ها هي الأيام تمضي والثلوثية تنهي عقدها الأول محتفية ليس بعمرها فحسب بل بضيوفها الذين أحاطوها بثرائهم العلمي والفكري والثقافي. فحققت ولله الحمد العديد من الأهداف التي سعت إليها منذ انطلاقتها. لقد كانت في تلك الساعات الوليدة قبل ما يقارب عشر سنوات تسارع الخطى لتلحق بصويحباتها من الصالونات والمنتديات الثقافية الشامخة الراسخة مكملة عقداً ثقافياً رائعاً يجري في دم الرياض العاصمة الأنيقة. لقد كان للدعم الكريم اللامحدود الذي حظيت به الثلوثية منذ انطلاقتها وبدايتها من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع وصاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض أبلغ الأثر في استمرارها ونجاحها. كما أن المشاركات الفاعلة المؤثرة من قبل أصحاب السمو المعالي ورموز الفكر والأدب والثقافة في بلادنا كان لها أثر بارز في هذا العطاء الذي يمثل جزءاً من الواجب الثقافي الوطني. والذي يحظى بالمتابعة والدعم والمساندة من قبل قيادة هذه البلاد المباركة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وهو ما لمسناه في الثلوثية طوال هذا العمر ولله الحمد. أما الفكرة فقد كانت في بدايتها تطمح إلى إقامة مجلس ثقافي عام يستضاف فيه إحدى الشخصيات الثقافية والفكرية المعروفة والذي له اهتمام أو مشاركة في العلم والأدب والفكر والثقافة. متحدثاً عن تجربته العلمية أو سيرة حياته الشخصية أو يتم اختيار موضوع سهل التناول والاستماع إليه من قبل الحضور. ذلك أن التباين في الحضور من الضيوف يستلزم مراعاة الفوارق الفكرية والثقافية بعيداً عن المحاضرات العلمية المتخصصة التي قد يكون روَّادها من المهتمين في ذلك الجانب العلمي فقط. كما عنيت الثلوثية بالمستجدات الثقافية العامة والشأن والحدث الاجتماعي وسعت إلى استضافة بعض أولئك ممن لهم مشاركة أو الإسهام في تلك الشؤون. وتسعى الثلوثية إلى منحى آخر يتضمن رمزية الاحتفاء والتكريم للشخصية الضيف عبر تقديمه للحضور وبيان سيرته الذاتية وجهوده العلمية وفي نهاية اللقاء يتم تقديم درع تذكاري بهذه المناسبة وتناول طعام العشاء. كما دأبت الثلوثية على مراعاة أهمية وضرورة الحضور وإتاحة أكبر قدر ممكن من المداخلات والتعليقات من قبلهم، إضافة إلى الاستماع إلى الأسئلة وعدم التردد في الطرح الجاد والمفيد. ولقد سعت الثلوثية التي نأمل أن تكون رديفاً للمناشط الثقافية والعلمية التي أشرعتها وترعاها دولتنا المباركة حفظها الله، مؤكدة على الأهداف التالية: 1- السعي إلى تقديم وإعطاء الحضور زاداً معرفياً وثقافياً سهلاً وعمارة المجالس العامة بتلك الفوائد والقلائد التي ينثرها الضيوف خلال حواراتهم ونقاشاتهم. 2- لفت نظر المهتمين إلى عدد من المبرزين في العلوم الثقافية والاحتفاء بإنتاجهم وتكريم وتقدير جهودهم وخصوصاً من جيل الروَّاد الكبار. 3- بث روح الحوار وتقريب وجهات النظر المتباينة حول بعض الرؤى والطروحات وتعويد الأجيال الناشئة إلى حسن الاستماع إلى الآخر وحسن الظن به وتلمس موضوع الصواب عنده وعدم التعالي عن قبول الحق وسماع المخالف. 4- إشاعة روح الحراك العلمي والثقافي خصوصاً بين «المثقف» والشباب من خلال اللقاء الشخصي المباشر والمفتوح في جو تسوده روح الود والنقاش العلمي المؤصل وإبعاد أوهام الحساسية والندية والانكفاء. 5- التأكيد على الهوية الثقافية الأصلية لبلادنا المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله، ومد الجسور والتواصل مع الثقافات الأخرى والاستفادة منها بما تتماشى مع هويتنا ومبادئنا. 6- المساهمة في التعريف بما تعيشه المملكة من نهضة علمية وفكرية وثقافية وحضارية شاملة خصوصاً في الإنتاج الأدبي والثقافي والفكري وانتشار الكتاب وشيوع المكتبات. 7- التأكيد على الحضور والتواجد المثمر الفعال في شتى المناسبات الوطنية التي تعيشها بلادنا المباركة والمشاركة فيها والعمل على تفعيلها والإفادة منها خصوصاً لشرائح المجتمع المثقفة. 8- المشاركة بالقضايا الاجتماعية الآنية وطرحها للحوار والنقاش والسعي لإيجاد الحلول المناسبة لها خصوصاً ما يطرأ من إصلاحات سياسية واجتماعية تقوم بها الدولة في ظل المؤسسات الثقافية والاجتماعية. وخلال مسيرة الثلوثية التي بدأت عام 1421ه استضافت عدداً من أصحاب المعالي والفضيلة والسعادة العلماء والأدباء والذين أثروا تلك الجلسات بمزيد علمهم وفكرهم ونظرهم وتجربتهم. وفي هذه الاحتفالية التي يرعاها معالي الوزير الشاعر والأديب الدكتور عبدالعزيز محي الدين خوجه تتطلع إلى مواصلة رسالتها المتناغمة مع الدور الرئيس الذي تنهض به المؤسسات الثقافية التي ترعاها الدولة وفقها الله وبإشراف مباشر من معالي وزير الثقافة والإعلام ولذلك بادرت الثلوثية إلى عقد شراكات مع عدد من المؤسسات الثقافية وعلى رأسها النادي الأدبي بالرياض وغيره من المؤسسات الثقافية. وفي الختام أجدها فرصة لتقديم الشكر والتقدير لجميع الإخوة والأخوات الذين أثروا الثلوثية بحضورهم ومشاركاتهم وآرائهم وتشجيعهم راجين أن نكون وفقنا في تقديم بعض من الواجب الوطني الثقافي لبلادنا الغالية.