سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة - سلمه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد: جاء عبر الجزيرة في عددها رقم 14297 وتاريخ 24-12-1432ه وتحديداً في زاوية الأستاذ ناصر الصرامي مقال بعنوان (أنا ليبرالي هل أحتاج لختم الغذامي)، ولي مع هذا الطرح وقفات وتساؤلات: الوقفة الأولى: القارئ وصل إلى درجة وعي كبير تجعله يميّز توجُّه الكاتب أياً كان التيار الذي ينطلق منه ويتبعه، وذلك القارئ ينتظر من كل كُتّاب الزوايا الذي أتيحت لهم مساحات كبيرة أن يستفيد مما يطرح ويتناوله كاتب الزاوية في أي مجال كان ذلك الطرح. الوقفة الثانية : الكاتب أقحم القارئ في خلافات بينه وبين أديب وروائي آخر، وذلك الإقحام لن يفيده، حتى خيّل للقارئ أنّ الكاتب إنما أراد بطرحه ملء مساحات الزاوية، فما الذي سيجنيه القارئ من كون الكاتب ليبرالياً أو محافظاً أو غيره، فكل ما يهمنا قراءً ومتابعين، ما يتناوله من قضايا اجتماعية أو اقتصادية أو تربوية، وما يطرحه من حلول ورؤى بغضّ النظر عن متناولها. الوقفة الثالثة : الخلاف بين الكُتّاب حول القضايا الفكرية محل رعاية وعناية النقّاد وبيان صحة واعتلال موقف وفكر كل منهم. الوقفة الرابعة : وصم الدكتور الغذامي لليبرالية السعودية بالموشومة بالرغم كونه أحد أعمدة الحداثة في الأدب والثقافة داخل الحركة الثقافية السعودية ومن المؤثرين البارزين في ساحة الخطاب الثقافي السعودي المعاصر، نقداً وتأثيراً وإثراءً، فعلى ماذا يدل يا أستاذ ناصر؟ الوقفة الخامسة : جاء في لقاء سابق للأستاذ ناصر الصرامي عبر أحد المواقع الإلكترونية (الوئام)، مقال في ذات الموضوع حين قال: دخلت جامعة الإمام ليبرالياً وتخرّجت فيها ليبرالياً بالرغم من حفظي ثمانية أجزاء من القرآن الكريم. الوقفة السادسة : واقع وطرح وتناول الأستاذ ناصر للعديد من الموضوعات فيه تناقض لمفهوم الليبرالية (الحرية) (إن افتراضنا جدلاً صحة مفهومها وفلسفتها التي قامت عليها)، فقد غلب على أسلوبه لغة الإقصاء ورفض الآراء المخالفة لرأيه، فأين الحرية إذاً؟ الوقفة السابعة : إذا كانت الليبرالية تقتضي الحرية المطلقة فهي تعني عدم التقييد بضوابط الشرع الحنيف، مما قد يوحي للقارئ بأنّ ذلك التيار يعني التصادم مع الشرع، والشرع الحنيف قد كفل لأفراده الحرية وفق أطره وأنظمته التي تحقق له حاجاته النفسية والمادية دونما تجاوز أو تجنٍّ على حريات ورغبات الأفراد الآخرين. الوقفة الثامنة : من وجهة نظري الشخصية أنّ أولى منشط ومكان لهذه الأطروحات يكون عبر الأندية الأدبية مكاناً والندوات الثقافية ميداناً، حيث يحضر الناقد والأديب والمهتم بشأن الفكر وتوجُّهاته. الوقفة التاسعة : مصادرة حقوق الغير والتحدث بلسانهم والوصاية عليهم بقوله: (نعم أنا وغيري ليبرالي للنخاع وأفتخر بهذا الوعي)، فأين ترك الحرية للآخرين حتى يحددوا نهجهم؟ سؤال أخير أختم به هذا التعقيب المتواضع على كاتب كبير بقامة الأستاذ ناصر الصرامي، إذا كنت ليبرالياً كما تزعم، فهل تطبِّق مبادئها كلها أم أنك تؤمن ببعض ما يناسبك ويوافقك وتترك ما لا يوافقك؟ فإن كنت كذلك فهذه أهوائية وليست ليبرالية!!! مع شكري للصحيفة على انتهاجها لمبدأ الرأي والرأي الآخر، متمنياً أن يلقى هذا التعقيب رحابة صدر من قِبل الكاتب. عبد العزيز بن سليمان بن محمد الحسين - مدير مدرسة ملهم الابتدائية