انتشر الطلاق في المجتمعات العربية حتى وصل إلى درجة الظاهرة المقلقة وحسب دراسة أعدتها وزارة التخطيط فقد سجلت المحاكم السعودية سبعين ألف عقد زواج وقرابة ثلاثة عشر ألف حالة طلاق في العام الماضي فقط وذكرت الدراسة أن نسبة الطلاق ارتفعت إلى عشرين بالمائة خلال الأعوام السابقة حيث يتم طلاق ثلاث وثلاثين امرأة سعودية يومياً... مما استوجب عمل الدراسات تلو الدراسات للحد من تلك الظاهرة التي يرجع المختصون إلى أن أهم أسبابها العوامل الاقتصادية والانحراف السلوكي والأخلاقي والاختلاف الثقافي إضافة إلى الانفتاح على العالم عن طريق الفضاء والسفر اللذين أديا إلى اتصال ثقافي يحمل الغث والسمين انعكس على الأسرة ورغم أن معظم الدراسات قد ركزت على هذه العوامل إلا أنها قد أغفلت عاملاً مهماً وهو ثقافة التوافق العاطفي الذي قد لايحصل عليه الشاب أو الشابة في مجتمع مثل مجتمعنا السعودي الذي جعل الخصوصية شماعة يعلق عليها معظم القضايا الاجتماعية المعلقة فعلى سبيل المثال لا تستطيع الأم أو الأب أو المدرسة التحدث بشفافية مع البنت أو الولد حول هذه العلاقة العاطفية التي تخلق الاستقرار والحب بين الزوجين بحجة الحياء أو الخجل أو من باب سد الذرائع حتى المدرسة لا تسهم بشكل فعال بتثقيف الطلاب من الجنسين حيال العلاقة الاجتماعية والنفسية والعاطفية بين زوج أو زوجة المستقبل وقد استشعرت بعض المؤسسات الخيرية هذه المشكلة وأقامت دورات للمقبلين على الزواج من الجنسين على استحياء تقدم للمستفيدين من خدمات تلك الجمعيات للحد من ظاهرة الطلاق وقد استبشر المجتمع السعودي بقرار الفحص قبل الزواج كشرط لعقد القران لأسباب صحية قد لاتصل إلى مستوى التسبيب الاجتماعي أو النفسي لذا فإن الوقت قد حان كي نحد من نسبة ظاهرة الطلاق من خلال تجارب المجتمعات الأخرى التي اعتمدت التثقيف قبل الزواج منهجًا للوقاية من ارتفاع نسبة الطلاق ومن هنا يأتي السؤال من أين نحصل على ثقافة الزواج السعيد؟ واحترام الاختلافات بين الزوجين لكي تنشأ علاقة يسودها الحب والوئام فعلى سبيل المثال في 1992م انتبه رئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد إلى خطورة ارتفاع نسبة الطلاق على التنمية الاجتماعية والاقتصادية في ماليزيا التي يرى أنه يجب أن يكون لها موطئ قدم متقدمه بين قائمة النمور الآسيوية حيث بدأ بتطبيق تجربة رخصة الزواج الإلزامية التي لا يعقد القران بين الزوجين إلا بحصولهمعليها حيث أدت هذه التجربة إلى انخفاض نسبة الطلاق من اثنين وثلاثين بالمائة إلى سبعة بالمائة خلال عشر سنوات فقط حتى وصلت هذه التجربة إلى ولاية تكساس بأمريكا الشمالية وحدت من عناء المهارات الأسرية كما تم تطبيقها في أبوظبي ودبي... وتعتبر ماليزيا حالياً من الدول المتقدمة وأقل دول العالم نسبة في الطلاق ورخصة الزواج هي شهادة يحصل عليها الشباب والشابات المقبلين على الزواج كمخول لعقد القران حيث يخضع هؤلاء المقبلين على الزواج من الجنسين على دورات تدريبية تتعلق بالزواج والتربية والثقافة والتدبير المنزلي والمهارات الأسرية، وبما أن مجتمعنا السعودي هو أحد الدول العربية التي تعاني من ارتفاع نسبة الطلاق فإنه أحوج من غيره إلى تطبيق هذه التجربة الناجحة إذا كانت لا تتعارض مع الشرع والأنظمة المدنية علماً أن القاعدة الشرعية تقول (مالايتم الواجب إلا به فهو واجب) أي إذا كان الحفاظ على الأسرة من الواجبات ومن الأساسيات في المجتمع الإسلامي فإن كل واجب بشرع الله يؤدي إلى ذلك فهو واجب وهذا ما انطلق منه المشرعون عند إقرار الفحص قبل الزواج كشرط لعقد النكاح لتكون هناك أسرة سليمة من الأمراض الوراثية لا سمح الله.. من هنا نرى أهمية تطبيق رخصة الزواج كشرط لعقد القران بحيث تتولى الجمعيات الخيرية ومراكز التنمية والخدمة الاجتماعية ومراكز الأحياء المنتشرة بالمملكة مسؤولية عقد هذا النوع من الدورات والإشراف عليها تحت مظلة مؤسسات تدريب ومدربين معتمدين وفق منهج يحدده المختصون لمدة عشرة أيام ينهل منها المقبلون على الزواج ثقافة الزواج الدينية والاجتماعية والعاطفية والحقوق والواجبات بين الزوجين والتدبير والمهارات الأسرية من منطلق شرعي وثقافي. [email protected]