اذا اشتعلت شرارة الحرب فلا تنطفئ بسهولة، والنيران المتصاعدة قد تنتقل لاراض واجواء أخرى، فهل ستمتد حرب افغانستان ويتسع لهبها ليطول دولاً اخرى؟ واين ستتوجه الضربة الامريكية القادمة؟ وما هي السيناريوهات المحتملة لتلك الضربة؟ وما هي الدولة العربية او الإسلامية التي سيأتي عليها الدور؟.. حول هذه التساؤلات تواصل الجزيرة استطلاعها من خلال آراء نخبة من المحللين والمفكرين وخبراء الاستراتيجية وأساتذة القانون الدولي.. يرى المشير محمد عبدالغني الجمسي رئيس اركان حرب القوات المسلحة المصرية عام 1973 انه عندما تبدأ شرارة الحرب لاتنطفئ بسهولة فالحرب ستجر حروبا اخرى وصراعات مباشرة وغير مباشرة، هذه هي حال الحرب في كل زمان ومكان، وحرب افغانستان مجرد البداية والخطوة الاولى، ولو تأملنا ما حدث منذ 11 سبتمبر سنجد ان الاحداث تسير بخطى سريعة ومتلاحقة بشكل يصعب معه التكهن والتحليل المستقبلي لها غير ان وقائع الاحداث تتجه إلى ان افغانستان مجرد مرحلة من مراحل الحرب الامريكية ضد ما تسميه الارهاب الدولي وبالتالي لا أستبعد احتمال ان تقوم امريكا بشن حرب ضد أي دولة اخرى فالتجهيزات والقوات والطائرات والصواريخ التي تم نقلها لافغانستان لم تكن تتناسب باي حال من الاحوال مع امكانيات حركة طالبان وكان السؤال الاول الذي يتبادر لاذهان الجميع هو ان هذه الاستعدادات من اجل دول اخرى، ومع ذلك اقول ان لكل حرب حساباتها ورؤيتها والاهداف المتحققة او التي يمكن تحقيقها وانعكاس ذلك على اوضاع امريكا واذا كانت حرب افغانستان لها حساباتها الخاصة والتي تم قبولها واحداث توافق دولاً وتحالف دول ضدها فان المرحلة التالية لذلك لها حسابات مختلفة من الصعب التكهن بشأنها حاليا وستصبح بعد ارتكاز القوات الامريكية في هذه المنطقة الاسيوية الهامة ثم تبدأ بعدها التحركات لاي جهة او دولة اخرى فالقوات الامريكية المحتشدة هناك لن تغادر وتعود لامريكا بسهولة.. وحول ما اذا كانت الدول العربية في فوهة هذه الحرب القادمة يقول الجمسي انه في ظل الحسابات العسكرية الحالية لايمكن استبعاد دولة ما فالقاذفات الأمريكية يمكنها ان تطول أي دولة ولكن كما قلت ان كل مرحلة وكل بعد له حساباته لدى امريكا وان الغموض هو سيد الموقف في الوقت الراهن وجميعا ننتظر ما تسفر عنه الاحداث. ويقول اللواء جمال مظلوم الخبير الاستراتيجي العسكري: في الحقيقة ان الولاياتالمتحدةالامريكية تنتهج في حربها التي بدأت في افغانستان بدعوى محاربة الارهاب منهج الغموض حيث نجد غموض الاهداف منذ البداية وغموض المعلومات وغموض التصريحات وتضاربها، فما يعلن عنه عكس الذي يتحقق، وفي بداية الحرب في افغانستان صرحت امريكا بان افغانستان ليست البداية وسبق وان اعلن الرئيس الامريكي بوش انه من ليس معنا فهو ضدنا في هذه الحرب التي وصفها بالصليبية، وبناء على ذلك اجد ان التحركات الامريكية والاهداف التي تسعى اليها أكبر من افغانستان والحرب ستطول دولا اخرى ان عاجلا او اجلا واعتقد ان الضربة القادمة ستشمل كل من العراقوالصومال لانه في حالة بدء الحرب مع كل من العراقوالصومال لن نجد معارضة كبيرة من الدول العربية والإسلامية، فالعراق يتم ضربها بين الحين والاخر وفي حالة تكثيف الضربات عليها لا