المواسي مديرًا لإدارة الموارد البشرية في بلدية بيش    ليفربول يدخل في مفاوضات مبدئية للتعاقد مع فريمبونج    زيلينسكي: روسيا ضربت منشآت للطاقة في أوكرنيا وعلى أمريكا الرد    تحري رؤية هلال شوال مساء السبت    نمشي    سافيتش يشارك في تدريبات الهلال وتأكد جاهزيته    المملكة تسعى لتكون الأقوى في صناعة الطاقة المتكاملة في العالم    ولي العهد يسمُو في سماء الدبلوماسية    عيد الحلاوة    نقص البيض يقلق الأميركيين.. ترمب يعتمد مليار دولار لمواجهة الأزمة    جوائز كأس العالم للأندية 2025    جيسوس يضع شروطه على منتخب البرازيل    أكثر من 70 ألف مستفيد من برامج جمعية الدعوة بأجياد في رمضان    أندية "روشن" تجدد اهتمامها ب" فان دايك"    أسمنت المنطقة الجنوبية تدشن مبادرة السعودية الخضراء ضمن فعاليات "أجاويد 3" بمحافظة بيشة    "العنوان العقارية" تطرح 7 فرص عقارية بمكة المكرمة في مزاد "صفا" الإلكتروني    تكثيف الحملات الرقابية على المسالخ وأسواق اللحوم والخضار بحائل    انخفاض معدل البطالة بين السعوديين إلى أدنى مستوى تاريخي    ترقب كبير لبزوغ نجوم سعوديين في آسيوية ألعاب القوى بالقطيف    نادي القادسية يتسلّم شارة منتدى الاستثمار الرياضي    هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية تضيف 116 منتج في القائمة الإلزامية للمنتجات الوطنية    "مستشفيات المانع" تُطلق أكثر من 40 حملة تثقيفيةً صحيةً خلال شهر رمضان المبارك لتوعية المرضى والزوار    أمر ملكي: ترقية اللواء الركن صالح بن عبدالرحمن بن سمير الحربي إلى رتبة فريق ركن وتعيينه رئيسًا للجهاز العسكري    التعادل الإيجابي يحسم ودية الفتح والقادسية في الخبر    الشرقية تستعد للعيد بالزينة والأنوار والمجسمات الجمالية    مركز الملك سلمان للإغاثة يتيح إمكانية إخراج زكاة الفطر عبر منصة "ساهم" إلى مستحقيها في اليمن والصومال    وزير الصحة يزور مستشفى باشراحيل    منظمة التعاون الإسلامي تدين العدوان الإسرائيلي المستمر على الأراضي السورية    حرائق كوريا الجنوبية ..الأضخم على الإطلاق في تاريخ البلاد    رئيس الحكومة المغربية يُغادر جدة    خدمة زوار بيت الله    أوقفوا طلاق المشاهير    الإدارة الذاتية الكردية تنفي الاتفاق مع دمشق لتسليم آبار النفط    بحضور قناصل ورجال أعمال.. إفطار الناقور بالأهازيج الرمضانية    سوزان تستكمل مجلدها الثاني «أطياف الحرمين»    مأدبة إفطار في بيت العمدة غيث    الذكاء الاصطناعي ومستقبل الإعلام السعودي    العراقيون في الخارج غير مشمولين بالتصويت الانتخابي    نائب أمير مكة يطلع على خطط إدارة الحشود والجاهزية لحج 1446ه    إحياء الموائد الرمضانية في أملج    منصة لتطوير الرعاية وفق احتياجات السكان.. الجلاجل: تعزيز الخدمات الصحية المقدمة لضيوف الرحمن    السفارة السعودية في موريتانيا تفطّر الصائمين السودانيين على حدود مالي    العقيلي رئيسا لنادي المنجزين العرب    منصة "إحسان" تدعم مسيرة العمل التنموي في السعودية    تحدٍ يصيب روسياً بفشل كلوي    " بارنز .. راعياً رئيسياً لمبادرة إفطار الصائمين "    ثمانية أعوام من الإنجاز والعطاء في ظل رؤية سمو ولي العهد    إطلاق مبادرة "سند الأبطال" لدعم المصابين وذوي الشهداء    حملة تثقيفية للمحسن الصغير    المستشار، ابن دحباش يُكمل بناء جامع الفرعة    أنامل وطنية تبهر زوار جدة التاريخية    مطبخ صحي للوقاية من السرطان    حليب الإبل إرث الأجداد وخيار الصائمين    انقاذ حياة رضيع يمني في مركز القلب بالقصيم    زعيم الشرق الأوسط    محمد بن سلمان.. سنوات من التحول والتمكين    عهد التمكين والتطور    ذكرى واستذكار الأساليب القيادية الملهمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسئلة المشكلة أمام الادخار
نشر في الجزيرة يوم 10 - 12 - 2011

هل الادخار ظاهرة تقدمية أم أنها من خصائص الدول النامية؟!
