في البداية، ماذا نعني بالمعارض المعاصرة؟ فهو مصطلح نسبي يختلف مفهومة بحسب ثقافة، ومستوى تذوق الفرد، وموقعه الجغرافي، ولكن يمكن التعميم بأنه آخر ما وصل له المجال في الوقت الحالي. وإذا كنا نتحدث عن مجال الفنون البصرية، فلدينا وجهتا نظر حيال الموضوع؛ بين ما هو معروض في خارج المملكة تحت هذا المسمى، وبين ما هو معروض في الداخل، والسبب في اعتقادي وكما ذكرت في مقالات سابقة ثقافة المجتمع محلياً تجاه المجال، وغياب الاهتمام بالثقافة البصرية في التعليم العام، وبين المجتمع، وفي الإعلام. لكن العالم الخارجي لن ينتظر منا أن ترتفع ذائقتنا نحو الفنون المعصرة، أو يزيد اهتمامنا بها بأي حال، فهو يمضي في رسم خط الزمن البصري للمنتجات الفنية. لذا يسعى بعض الفنانين لدينا للحاق بركب هذا الخط من خلال تطوير ذائقتهم البصرية ومنتجهم الإبداعي ليتواكب مع المتغيرات العالمية، وهو ما جعل مشاركاتهم في بعض الأحيان بعيدة عن نطاقنا التذوقي. بينما يساير البعض الآخر محليا ذائقة المجتمع (أو ربما هي نتاج ثقافته) ليعطي انطباعاً (لمن يتابع الحراك الفني العالمي) إن هذا النتاج قديم أي أنه أُنتج منذ عشرات السنين! نعم وللأسف، حيث تشعر بالإحباط، حين تزور بعض المعارض ولا تجد شيئاً جديداً، بل قد تمل من الدوران في معرض مليء بمستنسخات لأعمال فنية تحتفظ المتاحف العالمية بأصولها. وأهميتها في تلك المتاحف ليس مرده تكوينها المناسب، والمبدع، نسبة للإطار الزمني الحالي، وإنما بسبب تكوينها المبدع، مقارنة بالإطار الزمني الذي نفذت فيه، كتكعيبية بيكاسو، وتجريدية كاندانيسكي، وانطباعية سيزان وفان جوخ. أما تكعيبية، وانطباعية، وتجريدية فنانينا اليوم، فأغلبها تقليد مزعج بصرياً بسبب تكرارها، وعدم وجود فكر إبداعي في مضامينها. وهنا يأتي السؤال؛ لمن يمارس ويعرض هؤلاء؟ هل يعرضون أعمالهم للمتلقي البسيط الذي قد لا يملك خلفية تاريخية وبصرية في مجال الفنون؟ أم يعرضون كي يسجل التاريخ إبداعهم؟ فإذا كان تركيزهم على الفئة الأولى فقد نجحوا، أما إذا كانوا يسعون للهدف الآخر، فقد فشلوا من وجهة نظري، لأن التاريخ لن يسجل عنهم سوى أنهم أرقام من ضمن صنف من المقلدين والذين لن يذكرهم التاريخ فرادى وتحت مسمى (مبدعين). وأخيراً... وفي الفترة التي ساد فيها الركود في مجال المعارض الفنية في مدينة الرياض، ولإيماني الشديد بوجود العديد من المبدعين، هذه دعوة لتنظيم معارض معاصرة بمفهومها العام والشامل، لنساهم في الوعي، ولنستكتب التاريخ، ولنرفع الذائقة الفنية.