تتغير الاوضاع بالنسبة للعالم العربي والإسلامي، وفي حالة الصومال ايضا حيث يوجد مخططات لضرب الصومال وقد سبق وأن أعلن مسؤولون أمريكيون عن وجود خطة لضرب الصومال وتعقب الإرهابيين فيها وبعد ذلك نفى مسؤولون امريكيون عن وجود لهذه الخطة، وبصرف النظر عن الحقيقة فان هذا التضارب يدل على ان الصومال في مقدمة الدول المرشحة للضربات الامريكية اما منظمات المقاومة الاخرى مثل حزب الله وحماس والجهاد وغيرها فانها ستتحمل جانبا كبيرا من الانشغال الامريكي حيث بدأ التفكير بالفعل في تصفيتها وان لم تقم امريكا بعمل كبير مثل تجييش الجيوش ضدها فإنها ستخضع لمخططات المخابرات الامريكية بالتعاون بالطبع مع المخابرات الاسرائيلية واعتقد ان هذه الصورة هي الاقرب للتصور في الخطوات الامريكية القادمة فامريكا لن تقف ولن تهدأ بعد افغانستان ولكنها ستراعي مصالحها في الدول العربية والمنطقة فتقوم بعملها دون ان تفقد مكانتها ايضاً. حرب عالمية ثالثة اما اللواء حسام سويلم فيرى: ان الامكانيات العسكرية الكبيرة والاستعدادات الضخمة التي بدأت بها امريكا الحرب في افغانستان توحي ان الحرب لن تنتهي بسقوط طالبان والسيطرة على افغانستان ولكن على عكس ما يراه الكثيرون من ان هذه الحرب ستتوقف وان الآلة العسكرية لن تتوجه لدول اخرى لانه في حالة توجيه الحرب لبلد اخر ستكون حربا عالمية ثالثة وتحدث انشقاقات كثيرة في العالم فضلا عن التحالف الدولي القائم حاليا، وعلى هذا اعتقد ان الولاياتالمتحدةالامريكية ستهدئ من وتيرة معاركها في افغانستان بعد نجاح عمليات الاستئصال التي تقوم بها القوات الخاصة الامريكية ضد طالبان والقاعدة الامر الذي يمكن واشنطن اولا من اقامة نظام حاكم من العناصر الافغانية التي ستجندها لصالحها ومساعدة هذا النظام الجديد في تشكيل حكومة تفرض نفسها بهياكل امنية وادارية في المدن الافغانية الرئيسية وهنا ستكون الولاياتالمتحدة مطالبة بدعم هذا النظام وهو ما يتطلب من وجهة النظر الامريكية ايقاف اعمال القتال حتى يتحقق الاستقرار المطلوب ودعوة اللاجئين إلى العودة إلى مدنهم وقراهم إلى جانب وضع برنامج سريع للتنمية لاشعار الأفغان بوجود تغيير ينسب الفضل فيه إلى واشنطن، وهذه الخطوة في تقديري تقلل من احتمال قيام الولاياتالمتحدةالامريكية بتوجيه ضربة اخرى إلى دولة اخرى لانه من الصعب في هذه الحالة اتساع وامتداد الحرب لتشمل دولا اخرى لان الوضع في افغانستان ما بعد طالبان فيه صراعات كبيرة ودائرة ومستمرة وذلك يتطلب وقفة لكي تهدأ الامور اولا فالولاياتالمتحدة، ستكون مطالبة بتوفير الحماية العسكرية للنظام الحاكم في افغانستان وان كان ليس بالحجم الحالي، وبالطبع سترفض روسيا والصين هذا الوجود العسكري وهذا من شأنه ان يثير صراعات في افغانستان وتتطلب هذه الصراعات فترة توقف لحسمها ومن ثم استبعد التفكير الحالي في شن حرب امريكية جديدة ضد دولة اخرى في الوقت الحالي. الدكتور هشام صادق استاذ القانون الدولي يقول: من الصعب التوقع اين ستكون الضربة القادمة ولكني انظر لتاريخ الممارسات الامريكية خلال الفترة الماضية وتأكيداتهم على ان الحرب ستطول كل ما هو ارهاب وفق تعريفهم الخاص في أي مكان، وواضح انه تحت هذا التعريف لن يفرقوا بين ما