لا يبدو أن المجلس التأسيسي التونسي في طريقه إلى الحسم في أول مشروع يعرض على أنظار أعضائه باعتبار البطء الشديد الذي ساد إشغاله منذ أربعة أيام حيث طغت عليها التجاذبات السياسية والجدل الممل بين ممثلي الأحزاب الفائزة في الانتخابات الأخيرة. وقد تركز الخلاف ولا يزال حول فصول مشروع قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية وتحديدا ما يتعلق منه بمهام واختصاصات رئيس الجمهورية حيث رأت بعض الأحزاب التي تمثل أقلية بالمجلس أن الطرح المقدم يعتبر سلبا لاختصاصات رئيس الجمهورية وتغليب مطلق لصلاحيات رئيس الوزراء المرتقب. واحتدم النقاش أكثر ليصل إلى حد التلاسن بين ممثل الحزب الديمقراطي التقدمي والائتلاف الثلاثي الذي يضم أحزاب النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي حيث طغت على الجلسات نقاشات ساخنة وصفها رئيس المجلس مصطفى بن جعفر ب»الخطيرة» ولم يتوقف هذا السجال إلا برفع الجلسة على أمل أن تهدأ النفوس ولكن بدون جدوى. ولا تزال إشغال المجلس التأسيسي جارية صباحا مساء في جو مشحون بالاتهامات المتبادلة بين الأقلية المعارضة وممثلي الائتلاف الثلاثي في محاولة لشق صفوفه وضربه من الداخل بما يؤدي إلى الفوضى وعدم الاستقرار. وتتقدم إشغال المجلس بخطى بطيئة أربكت الشارع التونسي الذي يبدو أنه لن يشهد الهدوء المنتظر بسبب طول النقاشات وبعض المهاترات التي تعطل سير المجلس وتؤخر الإعلان عن تعيين رئيس للجمهورية ورئيس للوزراء أمام تعنت بعض الأحزاب السياسية التي تمثل أقلية بالمجلس. وخارج مقر المجلس يواصل مئات التونسيين اعتصامهم الذي دخل أسبوعه الثاني مطالبين أعضاء المجلس التأسيسي بالإسراع في حسم مناقشاتهم وتشكيل الحكومة الجديدة قصد التعجيل بفتح الملفات الكثيرة التي تعطل سير دواليب الدولة. وأول هذه الملفات البت في المسائل الاجتماعية التي تفاقمت خلال الأسابيع الماضية مما يهدد استقرار البلاد وأمنها.