الحكاية هي.. تلك المرأة التي ضلّت طريق العودة وتاهت في تفكيرها بين الرجوع أو ألاّ رجوع، إنه حق الملكية المفقود لهذه المرأة التي أوصى الرسول بها خيراً حين قال في خطبة الوداع: (استوصوا بالنساء خيراً فإنما هنّ عوان عندكم)، وحين قال: (ما أكرمهنّ إلاّ كريم وما أهانهنّ إلاّ لئيم)، هذه المرأة بعد أن جمعت ما حصلت عليه طوال سنين عملها في القطاع الحكومي اشترت به أرضاً، وكغيرها قالت في نفسها سأبتني فيها منزلاً للعمر، لم تكن متزوجة حتى وإن كانت كذلك فهي تحلم أن يكون لها بيتٌ تملكه للسنوات العجاف التي قد تلمّ بها يوماً ما، لزوج قد يهجرها أو والد قد يغادر الحياة أو أخ قد ينشغل عنها مع زوجته وأبنائه، علماً بأنها قد تكون هي من قد بذلت في زواج ذلك الأخ من مالها، وحتى سيارته التي يقودها قد تكون هي من اشترتها له عندما كان طالباً بالثانوية.. هي قصة تكرّر مع آلاف النساء.. الموظفات (مالكم بالطويلة)، المهم أنّ كل ما استطاعت أن تجمعه هو مبلغ لا يتجاوز الثلاثمائة ألف ريال، اشترت به هذه الأرض في مدينتها وقرّرت أن تبتني فيها سكناً للعمر تؤجِّره أو تسكنه أو ... أو ... أو ...، أخذت هذا الصك فرحة متوجهة إلى بنك التسليف العقاري للحصول على قرض بناء فيرفض طلبها..؟؟؟ هل رُفض لأنها قاصر؟؟ هل رُفض لأنّ الشرع لا يجيز لها حق البناء والتملُّك؟؟ بالطّبع لا؟؟؟ هل رُفض طلبها لأنّ وليِّ أمرها أو محرمها يعارض؟؟؟ أيضاً لا.. إذاً لماذا قُوبل طلبها بالرفض مع سبق الإصرار والترصُّد؟، السبب هو أنها امرأة، فالبناء والتسليف للرجل، فهو الذي يعمِّر ويبني ويؤوي زوجته وأبناءه، وهو المحرم وهو القوام وهو ... وهو ... وهلمّ جرا.. قالت في أسى: هل من حلول بديلة للحصول على هذا التمويل لأعمِّر هذه الأرض التي أملكها وجمعتُ مالها من عرقي وكدِّي طوال هذه السنوات؟، لا أريد أن أهدر مالي فقد أدّيت ما عليّ من واجباتي تجاه أُسرتي وتجاه إخواني محارمي من الذكور.. ربّيت وعلّمت ودرّست واشتريت السيارات وزوّجتهم وها أنا الآن أريد تأمين ما بقي من عمري ببيت أملكه.. نعم هناك حل.. أن تنقل ملكية هذه الأرض لوالدها أو أحد أشقائها الذكور، أو زوجها. هنا توقّفت عن الكلام واغرورقت عيناها بالدموع وقالت ومن يضمن لي أن يعود البيت الذي سأبنيه لملكيتي؟ هل أنا قاصر حتى أعيِّن وصيّاً على مالي الذي تعبت في توفيره.. من أعطاكم الحق لسلبي ما أملك وما الحكمة من حرماني من حقي في البناء كالرجل؟.. رفعت عيناها إلى السماء باكية شاكية.. وهنا وددت لو أعلِّق على هذه القضية، ولكنني أضعها بين يديْ ولاة أمرنا.. هي رسالة أحملها إلى خادم الحرمين الشريفين، وأعلم مسبقاً أنه سينظر لهذه القضية بأبوّته المعتادة، فالتملُّك حقٌّ شرعي للمرأة، فقد كانت أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد صاحبة تجارة وتجارتها تجوب الشام واليمن في الجاهلية، فالإسلام أولى أن نطبق فيه شرع الله، ولا نحرم المرأة حقّها الذي فرضه الله لها.