هو ارهاب حقيقي وبين حركات المقاومة مثل حماس والجهاد وحزب الله كما ان هذه الحرب تحركها في الاساس المصالح ولذلك فتوقعات ان تكون الضربة الامريكية القادمة في الاراضي العربية هو امر وارد جدا وعلينا ان نتوقعه ونستعد له. وأضاف: قد تكون هذه الضربة في العراق أو في لبنان حيث حزب الله ونحن نعلم الصدام الكبير بين امريكا والحكومة العراقية ومعارضة امريكا لرفع الحظر والعقوبات المفروضة على العراق ومناداتها بمواصلة تدمير مصانع الاسلحة والمنشآت النووية التي تدعي وجودها وقد تستغل امريكا الظروف الحالية لاضفاء شرعية على ضرب العراق بكامل قواها كما حدث في افغانستان تحت مسمى الارهاب. أما بالنسبة لحزب الله والكلام للدكتور هشام فقد اعجبني جدا الموقف اللبناني الواضح والحاسم من وضع حزب الله على قائمة المنظمات الارهابية والدعوة الى ضربه حيث وقفت كل الفصائل اللبنانية شعباً وحكومة إلى جانب حزب الله ورفضت بشدة توجيه أي ضربة إليه وذلك رغم تعدد واختلاف القوى السياسية في لبنان وصراعاتها الداخلية المستمرة لسنوات طويلة الا انهم وقفوا وقفة واحدة مع حزب الله لانهم ادركوا الدور الهام الذي يلعبه بالنسبة لهم وتحريره للجنوباللبناني ولكني اعتقد انه رغم هذا الموقف اللبناني القوي الا انه لن يمنع من وضع حزب الله على قائمة الاهداف الامريكية. وعن الموقف العربي من وجود ضربة عربية قادمة اشار الدكتور هشام صادق إلى ان الموقف العربي ما زال منقسما بين رأي الشارع ورأي الأنظمة واعتقد ان ردود فعل الشارع العربي كانت عنيفة جدا وساعدت بعض الجماعات المتطرفة على ظهور اتجاهات متطرفة بالشارع العربي تنادي بمحاربة امريكا والمطلوب هنا هو موقف وسط فلا يجب ان نخضع تماما للسياسة الامريكية وليس مطلوبا منا التناحر معهم في مواجهة مباشرة. ولكن المعروف طبقا للقواعد الدولية أن للأقوياء دائما مناطق ضعف وللضعفاء ايضا اذا ارادوا مناطق قوة يستطيعون استغلالها والامريكان لهم مصالح كبيرة وكثيرة في بلادنا العربية ونستطيع من خلالها ممارسة الضغط عليهم بالمقاطعة لبضائعهم مثلا ليعيدو التفكير في نواياهم ضدنا وليبدأوا في الحوار معنا بطريقة افضل. والمطلوب هو وحدة الموقف العربي تجاه الاخطار التي تهدد استقرارنا واراضينا ولدينا بالفعل ما يمكن ان نقدمه في هذا الاطار لكن اذا اصبحنا قوة واحدة ستكون لنا قوتنا وتأثيرنا. تباين الحالة العراقية والأفغانية ومن جانبه يؤكد الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري«البرلمان» ان هناك اتجاهات في الإدارة الامريكية تتوجه بالحديث عن توسيع الضربة العسكرية للتحالف الدولي ضد بعض المواقع التي ترى الولاياتالمتحدة انها ارهابية، اضافة إلى دول عربية. ويقول: ان هناك تصريحات سابقة من الرئيس الامريكي«جورج بوش» بتهديدات تجاه العراق، وربما تعكس بالفعل بداية للمرحلة الثانية من الحملة ضد الارهاب الا انه سرعان ما بادر الى التأكيد على وجود تباين بين الحالتين والملفين العراقي والافغاني، كما ان العراق مستهدف من قبل وقوع احداث سبتمبر، كما أن هناك حملات ضده لاستهدافه واتهامه بالحصول على مكونات او اسلحة كيماوية. ولذلك يعرب د. الفقي عن خشيته في ان يكون العراق مستهدفاً في وحدته الاقليمية