المهتمون بأحوال الاقتصاد العالمي مؤتمر تحرير التجارة الذي انعقد في الدوحة عاصمة قطر وحضره مندوبون عن مائتين وإحدى وأربعين دولة وافتتحه أمير قطر متمنياً أن تحظى المداولات بالاتفاق على البنود التي تم توزيعها على الأعضاء قبل شهر من انعقاد المؤتمر. إلا أن الخلاف كان واضحاً لاسيما بين الدول الغنية والفقيرة التي كانت تأمل في أن تنال نصيبها من الدعم العالمي لإنتاجها الذي تكاد أسواق الدول الكبرى أن تلفظه حفاظاً على الإنتاج المحلي. والمفروض أن يفشل المؤتمر لأسباب كثيرة أهمها أن الدول الأعضاء لا تعامل على قدم المساواة ففي حين تفرض بنود تحرير التجارة أن يفسح المجال أمام القوى العاملة من كافة الجنسيات في أي قطر من الأعضاء نجد هذا الجانب لا يطبق بحذافيره في كافة البلدان الأعضاء في هذه المنظمة وكذلك الأمر بالنسبة للجمارك والدواء وإعانة المنتجات الزراعية والبترول لذا فإنه ليس من الغريب أن تميل دولة كبيرة صناعية مثل الولاياتالمتحدة إلى جانب الدول النامية في مواجهة الدول الأوروبية الأعضاء في هذه المنظمة وذلك حسب مصلحتها في مشروع العولمة الذي تسعى إلى تطبيقه على مراحل وفرضه على الساحة الدولية. أما إسرائيل فقد كانت هي الرابحة أيضاً في هذا المؤتمر عن طريق اختراق الأنظمة لاسيما العربية التي تحاول إحكام طوق المقاطعة في وجه صناعتها وإنتاجها المتنوع لذا فإن مندوبها لم يخف سعادته من أن إنتاج دولته يجد الرواج والانتشار في الأقطار الملاصقة لحدودها الوهمية ومنها يتوغل إلى الأسواق الأخرى بمساعدة أعوان سيدته أمريكا. المؤلم أن الدول المنتجة للبترول لم تستطع أن تجد الاستجابة من الدول الأعضاء خارج منظومة أوبيك في أن تلغي تلك الدول الرسوم الباهظة التي تضعها على الصادرات البترولية التي تبلغ 40 100 من الذي تتقاضاه الدول المنتجة للبترول فيدخل الفارق إلى جيوب الدول التي لا تنتج البترول والذي يحدث عن ارتفاع أسعار الرسوم في تلك الأقطار لمحاولة التقليل من استخدام البترول ومنتجاته لتوفير مبالغ طائلة وهو ما يعني خسارة الدول المنتجة في تسويق هذا المنتج الذي تكاد بعض الدول أن تعتمد عليه اعتماداً كلياً لندرة الإنتاج المغاير. كما أن تفاوت مقدار الجمارك الذي يوضع على البضائع الواردة سوف يكون حائلاً دون انتشار البضائع الشبيهة من الدول الأعضاء المشاركة في هذا المجتمع والذي جعل اليابان بالذات هي المستهدفة من رفع رسوم الجمارك تصرخ محتجة لأن بضائعها سواء من السيارات أو من الأجهزة الكهربائية وبالذات الكمبيوترات تجد إقبالاً كبيراً من المستهلك الأمريكي ليس لأنها أقل اسعاراً فقط وإنما اقل تكلفة في الاستعمال حيث إنها بالتعبير العام اقتصادية. كما أن المشاركين يتذكرون موقف الدول المعنية في تجمع سياتل الذي أفرز بغضاء وحقداً على سياسة العولمة الأمريكية المناوئة للشعوب الفقيرة. هذا مع العلم بأن المملكة العربية السعودية لم تشارك في تجمع الدوحة للشروط التي ينبغي أن تنفذها حتى تتلاءم قوانينها مع توجهات تلك المنظمة على أن الأسواق سوف تستريح من سيطرة الوكلاء على السوق وفرض الأسعار التي يريدونها أو سوف تستبدل الوكالات بالمسوقين دون أخذ عمولات محددة وهذا من مصلحة المستهلك ولاشك كما أن المبيعات سوف تكون شفافة من كافة المصانع ولذلك سوف تنكشف الصفقات الغامضة وتعلن للملأ وفي هذا فائدة لكافة الشعوب المغلوبة على أمرها. *ص.ب 6324 الرياض 11442