سيرة زاخرة ومدرسة كبيرة كلها في شخصية الشيخ عبدالعزيز التويجري الرجل الإنسان بحسب ما يصفه من عاصروه أو تشرفوا بالقرب منه، فالدكتور عبدالعزيز الخضيري يقول: إن الحديث عن عطاء معالي الشيخ الوالد عبد العزيز بن عبدالمحسن التويجري في مناحي الحياة يحتاج إلى آلاف المقالات ومئات المحاضرات وعشرات الكتب، لأن رحلة العطاء لدى معاليه مليئة بمختلف الدرر والجواهر الثمينة من نصح وتوجيه وعمل جاد جاء من خلال مخرجات كثيرة كتبها في رسائل لمحبيه وأخرجها من خلال العديد من الكتب واللقاءات والمحاضرات والكلمات والحوارات التي تركت كبير الأثر في من وجهه له أو استمع إليه أو عاش بالقرب منه، إلا أن أثره الأكبر هو التأثير المباشر في الآلاف من الشباب السعودي ممن ساعدهم في مسيرة حياتهم ووضعهم في مصاف القيادات القادرة على التطوير والتغيير في مجتمعاتهم. ويضيف: لقد كان لمعالي الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري، يرحمه الله، الأثر العظيم والتأثير المباشر في مجتمعه الصغير في سدير أولا ثم في مجتمعه الكبير السعودية فلم يترك فرصة يساعد من خلالها أبناء الوطن بالتوجيه والمتابعة والنصح إلا وسلكها. يدين له الكثير من أبناء المملكة بالفضل في إعادة رسم مسيرة حياتهم المستقبلية، يذكره الكثير منهم بنصحه الصادق والمباشر وتطلعه من خلالهم إلى نهضة تنموية ثقافية في مختلف مناحي الحياة في المملكة دون تمييز بين شرقها أو غربها، شمالها أو جنوبها أو وسطها. يذكره الكثيرون ممن عملوا معه وتعلموا من حكمته ونصحه، إنه لم يفرق في طرحه وتوجيهه ونصحه بين أبناء المملكة خصوصا أن تعامله مع مرحلة بناء الحرس الوطني شملت مختلف أبناء المملكة وخصوصا أبناء البادية منها، كان حريصا كل الحرص على تعليم ومساعدة أبناء البادية ودفعهم نحو التعلم وتسلم زمام القيادة في مختلف الأجهزة الحكومية والخاصة يدفعهم نحو التعلم بدلا من اللجوء إلى الوظائف البسيطة، يساعدهم بكل ما يستطيع من جاه ومال ونصيحة وإرشاد وتوجيه للعمل الجاد الناضج المنتج. وأكد أن إلقاء الضوء على دور معاليه، يرحمه الله، يجعل من تجربته تجربة وطنية تمثل النموذج السعودي الوطني الذي أثر تأثيرا إيجابيا ليس في مرحلة من مراحل التنمية في المملكة وإنما في العديد من المراحل سنعيش معها رحلة طويلة من العطاء والإنماء وتغير المفاهيم الخاطئة عن فئة من مجتمعنا. لقد كان معاليه، يرحمه الله، يمتاز بعلاقاته المتعددة مع أطياف المجتمع السعودي وغير السعودي وهذا ما تحدث عنه الكثيرون ممن حظوا بلقائه والاجتماع معه وهو ما لا يخفى على أحد. بصمات خالدة أما مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل فأشار إلى أن بلادنا تزخر برجال صنعوا التاريخ وتركوا بصماتهم في مسيرة العلم والأدب والثقافة والعلوم الإنسانية. وثمن أبا الخيل احتضان جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية هذا الكرسي الذي يحمل اسم شخصية وطنية لها أهمية كبيرة، مقدما شكره لأبناء معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري يرحمه الله على إنشاء الكرسي. وأكد أنه جاء وفاء لرجل العطاء والوفاء، لرجل يستحق كل المكارم والوفاء، مشيرا إلى أن الكرسي يكتسب أهمية خاصة من خلال ارتباطه باسم عبدالعزيز التويجري، وبموضوعه المتعلق بالدراسات الإنسانية التي تمس حياة الفرد والمجتمع. ورأى الدكتور أبا الخيل أن ما يدعم أهمية وجود الكرسي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ما يتوافر في الجامعة من إمكانات علمية بشرية ومادية، ومن كفاءات عالية التأهيل ومتعددة المعارف والقدرات في مجال اهتمام الكرسي، مبينا أن الكرسي سيكون حلقة وصل مؤثرة في برنامج كراسي البحث المتميزة في الجامعة من خلال أنظمتها وخططها واستراتيجياتها، ما جعل الجامعة تحتل مركزا مرموقاً من حيث تصنيف معايير الجودة. وأبدى سعادته بالتجاوب والتعاون الذي وجدته الجامعة من أبناء معالي الشيخ عبدالعزيز التويجري يرحمه الله. وأضاف: الكرسي يحيي ذكرى خالدة لرجل خدم دينه ووطنه وولاة أمره، وأعطى وأفنى عمره، وقضى أوقاته وبذل جهوده وفاء للدين والوطن بكل أمانة وإخلاص. وكان مضرب المثل للعمل الجاد والبناء. وأكد أن الكرسي سيكون طريقا ومسلكا