والجغرافية، وان يجري في حقه نفس السيناريو الذي جرى مع افغانستان، بهدف المساس بتركيبته السكانية، وهو ما يدعو إلى القلق والتفكير الجاد في أن أي محاولة لضرب العراق ستمثل احراجاً بالغاً للعرب جميعاً، ويعد في الوقت نفسه سابقة خطيرة في حال حدوثها. ويحذر د. الفقي من خطورة ان يتم الخلط في حملة الولاياتالمتحدةالامريكية ضد الارهاب بين الارهاب كحركة، وبين بعض الجماعات والمنظمات الوطنية والنضالية مثل ان يتم الاساءة لفهم قضية كشمير، ويساء النظر إلى موقف شعبها الرامي الى الاستقلال. ويقول: انه لذلك فان هناك بعض الدول قدمت دعماً للحملة ضد الارهاب لتحقيق اهداف اجندتها الخاصة مثل الهند التي قدمت دعماً مقابل قضية كشمير، وروسيا تجاه قضية الشيشان، وأثيوبيا تجاه السودان، واسرائيل تجاه حركات التحرر الوطني سواء المنظمات الإسلامية أو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ويشدد هنا على ضرورة الا يتم خلط الاوراق بين القضايا الوطنية وبين مواجهة الارهاب، واتباع سياسة مستمرة في ممارسة المعايير المزدوجة على مختلف المستويات في السياسة والاقتصاد وغيرهما. وفي هذا السياق ينفي الفقي ان يكون الغرب يستهدف انهاء الإسلام. معتبراً ان ما يتردد عن وقوع حالات اضطهاد ضد عرب ومسلمين بالغرب لايشكل ظواهر عامة، وانما يعد وليداً لحالة الاحتقان التي عاشتها تلك المجتمعات بعد احداث سبتمبر تجاه كل ما هو عربي أو إسلامي، وبالتالي لاتوجد ثورة غربية ضد الإسلام. ويقول: انه من المصادفة ان أكثرية الدول التي تعرضت لعقوبات وحصار او تلك المستهدفة من سيناريوهات الضربة العسكرية القادمة هي دول عربية أو إسلامية. ورغم ذلك يدعو د. الفقي إلى أن هناك فهماً شديداً لدى الرأي العام الغربي والعالمي، ورغبة شديدة لمعرفة أي شيء عن الإسلام، وانه بعد الاحداث الاخيرة حدث تكالب على نسخ القرآن الكريم، ولذلك آن الاوان كما يقول إلى تقديم صحيح الدين الإسلامي وتحسين صورة الإسلام التي شوهت في الغرب. ويعود مجدداً إلى الحديث عن سيناريوهات الحرب المتوقعة. مؤكداً ان جميع الدول العربية فتحت ملفاتها للتعاون مع الولاياتالمتحدة في حملتها ضد الارهاب، بشرط الا تتم وفقاً لمصالح معينة أو لاجندة واغراض اطراف اخرى، ولذلك فان هناك اجماعاً عربياً في الا يتسع نطاق مواجهة الارهاب ليشمل دولاً عربية، وان يتم تحجيم محاولات ضرب الارهاب من حيث الزمان والمكان. ويقول: اننا نرفض تماماً أي اتهامات موجهة إلى المقاومة الفلسطينية بانها مقاومة ارهابية، فهي ستظل عملا قومياً وحقاً مشروعاً، ولذلك نرفض أي اتهامات ضدها بالارهاب ما دامت تتم هذه المقاومةعلى ارض محتلة بهدف تحريرها، اما حين تقع أي عملية فلسطينية خارج تلك الاراضي المحتلة فانها تكون ضد مدنيين، ولذلك فهو امر مرفوض، حتى لايضيع معه الحق المشروع في مقاومة المحتل. ضرب السودان والصومال.. غير متوقع وما دام الحديث عن ان سيناريوهات الضربة القادمة ستنال دولاً في القارة الافريقية هي السودان والصومال فان الخبير في الشؤون الافريقية الدكتور عبدالملك عودة يؤكد رفضه لفكرة ان يتجه التحالف الدولي لمواجهة الارهاب ضد السودان والصومال. ويقول: لا اتوقع ان يتم ضرب السودان والصومال ويفسر ذلك بان