فقد قيل: لا تقاس ثروة الإنسان بما يكسب ولكن بما يدّخره.
والادخار قد يكون آنياً بقصد شراء حاجة تلزمنا، وقد يكون لفترة قصيرة كتأمين سكن أو مشروع سفر أو شراء منزل أو الاستقرار والزواج، وقد يكون لفترة طويلة لضمان المستقبل.
فلو قيل: هل الادخار غاية؟
نقول: طبعاً، لا.
لأن الادخار واسطة، الغاية منه قد تكون لضمان الشيخوخة والمستقبل، أو لزيادة الدخل أو رفع المستوى، وقد يكون الادخار لشراء حاجات ضرورية أو لتأمين مستقبل الأولاد، أو مجرد تمضية إجازة ممتعة، لكن الادخار يبقى ضرورة، لأن الأمور قد تتطور، وليس من يضمن دوام الحال.
فمن لم يحسب ذهاب نفقته لم يحسب دخله، ومن لم يحسب دخله فقد أضاع أصله. ومن لم يعرف للغنى قدره، فقد أذن بالفقر وطاب نفساً بالذل. إذ مستقبل أي إنسان مرهون بما أعده ونظّم شؤونه المالية لتحقيق برنامج حياته.
فلو قيل: مَنْ يستطيع أن يدّخر؟!
نقول: ليس من الضروري أن يكون لدينا ثروة لنبدأ الادخار، فلكل إنسان إمكاناته وطاقاته وحدوده. وعندما يكون ثرياً فلا يعود بحاجة للادخار. كل إنسان وحتى الطفل الصغير يمكنه أن يدّخر. وهو في الواقع قد يستفيد من أخطاء أبويه. فهما عندما يشتريان له حصّالة يحاولان التعويض عن إهمالهما لأنهما لم يدّخرا في حياتهما، فيزعمان أنهما سوف يوجهان أولادهما نحو الادخار.
فلو قيل: متى يبدأ الادخار؟!
نقول: اليوم. نعم، فلنقرر اليوم أن ندّخر إن كنا لم نقم بذلك حتى الآن، وإن كنا قد أخطأنا في الماضي، فليكن قرارنا حكيماً وصارماً ولنقرر الآن أن نبدأ.
فلو قيل: لمَنْ ندّخر؟!
نقول: لمستقبلنا. ربما؟، ولكن المهم أن ندّخر لأنفسنا وأولادنا، ليستمروا في العيش بمستواهم (لئن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة).
فلو قيل: ما هو الادخار، إذن؟!
نقول: إن مفهوم الادخار، كان بالماضي يعني الزراعة، بصورة عامة، كما يشير إلى ذلك جعفر الجزّار في كتابه (الادخار والاستثمار)، الزراعة تعطي إنتاجاً مضاعفاً وأمثالاً متعددة خلال فترة قصيرة، ثم انسحب مفهوم الادخار على كل شيء يمكن ادخاره، معنوياً كان أو مادياً، وإن كان غالب إطلاقه على الجانب المادي.
فالحيوان يدّخر طعام أولاده في عشه أو جحره أو جوفه، يدّخر لنفسه ليعيش خلال فصل الجفاف.
والنبات يدّخر خلال فصل الصيف ليبقى ويعيش خلال الشتاء وليسترد حياته في الربيع.
وإذا أردنا أن نتعمق أكثر فبإمكاننا أن نقول: إن جسم الإنسان وجسم الحيوان يدّخر الغذاء، أو المواد الضرورية لبقائه والتي يمتصها من غذائه.
والجمل يدّخر، الماء والطعام، وهو مثال رائع لأسلوب حياتي متفوق، فبإمكانه أن يعيش في الصحراء القاحلة بدون ماء وتحت أشعة الشمس الحارقة عدة أيام مستعيناً بالمواد التي ادخرها وخزنها في سنامه إضافة إلى ما خزنه وادخره في بواطن معدته.
