محددات الطلب على الأسمنت بالسوق المحلي خلال 2011-2013م تشهد المملكة زخما متصاعدا بالقطاع العقاري، عززته قرارات ملكية ببناء نصف مليون وحدة سكنية تبلغ كلفتها ما يناهز 300 مليار ريال، قامت الجهات الرسمية بتسليم 200 مليون متر مربع لبناء ربع مليون وحدة سكنية، وسط توقعات بأن يزداد هذا الزخم مع صدرو قانون الرهن العقاري الذي بات قريبا، والذي سيسهم في نمو الطلب على المساكن، مع الأخذ في الاعتبار أيضا النمو المتزايد عدد سكان المملكة، وبالرصد والتحليل يمكننا القول إن قطاع الأسمنت وهو جزء أساسي في صناعة العقار سوف يشهد ارتفاعا في الطلب خلال الخمس سنوات المقبلة على أقل تقدير، وفي حال إضافة عناصر الطلب النابع من المدن الجديدة (سواء الصناعية أو الاقتصادية) التي انطلقت عمليات بناؤها مؤخرا، وأيضا بإضافة قوة الطلب النابع عن الأسواق الخليجية نتيجة السماح بالتصدير، أو رفع الحظر عن تصدير الأسمنت، فسنجد أن قطاع الأسمنت يمتلك قوة طلب عالية جدا قد يعجز العرض المحلي عن تغطيتها، البعض يتحدث عن فائض عرض، أو حدوث نوع من الركود خلال الشهور الأخيرة، إلا أنه ينبغي الحذر في أخذ هذه الفترة كمؤشر عن سوق الأسمنت، لأن فترة الشهور الست الأخيرة انطوت على عناصر ومستجدات سياسية واقتصادية حيدت العناصر السوقية الحقيقية للأسمنت، فالأزمات العالمية وأيضا ثورات الربيع العربي لا تزال تعطل قوة الطلب السوقي على الأسمنت، بل أنها تعطل قوة تحرك كثير من المشروعات محليا نتيجة القلق السياسي في المنطقة الإقليمية، باختصار وبلغة الأرقام، فإن سوق الأسمنت أو حجم الطلب على الأسمنت عالٍ للغاية وقد يكون السوق في حاجة ماسة لدخول شركات الإنتاج الجديدة لتغطية كامل هذا الطلب السوقي . 52.7 مليار ريال حجم الاستثمارات في قطاع الأسمنت السعودي بسوق الأسهم يحتاج تحليل حجم الاستثمارات بالسوق المحلي دراسات مستقلة لتجميع الشركات المدرجة بسوق الأسهم وتلك غير المدرجة أو التي على وشك الإدراج، إلا أننا للتبسيط سنعتمد على الشركات المدرجة بالسوق كمؤشر أساسي على حجم سوق الأسمنت بالمملكة، حيث يوجد بسوق الأسهم عشر شركات، يصل حجم أسهمها المصدرة إلى 1.1 مليار سهم، منها حوالي 831 مليون أسهم حرة، في مقابلة 275 مليون سهم غير متداولة، وتصل القيمة السوقية للشركات العشر المتداولة بالسوق إلى حوالي 52.7 مليار ريال، في حين تصل حقوق المساهمين إلى 20.7 مليار ريال .. وتعتبر شركة الأسمنت السعودية من كبار الشركات العاملة بالسوق من حيث حجم الأسهم المصدرة (153 مليون سهم) ، يليها أسمنت الجنوبية بنحو 140 مليون سهم، يليها أسمنت اليمامة بنحو 135 مليون سهم. قطاع الأسمنت على رأس القطاعات الرابحة بالسوق بداية يعتبر قطاع الأسمنت من القطاعات التي خرجت جميع أسمهما رابحة في الثلاثة أرباع المنتهية من عام 2011م. كما أنه باستثناء أسمنت الشرقية، فإن كافة شركات القطاع أحرزت نموا إيجابيا في صافي أرباحها للفترة المنتهية من 2011م مقارنة بمثيلتها من العام السابق، وقد استطاع سهم أسمنت الجنوبية تحقيق أعلى ربح بمقدار 645 مليون ريال في التسعة أشهر الأولى من عام 2011، وبمعدل نمو مقداره 31% مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق 2010، يليه في المرتبة الثانية أسمنت السعودية، بصافي أرباح بلغت 619.9 مليون ريال، وبمعدل نمو 22% أما أسمنت اليمامة فقد بلغ صافي أرباحه 549 مليون ريال، وبمعدل نمو بلغت نسبته 10% خلال الأشهر التسع المنصرمة من عام 2011م، ومن الملفت للانتباه، ما أحرزه سهم أسمنت الجوف من أعلى نمو في الأرباح، فقد تحول من الخسارة بقيمة 1.9 مليون، إلى ربح مقداره 68.5 مليون ريال في عام 2011م وبمعدل نمو بلغ 3705%. تطور مكرر الربحية لأسهم الأسمنت من المعروف أن مكرر الربحية يعد مؤشر هام لمدى جاذبية السهم لدي المستثمرين، فهو يقيس