السودان ابدى نوايا حسنة خلال السنوات الماضية في مواجهة الارهاب، فضلا عن انه انهى جميع صلاته بتنظيم القاعدة، ولم تعد له صلة مطلقاً بهذا التنظيم أو غيره من التنظيمات الارهابية والجيوب الارهابية التي تتوزع في بعض الدول العربية. ويضيف ان هذا التوقع لا يقتصر فقط على انهاء علاقة السودان بالارهاب، بل ان النظام السوداني اوجدعلاقة مباشرة للتعاون الامني مع الولاياتالمتحدة، ولذلك فان بعض وسائل الاعلام العالمية تحاول ان تزج بالسودان في دائرة الحملة العسكرية المتوقعة لضرب معاقل الارهاب بهدف الحصول على مزيد من اشكال التعاون الامني بين السودان والولاياتالمتحدة. ويؤكد ان كافة شواهد الإدارة الامريكية تؤكد ان السودان لن تكون مستهدفاً من الضربة العسكرية القادمة ان وجدت، كما ان علاقة السودان ببعض الدول العربية اصبحت تسير في اطارها الطبيعي، ولم تعد الدول العربية تشكو من ان السودان يأوي إرهابيين أو انه يشكل تهديداً لامنها، كما كان يحدث خلال السنوات الخمس الماضية. وينتقل د. عبدالملك عودة إلى الصومال ليؤكد ايضاً استبعاد توجيه ضربة عسكرية اليه بدعوى صلته بتنظيم القاعدة ويقول: ان هذه الصلة لم تعد قائمة حالياً، لانه لا وجود لتنظيمات ارهابية على الاراضي الصومالية، فضلاً عن التعاون الذي يبديه الصومال في تسليم ارهابيين الى الدول التابعين لها، مما يعكس رغبة صومالية في ان يسود الاستقرار اراضيه، وتجنب اية محاولات للهجوم ضده سواء من خلال الولاياتالمتحدة بعد احداث سبتمبر أو قبل ذلك، فضلاً عن التفاته إلى الاهتمام بتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي ايضاً، واعادة بنائه من جديد. ويخلص من كل ذلك إلى ان السودان والصومال لن تنالهما الضربة العسكرية المقبلة التي قد يتوقعها البعض، ولكن اذا صارت الامور في غير هذا الاتجاه، فانهما لن يكونا ضمن الجولة الثانية لما يسمى بمحاربة الارهاب. الحل ليس عسكرياً ويعرب سفير مصر الاسبق عبدالرؤوف الريدي عن امله في الا تتوسع الضربة العسكرية المقبلة في الولاياتالمتحدة على بعض المواقع والمنظمات المعروفة بالمقاومة سواء في الاراضي العربية المحتلة أو في جنوبلبنان او حتى في المنطقة المتنازع عليها بين باكستان والهند. ويقول: ان هناك تبايناً وتنوعاً في اراء الإدارة الامريكية، وهناك تيار معتدل يتزعمه وزير الخارجية الامريكي«كولين باول» لا يتحدث عن توسيع الضربة العسكرية، عكس التيار الاخر المتشدد والذي يبدو متزعمه وزير الدفاع الامريكي، وهو ما ظهر في الخطاب الامريكي عن ضرب العراق، عندما اعلن«باول» ان الحملة العسكرية لن تستهدف العراق، فضلاً عن نقل هذا التأكيد الى وزير الخارجية المصري الوزير احمد ماهر، في انه لا توجد نية حالياً لضرب العراق. ويرى السفير الريدي صعوبة ان تتوجه الولاياتالمتحدةالامريكية بضربة عسكرية جديدة إلى دولة عربية ويستشهد ذلك بالموقف العربي الموحد الرافض لتوسيع هذه الضربة سواء للعراق او ان تستهدف لاحقاً بعض منظمات المقاومة في جنوبلبنان او الاراضي الفلسطينية ويقول: ان العرب لابد ان يستثمروا تصريحات«باول» هذه بعدم توسيع الضربة والتأكيد على الا تشمل مناطق او دولاً عربية لا حالياً ولا في المستقبل ايضاً. ويقول: اذا