كنت في زيارة للإمارات العربية المتحدة هذا الأسبوع، للمشاركة في الندوة الموزاية لمهرجان الفنون الإسلامية «المنمنمات الإسلامية من الواسطي إلى بهزاد» التي نظمتها دائرة الثقافة والإعلام بإمارة الشارقة، حيث شاركت بورقة بحث عن الفن الإسلامي المعاصر من خلال عرض مجموعة أعمال منيرة موصلي «الواسطي وأنا» كعلاقة تواصل بين الفن الإسلامي الكلاسيكي والفنون المعاصرة. وخلال فترة الإقامة سنحت لي الفرصة في زيارة كل من أبوظبيودبي والشارقة بطبيعة الحال، وبعد تلك الزيارات الخاطفة، يمكنني القول إن الشارقة في مناشطها الثقافية وفي متاحفها المتنوعة ومراكزها الثقافية المختلفة، تركز على مفاهيم مرتبطة بالإسلام والفنون الإسلامية الكلاسيكية، وعلى إحياء الخط العربي كفن معاصر متجدد، إضافة إلى إحياء التراث والمحافظة عليه بل وعصرنته كي تتذوقه الأجيال الجديدة. أما الفنون المعاصرة فهي كذلك أولوية بطبيعة الحال، حيث تركز مناشطها على الثقافة النخبوية العربية مع الاستضافة المتواصلة للفنون المعاصرة العالمية على اعتبار أن الفن لغة عالمية، وذلك وفق آلية مقننة بغرض خدمة الفن العربي من خلال الاحتكاك. أما أبو ظبي، فننتظر بكل شوق عام 2020م، الموعد المتوقع لانتهاء جميع الأعمال المتعلقة بجزيرة السعديات، والتي سوف تضم فروعاً لكل من متحف اللوفر، والغوغونايم، إضافة إلى متحف زايد الوطني ومركز الفنون الآدائية، وكل مبنى من هذه المباني الثقافية تحفة فنية معمارية في حد ذاتها. أبوظبي هنا اتجهت اتجاهاً آخر، ركزت على التميز المعماري في المباني الثقافية، كنمط المدن الكبرى العالمية، كما أنها تقوم بمحاولة لتهجين الفنون العالمية، أو لربطها بثقافتها المحلية ربما هي رسالتها التي تعبر عن رغبتها في استعادة منارة الاسكندرية الثقافية إلى الشرق الأوسط...بل إلى الخليج العربي...أو إلى أبو ظبي! أما دبي، وكونها مدينة تجارية منذ التأسيس ولا تزال، فقد أعطت للفنون بعداً اقتصادياً، لعلمها أنه بالمادة تحيا تلك المهنة، ففتحت فرعاً لدار مزادات كريستيز، إضافة إلى العديد من القاعات والتي تنشط في مناسبات مختلفة وأهمها مهرجانها للفنون السنوي أو (ART Dubai) وعودة سريعة لتاريخ المتاحف والفنون في الخليج العربي، نجد أن الأسبقية كانت في كل من البحرين والكويت، بل لهما الريادة في مجال الفنون البصرية، ولكن ربما ظروف الكويت وأثر حرب الخليج عليها، وظروف البحرين الاقتصادية أثرتا على سرعة النمو في هذا المجال، أما السعودية، فهي تتخذ من الحراك الآمن منهجاً لها، فلا تخطو خطوة قبل دراستها بشكل وافٍ جداً! وربما تترقب نتائج مثل هذه الخطوات لدى جيرانها من الأشقاء، لذا وإن كانت بدايتها مبكرة، إلا أنها لا تزال متأخرة عن الركب...ونطمح في أن يغير مركز الملك عبدالعزيز الثقافي المتوقع افتتاحه في عام 2012م في الظهران هذه الرؤية! أما قطر فقد تنبهت إلى الحراك الخليجي في الإمارات، وها هي وكما ذكرت في مقالة سابقة، تسارع الخطى في مجالات المتاحف والمؤسسات الثقافية، وسوف نتابع حراكها مثلما نتابع حراك بقية دول الخليج (العربي)، على أمل أن تصدق (النبوءة) في أن نشهد العصر الذهبي للفنون خلال السنوات القليلة القادمة، وإن كان البعض يعتقد أننا بدأناها بالفعل!.