الشخصية التي أريد أن أتحدث عنها هي شخصية معالي الشيخ عبد العزيز التويجري، فهي شخصية أشهر من علم في رأسه نار، شخصية يعرفها الكل لما لها من أثر بارز في المجتمع السعودي ولما قدمه -رحمه الله- من أعمال وجهود في خدمة هذا الوطن المعطاء. يعتقد الكثير أنك عندما تكتب عن شخص مشهور يكون هذا أسهل بكثير من أن تكتب عن شخص مغمور، ونقيض ذلك صحيح لأن الشخص المعروف يعرف الناس عنه الكثير فهو كتاب مفتوح للناس قد لا تجد جانباً في شخصيته إلا قد ذكر وعرف.. عودتنا الأسرة الحاكمة في هذا البلد الجميل الذي حباه الله بكثير من النعم والخيرات، منها الأماكن المقدسة، ومهبط الوحي، وموطن خاتم الأنبياء، والأمن والأمان، والثروات الطبيعية (الذهب الأسود) وغيرها.. مما جعل كثيراً من أبناء شعوب العالم يتوقون إلى الذهاب إليه لزيارته أو العمل فيه، وهذه الأسرة الكريمة المحبوبة من أبناء هذا الشعب عودتنا على ذكر الجميل لصاحبه، والاحتفاظ بالود والمحبة لمن يستحقها والتواصل بين الحاكم وبين أبناء شعبه، والسؤال عن الصغير والكبير، وذلكم هو الأمير سلمان -حفظه الله- فإذا تقدم له أحدٌ في مسألة وقرأ اسمه وعرفه أخذ يسأله عن والده وأهله وأحوالهم، وبذاكرته الحادة فإنه لا ينسى الكثير ممن يعرفهم ويتعامل معهم -أمده الله بالصحة والعافية- وهذا الجانب قد يغيب عن الكثير الذين لا يعرفون جانب اللحمة بين أبناء الشعب السعودي وبين أسرته الحاكمة. فمعالي الشيخ عبد العزيز التويجري -رحمه الله- شخصية فريدة في كثير من صفاته، فلقد جمع بين معرفة الناس والجد والإخلاص في العمل، والذكاء والفطنة، ولا يأتيه أحدٌ ويخرج من عنده إلا وهو راضٍ عنه كل الرضا، يقضي حاجات الناس حسب ما أوكل له، فقد كان الرجل المناسب في المكان المناسب، ولم يوثق به من فراغ -رحمه الله- حتى وهو في طريقه من المكتب إلى المسجد لأداء صلاة الظهر يعترضه الناس ويقف ليشرح لهم ويأمر بألا يمنعهم أحد، اتصف بالذكاء وملاطفة الناس والرفع من معنوياتهم، كان -رحمه الله- كلما جئته يقول أمام الناس لي لقد جمعت بين اثنتين العلم والشيخة ويجلسني بجانبه ويتجاذب معي الحديث، وكان مثقفاً وأديباً واسع الاطلاع، وهكذا مع كثير من الناس، لا تجد من لا يحبه، فقد كسب الناس لذا قد افتقدوه، بقدر ما تقدم تأخذ (you take as much as you give). يغادر بعض الناس هذه الدنيا ويُنسى، والقليل إذا غادر لا ينسى مع مرور السنين، ولكن هذا هو حال الدنيا وسنة الله في خلقه، أموات وأبناء أموات، والبقاء والخلد لله رب العالمين، ترك لنا مدرسة نتعلم منها، وسار أبناؤه على دربه وهديه واكتسبوا صفاته. اتصف -رحمه الله- بالذكاء والتدين منذ الصغر ففي أحد المرات كان يتحدث ويقول عندما كنت صغيراً في سن الثانية عشرة، خرجت مع قريبي خارج المجمعة كعادة الناس، لجلب طعام للحلال في أحد شعابها، وفي آخر النهار مر بنا رجل من البادية حديث الزواج ومعه زوجته على راحلته، وكان مكشوف الرأس ويغني، فدهشت كيف يغني مع المغرب وهذا وقت استغفار وذكر، وكنت صغيراً تنقصني الخبرة والدراية، فقلت له يا رجل ما تخاف الله. فأناخ راحلته وإذا بيده سلاح فاتجه إليّ ففكرت في الأمر والتخلص من الموقف فقلت ليس هناك خلاص من هذا المأزق إلا اللجوء إلى زوجته فدخلت عليها فقالت له «دخل الدخيل وسلم». كان -رحمه الله- يحفظ القصص والأنساب ويقدر الناس ويحترمهم ولم يتغير طبعه طوال حياته، حتى مماته، كان هادئ الطبع، وردوده حاضرة سريع البديهة، يحتفظ بالود للناس، ينطبق عليه قول الشاعر العربي: ما إن أعد المكارم خصلة إلا وجدتك عمها أو خالها إن المكارم لم تزل معقولة حتى حللت براحيتك عقالها من أسرة كريمة برزت رجالاتها في خدمة الوطن، فالمسيرة لم تنقطع والبركة مستمرة، رحمك الله يا أبا عبد العزيز وأسكنك فسيح جناته، وأكثر الله من أمثالك، ولا نزال نذكرك وندعو لك ما حيينا.