إن الالتحام التاريخي الذي جمع بين الأسرة السعودية والشعب في الجزيرة العربية وما حققته هذه الأسرة من نجاح على يد الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - في توحيد شبه الجزيرة العربية والقضاء على حالة التخلف والتشرذم نتج عنه قيام المملكة العربية السعودية، ان أروع ما يميز تجربتنا الحضارية التي بدأت مع بيعة الشعب للملك عبد العزيز كون معطيات وتنظيمات تلك التجربة وكثيراً من أساليبها وطرقها تتفق مع ديننا وظروفنا وتقاليدنا وتراثنا وأهدافنا. ونحن في المملكة أبناء دين ينهى عن الفردية ودين يلزمنا بفرض (عين) أو فروض (كفاية) وهناك الجماعة الملزمة والمسؤولة عن حماية الأمة والدفاع عن الإسلام والرباط على كل ثغر تحت إمرة قيادة (مبايعة) والأمر شورى وغير مسموح بالغرور والاستعلاء ولا مساومة على حق المواطن بالعيش في أمان، ليس فقط أمان من الاعتداء بل أمان من الفقر والفاقة والعوز والمرض والجهل. وحيث استقر الفكر السياسي منذ زمن بعيد على أن أهم وظائف الدولة هي حماية الاستقلال وتأكيد سيادة الدولة وحفظ الأمن فقد توافر للمملكة مقومات القوة والمنعة بقيادة الملك عبد الله الذي عرفه شعبه شجاعاً بطلاً صادقا في دينه قويا في عزيمته لا يتراجع عن الاستعانة بأهل الرأي والحجة وتعيين أهل الإخلاص والحكمة وتقدير المواقف بصورة متوازنة. ولاستمرار قوة الوطن ومنعته جاء اختياره للأمير نايف ولي للعهد لثقته بقدرة الأمير على إدارة الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية. وكلنا يعرف ما قام به الأمير نايف من جهود عظيمة في خدمة هذا الوطن خلال أربعة عقود حيث شهدت المجالات الأمنية نمواً وتطوراً على كل الأصعدة حيث الأمن هو المقوم الأساسي للاستقرار الذي يوفر المناخ المناسب للتنمية الشاملة، وحينما يتطرق بنا الحديث عن الاستراتيجية الأمنية السعودية ومبادئها وأهدافها الجوهرية على المستوى الداخلي سرعان ما يتبادر للأذهان المسؤول الأول عن الأمن بكل مقوماته وأبعاده العلمية والفكرية واختصاصاته الرسمية والوظيفية والأمير نايف بحق يعتبر أعظم الكفاءات الأمنية على مستوى الوطن العربي. إن تضافر جهود الملك عبد الله وجهود ولي عهده الأمير نايف وخبرتهما الطويلة كفيلة بجعل القيادة قادرة على دفع عجلة التقدم وتنمية الموارد والإمكانات على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتطويق نواحي الضعف وتطوير نواحي القوة التي تأخذ باعتبارها المتغيرات الإقليمية والدولية وتأطير الإنسان السعودي الذي هو محور الحياة على ارض الوطن. حيث معادلة صنع الإنسان تتمثل في توفير الحياة الكريمة له وشموله بالرعاية ومنحه الثقة وتوفير الأمن والاستقرار له وضمان التعليم الجيد له. هذه المملكة العربية السعودية اليوم وهذا هو إنسان الوطن الذي حببه ورعاه واطمأن عليه خادم الحرمين وولي عهده الأمين. وإذا كانت المملكة اليوم مطمئنة آمنة بصناعة النجاح ومستقطبة أنظار العالم وإعجابه فذلك بفضل قيادتها الرشيدة وإنسانها المخلص الذين آمنوا بثقافة الحضارات واخوة البشرية وشراكة العالم وسيشهد التاريخ للمملكة أنها حكومة أنجزت وحققت وطورت وحافظت على أمانه واستقراره وازدهاره ورفعة إنسانه على الرغم من الظروف والمتغيرات الخارجية وما تحمله من أخطار وتحديات وضغوط عاش الملك عبد الله وولي عهده وعاش بهم ولهم شعبهم الناهض وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ .