منذ أيام تمكنت القوات الأمنية الخاصة بالحدود السعودية الشمالية (حرس الحدود) من رصد محاولة طائرة شراعية تجاوز الاستحكامات الأمنية في الحدود الشمالية، وقد تمكنوا من متابعتها وضبطها بعد تبادل إطلاق النار مع مستقبليها قرب موقع الهبوط، وكانت تحمل ثلاثة أكياس مملوءة بحبوب مخدرة تزن 172كج. إلى جانب ذلك تمكنت الجهات الأمنية من القبض على الأطراف المتورطة كافة في هذه الحملة الفاشلة - وهذا من فضل الله -. تلا ذلك صدور توجيهات بإيقاف جميع أنشطة الطيران الشراعي بالمملكة لحين إعداد دراسة (عن سلامة استخدامه). الحقيقة أن دولتنا - أعزها الله - تبذل الجهد الجهيد، وتبذل الغالي والنفيس بل تبذل الأنفس والأرواح في سبيل محاربة المخدرات؛ كل ذلك حرصاً منها على سلامة أبناء هذا الوطن الغالي عقلياً ونفسياً وأخلاقياً وجسمياً ومالياً؛ فهذه إدارة المخدرات تكافح المخدرات في الداخل تهريباً وتوزيعاً وممارسة، وهذا سلاح الحدود حراس حدود المملكة من كل اتجاه، يتعقبون مهربي المخدرات إلى المملكة، وهذه مراكز الجمارك البرية والبحرية وحتى الجوية أيضاً يتصيدون مهربي المخدرات إلى هذا الوطن، وكذا أمن الطرق.. وعلى الرغم من كل هذا إلا أن المخدرات تصل إلى داخل وطننا مستهدفة الشباب والشابات؛ لإتلاف عقولهم وإرهاق أجسامهم واستنزاف أموالهم. ومن الشرق كثيراً ما يقبضون على الخمور ومهربيها بسياراتهم، خاصة النقلية، ومن الجنوب - أي من جهة اليمن - لا يدخر المفسدون جهداً لإدخال الحشيش إلى وطننا، هذا بخلاف مختلف أنواع الأسلحة والذخيرة بل والمتفجرات، وعن حبوب الكبتاجون حدث ولا حرج من كل حدب وصوب. وحقيقة فالأمر عجيب وعجيب؛ لماذا إدخال المخدرات والمسكرات والأسلحة والذخيرة والمتفجرات إلى وطننا براً وبحراً وجواً، ولو حصلوا مع الهواء الذي نتنفسه لفعلوا، وهل تلك العصابات تمارس تلك المهن من أجل الحصول على المال أم لأجل إتلاف عقول أبناء الوطن والإضرار بهم من كل جانب لأسباب، منها تمسكهم بشريعة الله السمحاء، وما ذلك إلا بتوفيق من الله، أم أن القصد هو الحسد لما نتمتع به من أمن وأمان وخيرات؟ ولماذا تبتلى هذه الدولة بتلك «البلاوي» وبتلك الأيدي القبيحة التي تحاول الإضرار بها وبأبنائها؟ وإلى متى؟. وهل أولئك مدفوعون من قِبل شركات أو منظمات أو من قِبل حكومات؟. الأمر خفي، وكان بودنا أن نعلم من نتائج التحري والتحقيق مصادر تلك المسكرات والمخدرات والأسلحة والذخيرة والمتفجرات، ومن هم القائمون عليها، وأماكن إنتاجها وتصديرها؛ لنكون على حذر. علماً بأن تلك المسكرات والمخدرات والأسلحة والذخيرة لم تكن بالعدد اليسير أو الكمية القليلة. أما طرقهم بإخفاء المخدرات فمتعددة، إما داخل مواسير وداخل أبواب المركبات أياً كان نوعها والرفارف والأرضية والكراسي الخاصة بالسيارات وبتجويف الرخام والبلاط وتحت أطنان حديد التسليح حتى داخل الأحشاء بل حتى داخل كتاب الله، إلى جانب طرق أخرى لا يتسع المقال لسردها، وآخر طرق الاحتيال تلك الكمية التي قبض عليها رجال الحدود بواسطة الطائرة الشراعية ظانين أن تلك الحيل ستمر وتعبر من تحت أنظار رجال مراكز الجمارك وحراس الحدود اليقظين، غير أن الأسوأ من تلك والأقبح أن يكون المواطن مروجاً للمخدرات وداخل الوطن بل داخل السجون، أما الأدهى والأمر أن تستخدم أرض الوطن لتغليف المخدرات بفواكه وخضراوات بعد أن تمكنوا من تهريبها إلى الوطن، وتمثل ذلك بقيام إدارة المخدرات بالرياض بضبط بطاطا وكرز محشية بالحبوب المخدرة (أكثر من 200 ألف حبة كبتاجون). وهنا يعجبني بل يسعدني يقظة هؤلاء الرجال الأمناء على أنفس وأرواح وعقول أبناء الوطن، وهم رجال مكافحة المخدرات ورجال الجمارك وحراس الحدود وكذا رجال أمن الطرق؛ فلهم دور فعَّال أيضاً، ونستشف من تلك الحركات أو الأعمال القذرة التي يقوم بها مهربو المخدرات والأسلحة والذخيرة إلى هذا الوطن أن لا ضمائر لهم ولا خوف من الله ولا حتى من العقاب الذي ينتظرهم. إخوتي وأبناء وطني الكرام، انظروا إلى بيان وزارة الداخلية الذي أعلن بالأمس عن القبض على 475؛ لتورطهم في جرائم تهريب ونقل واستقبال وترويج مخدرات تقدر قيمتها بأكثر من مليار وسبعمائة مليون ريال، شملت أكثر من 15كج من الهيروين وأكثر من 25كج كوكايين وأكثر من 13 مليوناً من الأمفيتامين وأكثر من 8 أطنان حشيش. هذه الكمية حصيلة جهود الأشهر رجب وشعبان ورمضان وشوال من هذا العام 1432ه، وقريب من هذه الحصيلة تم إبطالها خلال الأشهر الثلاثة السابقة ربيع الآخر وجمادى الأولى والثانية. والعجيب أن أكثر الممارسين لتلك المهن الشنيعة من السعوديين أبناء الوطن، وعددهم 456 من 978. إخوتي، انظروا كيف حمانا الله من تلك السموم التي كانت في طريقها إلى الوطن، ثم إني أسأل: لماذا يبتلي هؤلاء هذا الوطن الأمن المسلم المسالم المعطاء بتلك القبائح؟ وإلى متى؟ حقيقة إن هؤلاء المفسدين مهربي المخدرات لولا أنهم يجدون مروجاً ومستهلكاً لما مارسوا تلك المهن القبيحة، من هنا أدعو أبناء الوطن إلى اليقظة والنظر إلى المستقبل وعدم الالتفات إلى المروجين حفاظاً على سلامة عقولهم وأنفسهم وأجسامهم وأموالهم بل نطلب منهم الوعي والحس الوطني؛ للإيقاع بكل من يرونه أو يعرفونه سواء مروجاً لعقابه أو مستخدماً لعلاجه، وما دمت أتحدث عن هذا الوباء الخطير فلا بد أن أنوه بجهود إدارة المخدرات لمحاربة هذا الوباء بكل الطرق المعهودة لدرجة وصولهم إلى حجب أكثر من 3000 موقع إلكتروني تتحدث عن المخدرات وطرق ترويجها، بل إنها ضبطت مروجين بواسطة الإنترنت، إلى جانب تدشينها ثلاثة مواقع إلكترونية للوقاية من المخدرات. وأمنيتي بل أمنية كثير من الموطنين بل كل مواطن غيور أن نرى بين فينة وأخرى تطبيق العقوبات الشرعية على هؤلاء المهربين والموزعين بأغلظ ما جاء بالكتاب والسنة والإجماع من عقاب تأديباً لهم وردعاً لغيرهم ممن تسول له نفسه ولوج هذا الباب للإساءة لشباب الوطن بفئتيه. وبالله التوفيق.