أن يمتلك وزير حساباً في «تويتر» فهذا بات أمراً طبيعياً اليوم، مع تعاطي عدد من «الشخصيات العالمية» لوسائل التواصل الاجتماعي الجديدة، ولكن أن تتحوّل «اقتراحات المغرّدين» والمتواصلين معه إلى قرارات وتنظيمات بعد التحقق من جدواها، فهذا هو الجديد الذي فاجأني به «وزير العدل د. محمد العيسى» عندما «زرته في مكتبه» أمس الأول لإجراء حوار حول القضاء في المملكة. حيث أكَّد لي أن «تويتر», ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى «خدمته كثيراً», وعند سؤالي كيف يجد الوقت للتواصل مع الآخرين, رغم أنه يعمل طوال ساعات اليوم تقريباً؟! قال «إنني اعتبر الوقت المخصص لها،كجزء من عملي»، إحدى الصحف كانت تنشر لقاءً معه في ذات اليوم, اكتشفت أنه تم «عبر تويتر» أيضاً! عندما تستعد لمقابلة «وزير العدل» في أي بلد، فإنك ستحمل معك العديد من»الملفات الشائكة», وستتوقّع التعرّض «لبيروقراطية عجيبة»، وطلب بتوضيح الأسئلة المراد طرحها مسبقاً؟! وحذف لأخرى, وتحذير من مناقشة مواضيع محددة, ولكن هذا «بكل أمانة « لم يحدث. فقد وجدت «شيخاً عصرياً»، مُحافظاً على ثوابته لا يتنازل عنها، مُنفتحاً لتطوير «مرفق القضاء»، مُفاخراً بما تحقق اليوم، وعينه على تطوير المزيد, وهو ما دعاني لطرح «جملة من المحاور» حول الزيارة التي قام بها في «نوفمبر الماضي» للولايات المتحدةالأمريكية، وكيف وجد «نظرة المحامين الدوليين» عن القضاء في المملكة واستقلاليته؟! وعن انطباعه بعد «دهشة» الكثير منهم عند معرفتهم بالخطوات التطويرية والإصلاحية لمرافق القضاء، من خلال «مشروع الملك عبد الله لتطوير القضاء». تحدثت مع الوزير عن المرأة والقضاء، وعن المحاميات السعوديات، وعن الأحكام البديلة، والمحاكم التخصصية, ونشر الأحكام، وقد استوقفني إيمانه بأن «نشر الأحكام»، وتثقيف الناس وتعريفهم بحقوقهم هو من «الشفافية» التي يحرص على تحقيقها في وزارته. بكل تأكيد لا ندّعي أن وزارة العدل باتت مثالية وخالية من بعض «البيروقراطيات»، ولكن مثل هذا النهج التطويري الذي سيصل بنا إلى الترافع الإلكتروني، وإنهاء القضايا والخصومات بشكل سريع هو ما نطمح إليه, وخصوصاً حين قال الوزير «إن المحاكم السعودية من أسرع المحاكم في العالم من ناحية إجراءات التقاضي « وهو أمر مثبت عنده. غادرت «مكتب الوزير» وهو يلاطف بعض موظفيه وكأنهم أصدقائه، وعيني على تلك «الملفات الكبيرة» التي وصلت للتو، والتي علمت من «أحدهم» أنها لن «تبات الليلة» في مكانها, وسيتم البت فيها حتى ساعة متأخرة، فعملنا مع هذا «الرجل» كما يقول لا يهدأ معظم ساعات اليوم, وهو مستمع جيد «للاقتراحات التطويرية» ولا يمل من التجديد. عندها عرفت سبب «تغريدات معاليه»، وحرصه على التفاعل مع الناس، إنه «فن الإدارة بالمشاركة» لتحويل مقترحاتهم، وأفكارهم, لقرارات مفيدة تخدم عمله ومصالحهم، فمستشاروه بهذه الطريقة بالعشرات ممن وجد في الأصل «لخدمتهم». كم تمنيت أن تكون «هذه الديناميكية» والعقلية موجودة في معظم «وزاراتنا» ومسئولينا، للنهوض بالخدمات أكثر وأكثر من خلال الاستماع «لمطالب الناس «واقتراحاتهم، فهو «فن» لا يستطيع «مستشار» يعيش في «برج عاجي» أن يفهمه أو يقترحه أصلاً! وعلى دروب الخير نلتقي.