كانت الولاياتالمتحدة جادة بالفعل في مواجهة الارهاب والبؤر والجيوب الارهابية، فان عليها ان تلتفت إلى البحث عن حل لمشكلتين تموجان بصراعات عنيفة في دول العالم، هما الصراع العربي الاسرائيلي، والاخر في المنطقة المتنازع عليها بين باكستان والهند، وانه لو تم التوصل بالفعل إلى حل لهاتين المشكلتين فانه بالفعل لن يكون للارهاب صوت فيما بعد، ذلك لان العمل العسكري لن يكون هو الحل في مواجهة الارهاب والقضاء عليه. كل الاحتمالات متوقعة ويتوقع في هذا السياق ان تتوسع الحملة العسكرية لتشمل بعض المواقع التي تراها الولاياتالمتحدة ارهابية، وتتوجه إلى جنوبلبنان وكشمير والفلبين، وبالتالي فانه لو حدث هذا كما يقول فان الامور ستتعقد كثيراً، وستجد امريكا نفسها امام شعور عربي وإسلامي بالاحباط والكراهية، وربما تدفع بالامور إلى التوتر والمواجهة المشتركة، وتوسيع الكراهية لسياستها في العالمين العربي والإسلامي. ويقول السفير الريدي ان الولاياتالمتحدة اذا كانت ترى انها قضت على تنظيم القاعدة وعناصر طالبان في افغانستان، فانه يجب عليها ان تراجع سياستها، لانه يمكن ان تظهر بعض الجيوب من نفس الخط الذي ينتهجة تنظيم القاعدة في بعض الدول ليس بالضرورة ان تكون عربية، وبالتالي سيتولد جيل من الارهابيين يشعر بالغضب والاذلال، لان هناك قضايا مصيرية لم يتم حلها، ترتبط كثيراً باسباب نشوء ظاهرة الارهاب في الاراضي العربية المحتلة وكشمير، مما يؤكد ان الحل العسكري لن يكون ابداً هو السبب لمواجهة الارهاب. وازاء هذه الصورة التي رسمها السفير الريدي، فان هناك صورة اخرى يرسمها الباحث الاكاديمي الدكتور حسن ابو طالب الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عندما يؤكد ان الحرب في افغانستان لم تنته بعد، وان التطورات الجارية على الصعيد السياسي والعسكري متصاعدة في العالم ومتنوعة في الوقت نفسه، ذلك لان هناك مراحل اخرى صعبة يجب انجازها قبل ان تنتقل الولاياتالمتحدة إلى مراحل اخرى لما بعد أفغانستان. ويقول: اتصور ان أي صانع قرار لا يفكر مجدداً في خوض حرب بعد حرب افغانستان، لانه من الصعب عليه ان يفكر في الدخول في حرب اخرى، وفي منطقة اخرى، اذا ان ذلك سوف يشتت التركيز في إدارة الازمة الاولى، وايضاً يشتت الجهد في افغانستان، وبالطبع هذا التفكير العقلاني أو المنطقي قد لا يتوافق مع تنوع اركان الإدارة الامريكية، او بعض المؤسسات صانعة القرار في اوربا. ويضيف ان كل ما ينشر حول ان هناك مراحل اخرى للحرب ضد ما يسمى بمواجهة الارهاب الدولي، وتحديداً لمواجهة بعض البلدان العربية مثل العراق، الصومال، لبنان، اضافة إلى بعض المواقع الإسلامية في كشمير وتحديداً الجزء الباكستاني، فأيضاً في الجزء الذي تسيطر عليه جماعة ابو سياف في الفلبين، وكل هذا مرجح بالفعل لدى بعض الاوساط داخل الإدارة الامريكية، ولكنها لن تكون بالشكل او على النحو الذي رأيناه في افغانستان. ويشير إلى ان الدخول في حشد دولي وتحالف لتوجيه ضربات إلى العراق او الصومال او كشمير مسألة يكتنفها كثير من الصعاب السياسية الاستراتيجية على السوء،وانه رغم ضعف الموقف الصوماليوالعراقي على سبيل المثال، الا ان تأثير هذه العمليات الممتدة في حال وقوعها سيؤدي إلى