لإثراء العديد من العلوم الإنسانية على كل المستويات والأصعدة العامة والخاصة. الكاتب السعودي مشاري الذايدي قال إن كل شخص قدر له أن يرى الشيخ عبد العزيز، ولو مرة واحدة، أظن أنه سيحتفظ له بذكرى خاصة ولمسة حميمية، فهو سيد اللمسات الذكية التي تقع على القلب بردا وسلاما، وهو صاحب نظر، وأي نظر في الناس، يعرف من يدني ومن لا. وأضاف: كل من قدر له معرفته أو مجالسته ولو مرة واحدة، لا ينسى هذا الشيخ، دعك من كونه وزيرا أو مستشارا أو وجيها أو ثريا أو مؤلفا، فكل هذه الصفات هي إضافات لمضاف إليه، هو عبد العزيز التويجري، فهو كساها كسوة نفيسة منه، ولم تكن شيئا جميلا إلا بجمال لابسها ومرتديها. هذا السياسي والإداري والإنسان، كان ممتع الحديث، وذكي الملاحظة، ولكن من يعرفه يعرف أن قصة عبدالعزيز التويجري المفضلة، كانت هي قصة الملك عبدالعزيز. أما منصور إبراهيم الدخيل مدير مكتبة مكتب التربية العربي لدول الخليج، فقال إن الشيخ التويجري يرحمه الله يتميز بصفات قد تكون مفقودة في هذا العصر حيث إنه ارتبط بأسرته ارتباطا وثيقا وعاش مع أبناء عمومته في بيت واحد، كما كانوا يعيشون أثناء حياة والديهم ولم ينفصل عنهم إلا في السنوات الأخيرة التي سبقت تعيينه في الحرس الوطني، وكان بإمكانه أن يستقل بمنزل خاص به، ولكنه فضل الترابط والتراحم على كل شيء، فأسرته هي شغله الشاغل، وامتد هذا الترابط إلى العائلة مجتمعة، كذلك لم يهمل أبناء بلدته، بل امتزج بهم يشاركهم همومهم وأحزانهم يزورهم في بيوتهم يتسامر معهم، بيته مفتوح لهم كريم في كل شيء عونا وسندا يستخدم جاهه وعلاقته في سبيل مساعدتهم وتذليل الصعاب التي تواجههم، بل امتد عطاؤه إلى الصحاري والبوادي والهجر تفنن في معرفة سلم العرب وعاداتهم وتقاليدهم، فلهذا استطاع أن يكسب حب أبناء البادية، وكان ولاة الأمر حفظهم الله وما زالوا يدركون هذه الخاصية التي يتمتع بها وهي من العناصر التي تتميز بها هذه المدرسة. ثقافة وإدارة من جانبه، يقول الإعلامي إدريس الدريس إن الشيخ عبدالعزيز التويجري يرحمه الله دخل من باب الفكر والثقافة فكان خير داخل، ودخل من باب الإدارة في سن مبكرة فكان (العراب). ويضيف: إن كثيرا من التحديثات والتغييرات الإيجابية اللافتة التي طالت قطاعا كان ينظر إليه قبل ثلاثة عقود بالهزء وتصمه ألسنة الناس الحداد بالتخلف والجهل إنما تسربت بهدوء من تحت عقال الشيخ عبدالعزيز وهو الذي كان منذ ذلك الوقت ذراعا يمنى لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ويلفت الدريس إلى أن الشيخ التويجري كان النائب والإداري الخبير والمحنك الذي أخلص لعمله ردحا طويلا من الزمن، جاء على حساب اهتماماته الفكرية التي قيض الله لها أن تخرج بعد حين من الدهر تباعا في مؤلفات لتلفت الأنظار إلى هذه القدرات الإبداعية التي كادت تواريها محرقة العمل وكادت تغمرها ملفات وهموم الوظيفة. الدكتور صالح بن حمد التويجري، قال إن الشيخ عبدالعزيز منظم في كافة شؤون حياته، في أكله ومشربه ونومه واستيقاظه وفي عمله، كما أنه دؤوب لا يعرف الكلل أو التقصير غداؤه غداء عمل وعشاؤه عشاء عمل وما بينهما عمل بالإضافة إلى دوامه اليومي بالحرس الوطني الذي يبدأ في الصباح الباكر، ورغم هذا البرنامج المزدحم فإنه يجد الوقت الكافي للقراءة والكتابة وممارسة رياضة المشي، والقيام بالواجبات الاجتماعية التي يحرص عليها مثل زيارة المرضى والمشاركة في الأفراح والأتراح، كما أنه قريب جدا من عامة الناس وخاصتهم يخصص النصف الأول من بعد صلاة العصر للنساء من أفراد الأسرة، أما الرجال فيقابلهم في النصف الثاني من بعد صلاة العصر ويسأل عن أحوال الكبير والصغير ويتلمس حوائجهم ويغمرهم بعطفه وكرمه وأكثر ما كان يشد انتباهي إحساسه المرهف بآلام الناس ومعاناتهم وحرصه الشديد على قضاء حوائجهم. وأضاف: أحرص كغيري من أبنائه على حضور مجلسه الذي أعتبره مدرسة للفكر والثقافة والأدب وتعلم فنون الإدارة والحوار وأعجب بثقافته العريضة وفلسفته العميقة وقدرته وجلده على الحوار والنقاش. ولا تملك في أحيان كثيرة إلا أن تشعر بازدراء ما تعلمته في الجامعات أمام العلم الغزير لهذا الرجل وينتقل مجلسه أو صالونه الأدبي والفكري معه إلى مكان تواجده في إجازاته الصيفية.