إذن: الادخار هو جمع جزء من الموارد وحفظها لإنفاقها في المستقبل عندما تنخفض أو تنضب الموارد.
وبلغة الاقتصاديين: الادخار اقتطاع نقدي من الدخل بعد الجزء المنفق من هذا الدخل على العملية الاستهلاكية. وهذا الاقتطاع النقدي قد يوجه للاستثمار أو التوظيف أو الاكتناز.
فلو قيل: ما هو الادخار الإجباري؟!
نقول: أهم ما يمكن اعتماده من أساليب الادخار الإجباري هو استباق القرار، من حيث التنفيذ قبل الاستعداد الكامل. فإن بعض التصرفات وإن تبدو متناقضة، فإن المجتمع الاستهلاكي الذي نعيش في ظلاله، قد سهلها بحيث أصبح الكثير يرون فيها حلولاً سهلة ومقبولة ومفضلة. والشراء بالتقسيط يأتي بالدرجة الأولى. وخطر التقسيط يتمثل في المبالغة وتضخيم المصروفات، وعلى القدرة على الوفاء أو الحفاظ على مستوى الرفاه الناتج عن تسهيلات التقسيط.
فلو قيل: ما هو الادخار المثالي؟!
نقول: إن استباق القرار والتقسيط مجرد أمثلة الادخار، بدءاً من الفراطة والفتات والادخار الإجباري، فقد يجد بعض الناس أن مجرد التأمين على الحياة أو التأمين الصحي بأقساط مريحة هو ادخار مثالي ومقبول. ولا شك أن التأمين الصحي يعتبر فعلاً من الادخار.
فلو قيل: لماذا ندّخر؟!
نقول: فإنه ووفق إحدى الإحصائيات العملية نجد أن الادخار يكون غالباً للأسباب التالية: لضمان سكن، لشراء حاجيات ضرورية، للزواج، لشراء سيارة، أو منزل، لسداد بعض الديون والمستحقات، لتمضية إجازة ممتعة، لزيادة الدخل، لتحمل تكاليف الدراسة أو إعادة التأهيل، لرعاية مستقبل الأولاد.
فهل لدينا ادخارات كافية لذلك. وهل ضمنا لأولادنا سلاحاً لا يستطيع أحد أن يأخذه منهم (العلم والتخصص)؟!
وهل أمنا لأنفسنا ولأولادنا دخلاً معقولاً مناسباً، يكفي للمحافظة على مستوى حياة كريمة، إذا ما توقفنا عن العمل الذي نمارسه؟!
وهل فكرنا في عائلتنا وأولادنا، من بعدنا، وماذا يكون وضعهم بعد غيابنا، وكيف يتم التنسيق بما تركنا لهم وما سنتركه؟!
وإن كانت لنا بعض المدخرات، فهل هي في موضعها الصحيح.
فليس المهم أن يكون لدينا مال نقدي بقدر ما يكون لنا برنامج ادخاري واستثماري.
والحقيقة، فإذا كان الادخار يأتي في الدرجة الثانية بالنسبة لسكان الدول الصناعية والدول الغنية والدول التي لديها صناديق مساعدة وجمعيات لضمان الشيخوخة وشركات لتأمين الدخل المستقبلي، فإن الادخار هو أساسي في الدول التي لم تصل لذلك المستوى والتي تترك الفقير يموت ولا تقوم السلطة ولا الجمعيات بأي جهد أو أي برنامج يضمن مستقبل العجزة.
ومن ثم، فيمكن القول بعد ذلك كله، الادخار هو الحرص المادي، والتبذير هو اللامبالاة. فالحرص من ضرورات الحياة. والتروي والاعتدال هو التصرف السليم في كل شيء. وكل تطرف، وكل مغالاة تجعلنا نستنزف طاقاتنا فتضعف إمكاناتنا وتنخفض مستوياتنا ويقصر عمرنا، وتبدأ نهايتنا فالادخار بالنسبة للمادة كالوقاية بالنسبة للجسم.
ختاماً أقول: علينا أن نميّز بين الاعتدال والاقتصاد والإسراف والادخار من جهة، وبين الكرم والإسراف والتبذير من جهة أخرى.
فإن كانت أوضاعنا تسمح لنا أن نتصرف بكرم وأن نجود بما أنعم الله به علينا، فإن أي تطرف سواء في البخل والشح أو الإسراف والتبذير مرفوض شرعاً وعقلاً. وصدق الله القائل {وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا. إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ}.
المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.