ارباك شديد في الجهود الاوروبية والدولية الخاصة بمواجهة ظاهرة الارهاب، وهذا الامر لن يكون مفيداً للأوربيين أو حتى للامريكيين انفسهم باي حال. ويضع د. ابو طالب تصريح«باول» الاخير بانه لا يوجد قرار بضرب العراق حالياً في خانتين: الاولى تهدئة المخاوف العربية، وعدم اثارة العالم العربي والإسلامي في الوقت الذي تسعى فيه امريكا إلى الحصول على أكبر دعم ممكن من الدول العربية والإسلامية في هجومها على افغانستان. والثانية انه هناك قرار بالفعل في امريكا لضرب العراق، ولكن في زمن بعيد نسبياً، على ان تتوفر له المبررات السياسية لمثل هذا التصرف. وفي تصوره، فانه كلما وقف العالم العربي والإسلامي وقفة واحدة ضد أي تلميحات رسمية لاي هجوم امريكي وشيك على أي بلد عربي أو إسلامي بعد انتهاء العمليات العسكرية في افغانستان، كلما دفع ذلك الولاياتالمتحدة إلى عدم البحث الجدي لهذا الامر. فيقول: نحن العرب والمسلمين علينا مسؤلية كبيرة يجب الا نغفلها، فالحديث عن الحرب الذي يسود وسائل الإعلام الاميركية وبعض الدوائر الرسمية الامريكية امر لا ينبغي تجاهله، وهو يعكس روحاً او نزعة انتقامية امريكية لما حدث في 11 سبتمبر، وهنا يجب التحذير بأن الاستمرار او الاستقرار في مثل هذه الامور سيلقي بظلال سلبية على العلاقات العربية الامريكية. وهنا يحدد د. ابو طالب هذه الظلال السلبية التي يمكن ان تكتنف العلاقات العربية الامريكية حال تعرض دولة عربية لهجوم امريكي، فان هناك تساؤلاً في العالم العربي سيثور: لماذا العراق..؟، ولماذا السعي الامريكي لتقسيمه..؟ الامر الذي سيشكل كثيراً من الغموض والاجابة لدى المؤسسات الرسمية في العالم العربي، وبالتالي فان السعي لتوجيه ضربة عسكرية ضد العراق امر لن يحظى بتأيد رسمي أو شعبي في العالم العربي، فضلاً عن انه حال وقوعة، فان الامر سيتطلب لامريكا معونة من دول اخرى مجاورة، وهو ما لا تحتمله أي دولة عربية في ظل الظروف الحالية، وهو ما يفسر ان امريكا ستقوم بمفردها بهذه الهجمة، وهو ما سيؤدي أيضاً إلى الثمن الذي سيكون غالياً لامريكا على المستويات السياسية والعسكرية والمعنوية. وينتقل إلى الحديث عما يتوقع بشأن ضرب مواقع حزب الله في جنوبلبنان ويقول: ان ذلك سيشكل خللا في المنطقة على نحو يزعج اسرائيل، ذلك لان حزب الله لن يقف «متفرجا» امام هذه الضربات، وسيقوم بضرب مصالح اسرائيل، وهذا من شانه ان يعيق ما تقوم به الولاياتالمتحدة من جهود سياسية ودبلوماسية لتهدئة الوضع في الاراضي العربية المحتلة، لاستعادة الزخم التفاوضي بين الفلسطينيين والاسرائيليين. ويقول: انه من الواضح ان الولاياتالمتحدة في ضوء الاتصالات العربية الكثيفة التي تمت في الاونة الاخيرة مع الجانب الامريكي، فقد تقرر عدم التركيز على حزب الله في الفترة القادمة، حتى باستمرار وجود الحزب في قائمة المنظمات الارهابية وفقا للمفهوم الامريكي الذي يدرك ان حزب الله لن يمر بسهولة في الشارع العربي، أو لدى الكثير من الدول العربية، كما ان عدم تنفيذ الهجمة الامريكية بنجاح في افغانستان لعدم قتل اسامة بن لادن أو القضاء على ما تبقى من قوات طالبان المتمركزة في جنوب البلاد، يمكن ان يعيق توجيه ضربة لاحقة سواء لحزب الله أو إلى العراق.