ابني الذي تجاوز السابعة يجبرني على أن أشتري له ملابس رياضية باللون الأزرق، بشكل لم أعد أميز بين الجديد والقديم، بل يصر على أن يسمي كل شيء أزرق على أنه هلالي، ويبدو أن له من القرناء من يحذو حذوه، فلون السماء هلالي وليس سماوياً ولون البحر هلالي وليس بحرياً، ولون الحقيبة يفضل الأزرق على بقية الألوان وان طابت، وإذا اقتربنا من مجمع مطاعم فضل اللوحة ذات اللون الأزرق على بقية الألوان، ومن سوء الحظ أنه لا توجد فاكهة باللون الأزرق، فكثيراً ما أخشى عليه من الالوان الصناعية للحلويات والعصائر، ومن حسن الحظ أن بعض معلبات الألبان تتزين بالأزرق ولهذا فهي مشجعة على أن يشرب الحليب الطازج، وحتى شعار الشرطة في نظره هلالي حتى انه حزن على فكرة الشعار الجديد لجهاز الشرطة، وأخشى أن يقال بأن ابن الوز عوام، لأني في صغري لم أفكر بهذه الطريقة التي هو عليها ابني، وأظن القارئ الكريم يواجه تقريباً نفس هذه الظاهرة لدى أطفاله، الذين هم امتداد له وشخصياً أجد لابني بعض العذر في ميوله للون الأزرق لانه يغرق في هذا الموج كثيراً، حيث تحيط به قمصان تلونت بالازرق. وجماهير الهلال يحبون ناديهم، وهو شبيه بحب قيس الذي غرق في حب ليلى حتى انه تمنى ان يكون طبيبا يعالجها عندما علم بمرضها وأماني قيس تشبه أماني الهلاليين في معالجة مشكلات ناديهم، ولهذا تجد ان محبي هذا النادي كثيراً ما تؤثر آراؤهم في قرارات الإدارة الهلالية إن هناك أوجه شبه بين عشق ليلى لقيس وعشق جماهير هذا النادي لكيانهم الهلال سمعت أحد الهلاليين يوماً يسأل صاحبه عن إمكانية تغيير ميوله لو انتقل لاعب بمستوى يوسف الثنيان (الذي يعشق فنه) إلى فريق آخر، فرد عليه صاحبه قائلا: ليش أنت شايف الهلال هو الثنيان.. الهلال هو الذي صنع شعبية الثنيان وغير الثنيان، لو لبس هذا الشعار من يكون فالحب يبقى للهلال.. وأعرف شخصيا هلاليا لا يشاهد مباريات الهلال لأنه لا يتحمل أن يراه مهزوما، أما من يفارقه النوم عندما يتخلف الهلال فأعتقد انه السواد الأعظم من جمهور الهلال فما سألت هلاليا إلا ويعاني من قلة النوم في الليلة التي تخلف فيها الهلال. وقد يقول قائل إذا كنت تعتقد بهذا العشق لنادي الهلال فإن الأندية الأخرى فيها من الجماهير من يعشق ناديه بالصورة التي رسمتها عن جماهير الهلال وأكثر، وأقول أن هذا الكلام فيه من الصواب ولكن العشق الهلالي ظاهرة أما عشق الجماهير للاندية الأخرى فهي حالات، خذ مثلا جماهير نادي النصر، هي جماهير عاشقة لمهارات ماجد عبدالله أكثر من تشجيعها لنادي النصر، نسمع كثيراً ان هناك من اعتزل التشجيع بعد رحيل ماجد، فماجد يتفوق عشاقه على مشجعي نادي النصر فلو كان ماجد عبدالله يسمح عمره الرياضي بأن يعيش هذه الفترة وأتيحت له فرصة اللعب لناد آخر، كم تتوقع من الجماهير التي سوف تغير ميولها للنادي الذي سوف يلعب له هذا اللاعب. ولكن ظاهرة العشق أضرت بنادي الهلال حتى إن بعض اللاعبين لا يمكن أن يستمروا على خارطة نادي الهلال فجمهور الهلال جمهور ذواق ولهذا نادراً ما يحقق لاعب النجاح المنشود مع الهلال بسبب هذا الذوق الكروي فقد سألت مرة اللاعب سامي الجابر عن سبب تفوق اللاعب البرازيلي (أديسون) في دوري اليابان ولم يوفق في الهلال فقال لي سامي إنما يحيط بالهلال عشاق وليسوا مشجعين.. فمثلا أحمد بهجت لاعب متمكن لم يكتب لتجربته النجاح في نادي الهلال، بينما نرى أن الاتحاد رأى في بهجت الكثير. يقول سامي لا يمكن للهلال أن ينال هزائم كما تنالها الأندية الأخرى، فمتى ما حدث ذلك فإنك تتوقع تغييراً جذرياً يصاحب ذلك. وعلى المستوى الفني نلاحظ ان المدربين ضحية هذا العشق الهلالي، فالمدرب الحالي لنادي الهلال (آرثر) سجل حضوراً فنيا مع نادي النصر في العام المنصرم، على الرغم من تعثر نادي النصر في الحصول على بطولة، إلا ان النصر اعتبروا رحيله خسارة كبيرة، بينما عشاق الهلال بدأوا يتململون من مدربهم على الرغم من ان الفريق يسير نحو الصدارة، إنه العشق القاتل أيها الأخوة.