لم أستغرب مطالبة محمد الشريف لحضور الحفل الذي نظمته جمعية الإعاقة الحركية للكبار «حركية» بمناسبة اليوم العالمي للإعاقة والذي حضره الأمير عبد العزيز بن أحمد صاحب المبادرات الخيرية للخروج بهؤلاء المواطنين من ضيق «نظرة المجتمع» الظالمة لهم إلى فضاء «الوعي» بقيمة الإنسان صاحب الإعاقة مهما كانت، فقد كانت صراحة الشريف ومواجهته مع الحضور الواعي بقيمة هؤلاء الرجال الطامحين إلى التغيير الحقيقي لنظرة المجتمع أولاً ثم جدولة مطالبهم الواضحة لمؤسساتنا الرسمية والمدنية، فقد كانت صراحته معانقة حقيقية لتوجهات الدولة الرشيدة فيما إخوانه وزملائه، ليتمكنوا من أداء دورهم الإنساني وحضورهم الاجتماعي المنتج، فكم كانت سعادتي عندما سمعته يقول بكل شفافية: «نحن سعداء بهذا الحفل الذي أقامته القيادة لنا، لكن يحزننا عدم تنفيذ بعض المتطلبات التي كفلها لنا النظام وتعطيلها»، وهنا لابد من وقفة صادقة مع ذواتنا، لنسأل: ما تلك الجهات التي ما زالت حبيسة لتلك النظرة القديمة الظالمة لهؤلاء المواطنين الذين تجاوزا حائط « الإعاقة « وأسسوا مثل هذه الجمعية المدنية التي أخذت على عاتقها نشر ثقافة التعامل مع « الإعاقة « بل والمطالبة بحقوقهم التي تظمنها لهم الأنظمة التي سنتها حكومتنا الرشيدة، نعم: ما الجهات التي لم تنفذ حتى الآن حقوق هؤلاء وهذا يجعل السؤال معلقاً: من يقف خلف تعطيل متطلبات شريحة المعاقين التي كفلها النظام؟ ولكن متى ما سارت تلك الجمعية وفق رؤية إستراتيجية ورسالة واضحة، معتمدة على الشراكة الاجتماعية مع مؤسسات الوطن، فإنها ستكفل حقوق هؤلاء المواطنين، وتخرج بهم من ضيق «التهميش» إلى فضاء «الوعي»« الحضاري بهم وبحقوقهم، الحضور الواعي للحفل كان يتحدث بشكل حضاري عن برامج مستقبلية للجمعية تتبنى من خلالها برامج تعليمية وتدريبية ترتقي بمستواهم التربوي والتعليمي والمهني مما يسهم بشكل فعلي في تنمية شخصياتهم، وصقل مواهبهم، وتعزيز إبداعهم العلمي، كما يطالبون بإعادة النظر في الآليات والأساليب المستخدمة حاليا مع هذه الفئة الغالية علينا جميعاً، ليتم التنسيق مع المؤسسات التعليمية، لتشجيع النابغين منهم، وتسهيل حصولهم على منح دراسية أو إلحاقهم بدورات تدريبية متخصصة متقدمة مما يساهم في بناء عقولهم وتطور قدراتهم وطموحاتهم ليصبحوا قادرين على الحضور والمنافسة في ميادين الحياة، بل والمشاركة في أنشطة المؤسسات المدنية وهذا فيظري هو حجر الزاوية للخروج من إشكالية «الإعاقة» لدينا. أخيراً جهود هذه الجمعية المباركة لن تحقق أهدافها وطموحاتنا إلا إذا نجحت الجمعية في بناء هؤلاء المواطنين من الداخل، ببرامج ومهارات تمكنهم من إطلاق قدراتهم الإبداعية كما حاولت من قبل في إعادة إعمار « الصورة الذهنية « عنهم لدى الشارع العام، وسيبقى السؤال أعلاه معلقاً: من يحمي هؤلاء الأعزاء من تلك الجهات التي مازالت تحترف تجاهل حقوقهم المشروعة. [email protected]