في عدد الجزيرة ليوم الثلاثاء 18 محرم من عام 1433ه، قرأت عن تعزية أمير منطقة القصيم ونائبه لأولئك الطلاب الذين وافتهم المنية إثر حادث مروري بعد عودتهم من ثانوية القوارة، حيث نقل التعزية مدير التربية والتعليم بمنطقة القصيم، وخبر نقاش مدير التعليم مع أهالي (كبد) مشكلة عدم توفر ثانوية في قريتهم، وأنّ مدير التعليم وعدهم خيراً، وتعليقاً على الخبر أقول: ليست المشكلة في عدم وجود ثانوية فحسب، بل في عدد من الخدمات المهمة لكل قرية، ولن أحيط بكل مطلب، ولكني سأناقش مشكلة مقابر المناطق والقرى والمحافظات التابعة لكل منطقة، إذ عدم توفُّر خدمة الموتى في القرى يعرِّض كافة الأهالي لأخطار التنقل عندما يصابون بمصيبة الموت وليس الطلاب فقط. توفي طالب من قرية شمال القصيم إثر حادث مروري، فتم دفنه في «بريدة» والمسافة لا تقل عن سبعين كيلو متراً، فجاء السؤال: لماذا لم يتم دفن الطالب في القرية، فقال أحدهم لدينا مقابر لا واحدة، ولكن لا يدفن فيها، لأنه لا أحد يقوم على تلك المقابر. المقبرة المستخدمة بكثرة في مدينة بريدة واحدة والممتلئة أكثر من ثلاث، بينما يدفن غالبية موتى أهالي القرى والمحافظات القريبة من مدينة بريدة في مدينة بريدة لظروف عدّة، كمكان الموت وإجراءات تصريح الدفن، وفي الغالب يموت الناس في مستشفيات مدينة بريدة أو يتم نقلهم قبل موتهم للمستشفى، وفي الغالب يركن الجميع بسبب الخدمات المقدمة للموتى في بريدة، من تغسيل وتكفين الميت إلى الصلاة عليه ودفنه في جمع غفير. أين الخدمات المقدمة لتلك القرى ولماذا التقصير في خدمة موتى أهالي القرى والمحافظات في أماكنهم ؟ والسؤال موجَّه لكل مسؤول عن هذا الموضوع، كأمانة منطقة القصيم والمشاركين في تغسيل وتكفينهم وتأمين القبور. إذا استمر دفن موتى القرى والهجر المجاورة لكل منطقة في المدن الكبيرة مثل بريدة، فلن يجد أهالي المدن مقبرة أو سيضطرون لتدبير مكان آخر لدفن موتاهم، بينما مقابر القرى والهجر فارغة أو شبه فارغة. ليس من المعقول استمرار الحالة ولا يعقل تكبّد الجميع العناء والمشقة في كل مرة، هذا غير حرمان أهالي القرى من المشاركة في تشييع الجنائز لبُعد المسافة، وتعريضهم وذوي الميت والآخرين لأخطار الطريق. المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على وزارة الشؤون البلدية والقروية، فهل لديها ميزانيات خاصة لخدمة المقابر وما دورها في تنظيم الجمعيات أو الهيئات أو الأفراد في خدمة الموتى وخاصة في القرى والهجر الصغيرة؟ والمسؤولية تقع بالدرجة الثانية على المسؤولين في تلك القرى والمحافظات، فهم قادرون على تغيير الواقع وثني الناس عن استعمال مقابر أو مقبرة المدن، وذلك من خلال السعي لإقامة جمعية متخصصة لاستقبال الموتى لتغسيلهم وتكفينهم وتأمين الحفر واللبن وأماكن التعزية والإضاءة وما شابه ذلك. مقابر أو مقبرة أي منطقة لن تتحمل الأعداد الكثيرة في المستقبل، وحالها تتطلّب خططاً وأنظمة وميزانية لكل قرية ومحافظة مخصصة لخدمة الموتى ومقابرهم، كضرورة دينية ومدنية وبيئية ومرورية وأمنية. من المسؤول عن خدمة الموتى في كل مدينة ومحافظة وقرية، ولماذا نسمع عن مشاكل تأمين الثلاجات لاستقبال الموتى، وإلى متى لا يؤمّن قبر لكل فرد في مسقط رأسه؟ إنّ حرمة الإنسان حياً وميتاً لا تحتاج لتوضيح وتدبير شأن الموتى حق إنساني وديني، والواقع يتطلّب إنشاء مصلحة متخصصة مستقلة غير تابعة لأي جهة وبميزانية مقدّرة لخدمة الموتى، للتعامل المباشر مع جثث المتوفين بنقلها وتأمين حفظها وإنشاء المغاسل والتصريح بدفنها وتأمين القبور ومتطلّباتها وتوظيف المغسلين والمغسلات. شاكر بن صالح السليم