نسبة سعر السهم في السوق إلى العائد على السهم من أرباح الشركة، وكافة مكررات ربحية الأسمنت تعتبر ممتازة ومقبولة، باستثناء سهم أسمنت الجوف الذي يسجل ارتفاعا بعض الشيء (24.9 مرة) وإن يسجل تحسنا ملحوظا عنه في عام 2010م، فقد كان يسجل قيمة سالبة، إلا أنه بوجه عام، فإن كافة أسهم الأسمنت تسجل مكررات تتراوح بين 1.5 إلى 15.2 مرة ، وهي مكررات تضفي جاذبية على القطاع ككل. قطاع الأسمنت يساهم بنحو 4.28% من رسملة السوق لقد شهد قطاع الأسمنت نقلة نوعية في مساهمته في رسملة السوق، حيث ارتفع من 3.44% في الربع الثالث من عام 2010م إلى 4.28% خلال الفترة نفسها من العام الحالي 2011م ويعزى جزء أساسي من هذه الزيادة إلى الارتفاع في الأسعار السوقية لأسهم القطاع، نتيجة ملامسة المستثمرين التحسن الكبير في نتائج أعمال شركات القطاع، وعلى مستوى الشركات المساهمة في القطاع، تحتل أسمنت الجنوبية موقع الصدارة بين مثيلاتها من الشركات، وبمشاركة بلغت نسبتها 0.84%، ويليها أسمنت السعودية بنسبة مشاركة 0.8%، ثم أسمنت اليمامة والتي بلغت نسبة مشاركتها 0.7%، أما أقل الشركات مشاركة في رسملة السوق فهما شركتي أسمنت تبوك وأسمنت الجوف بنسبة مشاركة متماثلة بلغت 0.16%. مؤشر قطاع الأسمنت يربح 20.4% منذ بداية العام رغم أن عام 2011م شهد اضطرابا شديدا على مستوى كافة القطاعات، إلا أن قطاع الأسمنت تمكن من الخروج رابحا بسوق الأسهم بنسبة بلغت 20.4%، وقد حدثت معظم هذه الأرباح خلال الفترة منذ مايو الماضي وحتى الآن، وبالطبع هي الفترة التي شهدت توالي القرارات الملكية الخاصة بقطاع الإسكان، والتي غيرت من نظرة المتداولين لأسهم القطاع. التنبؤ بمستقبل قطاع الأسمنت السعودي إن زيادة الطلب على الأسمنت وارتفاع أسعاره، واللذان ساهما بدورهما في تمكين شركات الأسمنت من جني تلك الأرباح الملحوظة خلال العام الحالي من المتوقع أن يؤثران تأثيراً إيجابياً علي حركة التداول على أسهم القطاع خلال الفترة المقبلة أيضا، إلا أنه على الرغم من هذه النظرة الإيجابية لمستقبل أسهم وشركات الأسمنت. إلا أن هناك عوامل وعناصر ومعايير أخرى ينبغي أخذها في الاعتبار للجزم بمستقبل القطاع، فالطلب لا يزال يسجل اختلافا من منطقة لأخرى بالمملكة، كما أن فتح الحظر على التصدير لن تستفيد منه كافة شركات الأسمنت بنفس الدرجة، كما أن هناك مشكلات وصعوبات تشغيلية ينبغي أخذها في الاعتبار عند تكوين صورة متكاملة لمستقبل القطاع، وعلى رأسها مشكلة عدم التوافر الكامل للوقود لبعض الشركات، بما يتسبب في توقف بعض خطوطها الإنتاجية أحيانا حسب تعليقات بعض أصحاب الشركات، وبالشكل الذي قد يؤثر علي إنتاجية هذه الشركات، بل ويقلل من حجم مبيعاتها ومن ثم يحجم مقدار ربحيتها. لذلك، فإننا سنفرد هذه العناصر والمتغيرات في تقرير آخر مستقل للبحث في مستقبل قطاع الأسمنت في سياق واقعي وحقيقي. بل أن الجزم بمستقبل قطاع الأسمنت بالسوق المحلي يتطلب منا الوقوف على الواقع الراهن والمشكلات والصعوبات التي تجابه الشركات الأخرى للأسمنت التي لم يتم إدراجها بسوق الأسهم.. فحسب عدد تراخيص الأسمنت يوجد هناك أكثر من 120 شركة أسمنت إما قامت أو في طور التأسيس أو في مراحل التشغيل الأولى أو أنها اشتغلت بالفعل، ولكنها لم تدرج بسوق الأسهم هذه الشركات ينبغي أخذها في الاعتبار وخاصة أن بعضها من المخطط أن تفوق طاقاتها التشغيلية طاقات كبار المصانع القائمة، غير أن قطاع الأسمنت في ظل دخول هذه المصانع المرخصة للسوق من المتوقع أن تغير خريطة سوق الأسمنت كلية، وخاصة في ضوء احتمالات اشتعال المنافسة بين الشركات الجديدة فيما بينها وفيما بين وبين الشركات القديمة، ولا نبالغ إن قلنا أن قطاع الأسمنت أصبح من القطاعات الشائكة خلال الآونة الأخيرة، ويتطلب منا عمقا للتنبؤ بمستقبله، وهذا ما سنتناوله في تقرير لاحق بالتفصيل.